لم تكن
القوة العربية المشتركة، التي وافق القادة العرب على تشكيلها، في قمتهم السادسة والعشرين التي اختتمت أعمالها بمدينة شرم الشيخ
المصرية في وقت سابق الأحد، بالفكرة الجديدة، لكنها فكرة طرحها عبد الفتاح السيسي قبل نحو شهر من القمة، في حوار مع قناة "العربية" السعودية، خلال زيارته للرياض، مطلع آذار/ مارس الجاري.
ومنذ طرح الرئيس المصري هذه الفكرة، والجدل يدور حولها، بين من يرى أن مصر بإمكانها استصدار قرار من
القمة العربية بتشكيلها، وبين من يرى أن الخلافات العربية ستمنع الاتفاق حول تلك القوة، بالإضافة إلى أن عملها قد يحتاج إلى موافقات دولية من الدول الكبرى.
وفجر يوم الخميس الماضي، قبل يومين من بدء أعمال القمة العربية، انطلق تحالف "
عاصفة الحزم" الذي تقوده السعودية بمشاركة عدة دول عربية للدفاع عن السلطة الشرعية في اليمن، ليمنح هذا التدخل العسكري زخما لفكرة الرئيس المصري، بل أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي قال عن "عاصفة الحزم" في كلمته بالقمة العربية إنها "تطبيق عملي للدعوة الجادة لتشكيل قوة عربية مشتركة".
ودارت أغلب كلمات الزعماء العرب في القمة العربية، حول الفكرة، لينتهي البيان الختامي للمؤتمر إلى موافقة القادة العرب على تشكيلها، وسط تأييد لهذه الخطوة، ليبدأ السؤال الأهم بعد الاتفاق على تشكيلها، وهو: ما هي حدود تدخلات هذه القوة؟.
سياق عاصفة الحزم
الإجابة على هذا السؤال تقتضي مراجعة السياق المصاحب لانطلاق عاصفة الحزم السعودية، فالإعلان عنها جاء على لسان سفير السعودية لدى الولايات المتحدة الأمريكية، عادل بن أحمد الجبير، عبر مؤتمر صحفي عقده في الساعات الأولى من يوم الخميس الماضي في مقر السفارة بواشنطن.
وقال بيان صادر عن المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، برناديت ميهان، في نفس اليوم "كانت الولايات المتحدة على اتصال متقارب مع الرئيس اليمني هادي وشركائنا الإقليميين، وعلمنا أن المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وغيرهم ستقوم بتنفيذ عملية عسكرية للدفاع عن الحدود السعودية، ولحماية الحكومة اليمنية المشروعة في ردٍ على تدهور الأوضاع الأمنية هناك".
وبعد انطلاق عمليات "عاصفة الحزم" بادرت فرنسا وبريطانيا إلى تأييدها، وهو الأمر الذي سيقود في النهاية إلى الخروج بنتيجة وهي أن "الموافقة الدولية أعطت إشارة الانطلاق للعاصفة، وبدونها لم تكن الدول المتحالفة بقيادة السعودية، ستقدم على هذه الخطوة".
نفس هذا الأمر سينسحب، في رأي محمد علي بلال، اللواء المتقاعد في الجيش المصري، على القوة العربية المشتركة، الذي قال إن "اتفاقية الدفاع العربي المشتركة، لم تُفَعَّل منذ توقيعها في عام 1950"، مشيرا إلى أن ذلك كان ذلك مرتبطا بتفاهمات دولية.
وأضاف بلال إنه "عندما سمحت هذه التفاهمات بالتدخل في اليمن، انطلقت عاصفة الحزم، وتبقى هذه التفاهمات هي الحاكمة لأي تحرك مستقبلي للقوة العربية المشتركة".
ويتفق مع الرأي السابق، المحلل السياسي السوري المقيم في ألمانيا، نبيل شبيب، والذي قال إنه "إذا كان تحالف عاصفة الحزم قد انطلق لوقف التمدد الإيراني عن طريق الحوثيين في اليمن، فلماذا لم يتدخل في سوريا، رغم أن التمدد الإيراني أخطر هناك؟".
وتعتبر إيران داعماً رئيسياً للنظام السوري مادياً وعسكرياً في مواجهته للثورة الشعبية الذي اندلعت ضده منذ أكثر من 4 سنوات وتحولت تدريجياً إلى صراع مسلح بين قوات النظام والمعارضة سقط جراءه أكثر من 220 ألف قتيل، بحسب إحصائيات أممية.
وأضاف شبيب أنه "في اليمن كانت هناك تفاهمات دولية أجازت التدخل، بينما الوضع في سوريا لم يحدث بشأنه حتى الآن أي تفاهمات دولية".
وقلل المحلل السياسي السوري من فرص تأثير هذه القوة المشتركة حال تشكيلها، وقال: " التأكيد على أن الانضمام لها (القوة المشتركة) اختياريا، سيجعلها في النهاية عبارة عن تجمع بين الدول المتوافقة في الأفكار السياسية".
وقال نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية الأحد، إن "هناك إجماعا بين جميع الدول على إقرار مبدأ قوة عربية مشتركة، إلا أن المشاركة تبقي اختيارية لمن يريد".
وأضاف العربي في مؤتمر صحفي في ختام أعمال القمة بشرم الشيخ إنه "ليس الهدف هو تجميع قوة ووضعها في مكان أو آخر، وإنما التنسيق لتشكيل قوة موحدة، يتم الاستعانة بها في حال اتخاذ قرار سياسي".
وأشار إلى أنه "من المقرر أن يتم اجتماع رؤساء أركان الجيوش العربية خلال شهر، لبدء تنفيذ القرار"، مبينا أنه "حتى الآن لم نتفق بعد على طريقة تدخل القوة العربية المشتركة".