كتاب عربي 21

هل اقتربت ساعة السيسي؟

أنس حسن
1300x600
1300x600
لا يزال هذا هو السؤال الشاغل لكثير من المتابعين والمراقبين والمعارضين للسيسي ونظامه، متى يسقط السيسي؟ ومتى ينهار؟ وهل اقتربت ساعته؟ وهذا السؤال طالما تم طرحه، فهو يعكس فعليا "انسحابا" من واقع المواجهة الحقيقية، فالذي يهدم جدارا وهو منهمك في عملية الهدم يدرك كم بقي له لإنجاز مهمته، صحيح أنه يترك احتمالا للصدف والمفاجآت، لكنه على الحقيقة يقدر نسبيا حجم الجهد المطلوب ومسافة الطريق اللازمة لإنهاء مهمته.

أما إذا طرح الشخص سؤال "متى" ربما دل هذا على نقص في المعلومات عن الطريق نفسه وعن جهد الشخص في معرفة ماهية "المعركة" التي يخوضها والطريق الذي يسلكه والجدار الذي يهدمه، فهنالك دراسات تقديرية هامة تتم قبل الشروع في مشروع ما تبحث حجم المشروع ونوعيته وحجم الجهد المطلوب من موارد بشرية ومالية ومدد زمنية "تقديرية" تحدد بشكل نسبي ما يحتاجه المرء لإنجاز هدفه، وبالتالي فلا يصح أن تنهمك في معركة لم تحاول دراسة طبيعتها على الحقيقة ولا ما تريده أنت منها ولا ما تتوقعه أنت من خصمك. 

أما إذا أتينا لحالة "السيسي" لنعرف إجابة السؤال فإنه يسبقها دراسة الحالة المحيطة به (الخصوم/ الحلفاء/ معسكره)، أما خصوم السيسي المحليون فهم مضطربون بسبب الضربات الأمنية الشديدة بجوار غياب رؤية واضحة لم توضح بعد غايات الصراع الدائر وأدواته، كما أنها تعتمد أسلوب "القصور الذاتي" في التفاعل مع الأحداث ومبدأ الوقتية، أي التفاعل الوقتي دون الإعداد المسبق المنضوي تحت استراتيجية متوسطة المدى، كما أن النظام ناجح في المعركة النفسية نحو الشارع وأيضا في تكتيكات الإلهاء للخصوم كما أن تصدر نخبة هشة ورديئة في الجانب المعارض يجعلها عاجزة عن إنجاز أي خطاب ثوري حقيقي وقوي يمكنه النفاذ في الشارع أو الجماهير.

أما الخصوم الإقليميون فهنالك تقدم ملحوظ في أدائهم حيث أن قطر وتركيا في حالة استراتيجية أفضل بكثير من تلك التي تلت الانقلاب مباشرة وأعادوا ترتيب أوراقهم بما يتناسب والمستجدات الإقليمية وتم توظيف ملف "داعش/ إيران/ الحوثي" كمدخل لإعادة ترتيب أوراقهم الإقليمية وأنشأوا مجلس تعاون استراتيجي بينهم يمكنهم من التحرك ككتلة أمام كتل أخرى، كما أنهم اتجهوا للتواصل مع السعودية وقيادتها الجديدة لبناء منظومة تواصل أمام الخطر المشترك "الإيراني"، كما نجحت السعودية في تجاوز معضلة مصر بالنسبة لتركيا في محاولة لتقسيم الملفات الإقليمية بما لا يهدد مصالح الجميع، لكن ربما يؤثر ذلك سلبا وليس إيجابا على الملف المصري، وأقصى ما يمكن أن يقدمه هو مصالحة لا تعيد الإخوان أو مرسي للسلطة بل هي مضمونها "عفو" من النظام عن السجناء فقط!.

وفي حالة الحلفاء، أكدت السعودية والإمارات والكويت والإمارات على الدعم المتجدد بـ 12 مليار دولار بالإضافة لمشاريع استثمار مليارية في مصر مما يعني استمرار رؤية الخليج الداعمة لتمكين النظام العسكري بمصر رغم التقارب التركي السعودي والقطري، كما أن فوز نتنياهو يشكل دعما جديدا لصديق السيسي واستمرارا للتعاون "الخليجي/ الصهيوني" في ملف إيران ومصر ودعم صيغة التوافق بينهم حول هذه الملفات الرئيسية، كذلك قدمت المؤسسات الغربية والدول الكبرى اعترافا ضمنيا لمرتين بنظام السيسي أولاهما بالأمم المتحدة وثانيهما بالمؤتمر الاقتصادي ومستوى الحضور والتمثيل للمؤسسات الدولية الكبرى وبالأخص البنك الدولي. 

أما معسكر السيسي الداخلي فقد عانى من بعض التراجعات والتصدعات في الفترة السابقة إلا أنه استغل المؤتمر الاقتصادي كـ"بروباجاندا" في حشد أجهزة الدولة كلها تحت سطوته بحيث أشعرها بقوته الدولية وسطوته وحجم المشاريع الواردة حتي لو كانت "وهمية" إلا أنها ذات أثر ورسالة نفسية لشعبه ومعسكره أنه قد استطاع انتزاع اعتراف دولي واسع به ودعم لامحدود لمشروعه السياسي وبالتالي يكون هو المرجعية المطلقة والصورة النهائية التي لايجب أن يختلف عليها. 

بعد التناول "السريع" وغير المفصل للحالة الخاصة بالسيسي ومحيطه يتبين أنه لا يعاني كثيرا من خطر يتهدد "مستقبله السياسي" وموقعه في الدولة، بل إنه يتلقى دعما لامحدودا من جهات كبرى وحتى إن تلقى ضغطا سياسيا فهو يتعلق بتهدئة الأوضاع وليس بموقعه هو، وماقدمه للغرب من حرب على الإرهاب وتجريف لسيناء كان مطلبا أمريكيا سابقا وأوروبيا وبالتالي فهو خادم جيد وقوي. 

يبقى أن ما يهدد السيسي هو مشروعه الاقتصادي الداخلي من حيث تخفيض الدعم على السلع الاساسية والمواد البترولية والكهرباء والتي ربما تكون مدخل توتر اجتماعي حقيقي مالم يستطع السيسي تجاوز هذا الخطر بحنكة سياسية، وهذه التوترات رهن بتوظيف جيد من المعارضة لها بحيث تكون ورقة مواجهة جديدة إلا أن التجارب السابقة كشفت عجز المعارضة عن توظيف القضية الاجتماعية كما أثبت السيسي نجاحا إعلاميا ونفسيا في الحد من آثارها الجانبية. 

كما أن المعارضة الإسلامية الثورية وغيرها تعاني من ترهل وغياب هيكلة جيدة وضبابية رؤية ومسار، وعدم كفاءة الكوادر والوسائل الخاصة بالمواجهة وبالتالي إلى حين إنجاز إصلاح شامل ربما سينعم السيسي بستقرار مشوب ببعض التوترات والانفجارات التي يستطيع التعامل معها طالما لا توجد عناوين أكثر قدرة على خلق معركة كبرى ولم توجد كيانات بحجم الصراع وطبيعته.
التعليقات (15)
مدحت
الأحد، 22-03-2015 08:38 م
بصراحة بعيد عن المعارضة والسيسى شايف انس نسخة تانية من مصطفى بكرى بس بفئة عمرية قليلة شبة معارض ومضاد للتيار المعارض تفكير ليس بسطحى ولكن مدروس لاضعاف المعارضة في صورة شخص عاقل
رابح
الأحد، 22-03-2015 02:01 م
القضية اعمق من سقوط السيسي او حتى اغتياله المشكل ورم سرطاني مزروع باحكام يتلقى دعما لا يمكن تصوره منذ عقود مع تغييب ممنهج و مدروس لوعي المصريين زد عليه نفاقا مدمرا ممن لم يتوقعه احد و الهلباوي مثال على ذلك باختصار شديد مؤامرة كونية يدرك اصحابها انها معركة مفصلية في حياة الامة فلا داعي للاستعجال
بكر ابو الفضل
الأحد، 22-03-2015 09:10 ص
يا سيد انس ..... انسي الامر برمته لقد وهب الله مصر والعالم العربي شخص اسمه السيسي حتي يقودنا للنور والتطور والرقي ... وفي نفس الوقت هو قائد قدير وذو درايه وخبره وعنده الخلفيه الدينيه وواضحه في كلامه وافعاله ولسوف ينصره الله ويسدد خطاه ( انسي ياعم انس )
الإمام
الأحد، 22-03-2015 08:25 ص
الحقيقة أني لا أري في طرح كاتب المقال سوي غمز ولمز لقوي الثورة وخاصة الإخوان المسلمين. فليتصارح الكاتب مع نفسه ويخرج خبيئة نفسه. وإن كان حقا رجلا ثوريا فعليه أن يدلل علي ذلك وأن يتقدم صفوف الثوار بدلا من التنظير والتأطير واتهام قيادة الحراك الثوري التي تعمل في ظل ظروف بالغة الخطورة بأنهم نخبة هشة ورديئة في الجانب المعارض. وأذكر هذا المنظر أنه ورد في القرآن في غير موضع التساؤل من المؤمنين عن موعد النصر "ويقولون متي هو ، قل عسي أن يكون قريبا" فهل كان هؤلاء المؤمنون ومعهم رسول الله لايعملون ولاينهمكمون في الترتيب لهذا النصر!! لقد ركز الكاتب في جل مقاله علي تفحص الجبهة المعارضة للإنقلاب بكل نقيصة دون أن يتحفنا بأي حقائق عن معسكر الانقلاب المتصدع بحسب تحليلات جهات محسوبة علي داعمي الانقلاب، بل أجده حانيا رقيقا علي نظام الانقلاب. فلمصلحة من تتحفنا بأطروحاتك؟! لسان حالك يقول فالترضي الثورة بالأمر الواقع وما أري كلامك هذا إلا سهما مسموما لتحقيق غايات الانقلاب. كن شجاعا وحدد موقفك ولاتدع حقدك علي الاخوان يدفعك للنيل من قضية وطن !!
علي مرتضى
الأحد، 22-03-2015 08:10 ص
السؤال البديل الذي تطرحه يشوبه نفس عيوب السؤال الذي انتقدته. السؤال لا يجب أن يكون عن السيسي ولكن يجب أن يكون عن شكل نظام الحكم الذي ترتضيه المعارضة لمصر. التركيز على سقوط السيسي سيخلق فراغاً في السلطة بسبب غياب جهوزية المعارضة وبسبب نشوة الناس بسقوط رأس النظام دون إصلاح النظام نفسه. ولنا في سقوط مبارك الكثير من العبر.