ملفات وتقارير

قيادي إخواني: سنقاضي حكومة بريطانيا إذا شوهت سمعتنا

الاخوان
الاخوان
في برنامجها الإخباري التحليلي اليومي "نيوزنايت" خصصت قناة تلفزيون البي بي سي 2 BBC2 الفقرة الأولى من البرنامج في مساء الخميس 12 آذار/ مارس 2015 لخبر يبدو أن البي بي سي أحيطت به علماً، مفاده أن التقرير الذي كلف به رئيس الوزراء دافيد كاميرون سفير بريطانيا في السعودية السير جينكينز بخصوص الإخوان المسلمين سيعلن أخيراً الأسبوع القادم.

ويتضمن التقرير مقابلة أجراها مبعوث البي بي سي إلى إسطنبول نيك هوبكينز مع القياديين في جماعة الإخوان المسلمين عمرو دراج وزير التخطيط السابق ويحيى حامد وزير الاستثمار السابق.

ويستهل نيك هوبكينز تقريره بالقول إن دافيد كاميرون خضع لضغوط من المملكة العربية السعودية لوضع جماعة الإخوان المسلمين على قائمة الإرهاب، وإن رئيس الوزراء البريطاني لم يجد بداً من عمل شيء تجاه ذلك؛ لأن بريطانيا تستورد النفط من السعودية، وتصدر إليها السلاح، وتعتمد عليها في قتال الدولة الإسلامية.

وبعد أن أكد هوبكينز أن المعلومات الواردة إلى البي بي سي تشير إلى أن تقرير جينكينز لن يدين الإخوان بالإرهاب، سأل عمرو دراج إن كانت لدى الإخوان هواجس تجاه التقرير، فقال إن مصدر القلق ليس التقرير، الذي يبدو أنه لا يدين الإخوان بالإرهاب، وإنما الطريقة التي قد يفسر بها البعض بعضاً مما ورد في التقرير.

وحينما سأل مراسل البي بي سي يحيى حامد عن السبب في معاداة المملكة العربية السعودية للإخوان، بدا الرجل متفائلاً؛ إذ أشار إلى ما وصفه بالخطوات الإيجابية التي تبنّتها الإدارة الجديدة في المملكة العربية السعودية، وقال إن الإخوان سيتعاملون بإيجابية مع كل ما هو إيجابي، مؤكداً أن الأسس التي قامت عليها مخاوف نظام الحكم في عهد الملك عبد الله تجاه الإخوان لم تكن صحيحة على الإطلاق، ولم تكن مبررة بأي شكل من الأشكال.

ويعلق هوبكينز في تقريره على موقف المسؤولين في الحكومة البريطانية إزاء التقرير؛ إذ شبههم بمن يتقاذفون بينهم حبة بطاطس ساخنة، وكأنهم لا يريدون أن يحسموا أمرهم بشأنه، مضيفاً أنه بالرغم من أن التقرير لن يدين الإخوان بالإرهاب، إلا أنه لن يعطيهم شهادة حسن سلوك.

ويعلق يحيى حامد على ذلك قائلاً إن جماعة الإخوان لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء أي محاولة لتشويه صورتها أو الإساءة إليها، وأنه إذا ثبت أن ذلك هو ما يرمي إليه تقرير جينكينز، فإن الإخوان سيقاضون الحكومة البريطانية. فالإخوان، حسبما قال، معروفون بإصرارهم على السلمية وتجنب العنف، بل هم النقيض للجماعات التي تلجأ إلى العنف، كما قال.

ويعترف عمرو دراج بأن الإخوان، وربما قوى أخرى غيرهم، أخطأوا حين لم يخطر ببالهم أن العسكر في مصر يمكن أن يلجأوا إلى الانقلاب على النظام الديمقراطي الذي أفرزته ثورة 25 يناير. وقال: "ظننا أن مثل هذا الأمر ما كان ليحدث في القرن الحادي والعشرين. ورغم أننا شاهدنا بعض إرهاصات، إلا أننا قللنا من أهميتها في حينه".

ويشير هوبكينز في تقريره إلى أن نقاد الإخوان يرون الجماعة بوابة تلج منها الجماعات الممارسة للعنف، إلا أن عمرو دراج ينفي ذلك نفياً قاطعاً، ويؤكد أن ظهور تنظيم الدولة الإسلامية ما كان ليحدث لولا أن الغرب تواطأ مع العسكر في مصر على الانقلاب على الخيار الديمقراطي، ويقول: "لقد أضعنا فرصة من أيدينا، وها هو العالم بأسره الآن يصرخ ويولول، ويقول: نريد الاستقرار، ونريد محاربة تنظيم الدولة، ونريد كذا ونريد كذا. وكان بالإمكان تجنب المشكلة منذ البداية لو أن الديمقراطية أعطيت فرصتها، ولو أن المجتمع الدولي وقف إلى جانب الربيع العربي الذي كان كفيلاً بتوفير الاستقرار والديمقراطية في المنطقة". 

وأشار عمرو دراج إلى التناقض في موقف الغرب وموقف المجتمع الدولي، فهو من جهة لا يدعم الديمقراطية، ويسمح باضطهاد القوى المعتدلة التي تطالب بالديمقراطية، التي تعتبر خصماً لتنظيم الدولة ولمن على شاكلته، ثم يطالب من جهة أخرى المضطهدين بالوقوف في وجه الدولة الإسلامية، مؤكداً أن مثل هذه الممارسات المتناقضة هي التي توفر البيئة الأفضل للدولة الإسلامية لتنتشر وتزدهر.

وينهي نيك هوبكينز تقريره بالقول إن تقرير جينكينز يتعلق "بأكثر بكثير من مجرد ما يجوز أو لا يجوز لأكبر حركة إسلامية في العالم أن تمارسه داخل بريطانيا، وإنما بما إذا كان الغرب يراها قوة للخير أو تهديداً له". 

وبعد بث التقرير استضافت مقدمة البرنامج لاورا كوينسبيرغ السياسي البريطاني المخضرم ووزير الخارجية السابق السير مالكوم ريفكيند وجين كينينمونت الخبيرة المختصة بشؤون الشرق الأوسط في معهد تشاتام هاوس البريطاني.

وقال ريفكيند إن من حق الإخوان مثل غيرهم مقاضاة الحكومة البريطانية إن كانوا يظنون أن سمعتهم تتعرض للتشويه، ثم إن القضاء هو الذي سيحكم في الأمر، وإن كان يستبعد أن يصل الأمر إلى ذلك، حسبما قال.

وفيما يتعلق بالموقف السعودي، تحدث ريفكيند عن تجربته حينما كان وزيراً للخارجية في حكومة المحافظين في تسعينيات القرن الماضي حينما تعرضت الحكومة لضغوط هائلة من المملكة العربية السعودية التي كانت تطالب بوقف نشاط المعارضين السعوديين في لندن، بل وبإبعادهم عن البلاد، إلا أن رد الحكومة البريطانية آنذاك كان: "ما داموا لا يخالفون القانون، فلن نتخذه إجراء ضدهم". 

واعتبر ريفكيند أن الحكومة الحالية ربما خلقت لنفسها مأزقاً حينما قررت المضي قدماً في التحقيق بشأن الإخوان، واعدة بنشر الخلاصات على العامة، لأنها وجدت نفسها بين حلفاء مثل السعودية والإمارات يريدون إدانة الإخوان وحلفاء مثل تركيا وقطر لا يريدون ذلك.

وأما جين كينينمونت، فقالت إنه كان ينبغي على الحكومة توقّع أن يسبب التقرير لها صداعاً؛ لأنه سيرضى أناساً ويغضب آخرين، وذلك لأن جماعة الإخوان المسلمين من القضايا الخلافية الكبرى في منطقة الشرق الأوسط، ومع ذلك قالت إن من حق الحكومة البريطانية إجراء مثل هذا التحقيق حتى إذا ما أرادت أن تتكلم بشأن الجماعة أو كلمها بشأنها أحد، فستكون لديها معطيات صحيحة حول فكر ونشاط الجماعة وحول أهدافها.

وقالت جين كينينمونت إن ما يتوقع نشره هو ملخص قصير للتقرير أزيلت منه بعض العبارات والجمل. وبررت تأخر الحكومة في نشر التقرير، رغم أنه جاهز منذ شهور، بانشغالها في قضايا أخرى، وبحدوث تحولات مهمة في الساحة الدولية.

وعقب السير ريفكيند على ما ذكرته جين كينينمونت بالقول إنها محقة في أن ما سينشر سيكون مقتضباً جداً، إلا أنه لا مفر من أن تعلن على الملأ إجابة على سؤال "هل الإخوان منظمة إرهابية أم لا".

وأردف قائلاً: "نتوقع أن التقرير سيبرئ الإخوان من الإرهاب". وبين أن الأمر أشد تعقيداً مما يبدو، وذلك "أن حركة حماس في غزة على سبيل المثال، التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالإخوان، جرى تصنيفها على أنها منظمة إرهابية. إلا أن جماعة الإخوان المسلمين موجودة في كل أرجاء العالم العربي، ولعل بعض أفرادها يتعاطف مع بعض الأساليب الإرهابية، ولكن هذا لا يبرر إدانة الجماعة بأسرها".

وعندما سألته مقدمة البرنامج ما إذا كان يعتقد بأن التقرير بعد كل هذا العناء لن يقدم لنا شيئاً جديداً، قال السير ريفكيند إن هذا ليس لا على الإطلاق ما أراد قوله، فمهما كانت نظرة البعض إلى جماعة الإخوان، معتبرين أنها متطرفة وأنها غير حكيمة وأنها من خلال تطرفها قد تسعى إلى قلقة السلام العام، إلا أن التقرير إذا خلص إلى أن الجماعة ليست منظمة إرهابية فهذه هي القضية الأساسية التي كان الجميع ينتظر حكماً بشأنها.

ورداً على سؤال وجته مقدمة البرنامج إلى خبيرة شؤون الشرق الأوسط في تشاتام هاوس حول ما هو المتوقع بعد نشر التقرير، قالت حين كينينمونت إنه لا يتوقع حدوث أي تغيير في السياسة البريطانية تجاه الجماعة، وإلا لكان ذلك حدث منذ أن كان التقرير جاهزاً في يوليو من العام الماضي. وأعربت عن قناعتها بأن الحكومة البريطانية تملك الآن في يدها أداة تحاجج بها من يطالبون بحظر الإخوان المسلمين، وبإمكانها أن تقول: لقد قمنا بواجبنا المنزلي، والحقائق لدينا واضحة.

ونوهت جين كينينمونت إلى أن الجميع يتوقع تغيراً في السياسة السعودية، ما سيخفف العبء عن كاهل الحكومة البريطانية، إلا أن هذا العبء سيظل موجوداً بالنسبة للإمارات العربية المتحدة التي يبدو أنها المتزعم للحملة على الإخوان في كل مكان، إضافة إلى النظام الحالي في مصر. وأكدت أن التأخير في نشر التقرير، وعدم الرغبة في نشره كاملاً، وإنما نشر ملخص قصير جداً له، إنما الهدف منه هو تجنب إزعاج حلفاء بريطانيا في العالم العربي.
التعليقات (0)