دعت صحيفة "التايمز" البريطانية في افتتاحيتها إلى
محاكمة مقاتلي
تنظيم الدولة، كونهم مجرمي حرب، بالطريقة ذاتها التي حوكم فيها النازيون.
وتقول الصحيفة إن منظر "بلطجية" تنظيم الدولة وهم يرمون شخص اتهم بالمثلية يبعث على الغثيان. فالقتل والصلب وقطع الرؤوس أصبح جزءاً من الحياة اليومية في الرقة، ويجب عدم التعامل مع التنظيم على أنه جيش تقليدي، ولكنه جماعة موت.
وتشير الافتتاحية إلى أنه قبل هزيمة التنظيم وتشتيته في العراق وسوريا يجب على الغرب ملاحقة عناصره وتركيعهم ومحاكمتهم وسجنهم، كما حصل مع مجرمي
النازية، الذين تمت ملاحقتهم على مدى 70 عاماً بعد المحرقة النازية.
وترى "التايمز" أنه من المستحيل خوض حرب ضد جماعة تم غسل أدمغة أفرادها، الذين اندفعوا يطلبون الموت لأنفسهم ولغيرهم. فلا يمكنك التفاوض مع مجانين أو تجادل بعقلانية مع انتحاريين.
وتصف الكاتبة حنا أرندت، التي حاولت استكشاف رعب القرن العشرين، هذا العنف بـ "الشر الراديكالي". وكتبت كلمات يمكن أن تطبق على برابرة مثل تنظيم الدولة، وتقول: "القتلة الشموليون خطيرون، لأنهم لا يهتمون إن كانوا أنفسهم أحياء أو موتى"، بحسب الصحيفة.
وتجد الافتتاحية أن محاولة تحليل وفهم هؤلاء المحاربين الدينيين أو تحليل طفولتهم غير السعيدة أو معتقداتهم ضمن إطار قرآني هي فعل عبثي. وتجد الصحيفة أنه بدلاً من ذلك يجب مواجهة هذا التمظهر الراديكالي للشر بحس قوي والتزام بالعدل. فقد كان تقديم مجرمي النازية إلى محكمة نيورنبيرغ بعد الحرب العالمية الثانية، خطوة مهمة وضرورية على مرحلة اجتثاث النازية في ألمانيا، أظهرت للألمان أن هزيمتهم كانت انتصاراً أخلاقياً.
وتؤكد "التايمز" أنه يمكن تبني الأسلوب ذاته لمواجهة الجهاد. وفي حالة صدقنا البيانات، فإن غالبية مسلمي العالم، وعددهم 1.6 مليار نسمة، هم ضد تنظيم الدولة. فقد شجبت السلطات السنية والشيعية والسلفية والصوفية التنظيم باعتباره لا يعبر عن الإسلام.
وتستدرك الصحيفة بأنه بالرغم من ذلك، إلا أن هناك تردداً لدى هذه السلطات في مواجهة التنظيم بشكل كامل. وبالنسبة للشباب المسلمين في أوروبا فهم يفشلون في فهم طبيعة تنظيم الدولة؛ لأنه لا يتم الحديث عنهم وعن خطرهم في المساجد، وأنهم، أي الشبان، سيتعرضون إن سافروا إلى سوريا لغرض قطع رؤوس الكفار.
وتقول الافتتاحية: "بدلاً من السفر إلى الجنة، يجب أن ينتهوا في قفص الاتهام، ولدى الغرب مؤسسة لمحاكمة هؤلاء المجرمين، ألا وهي المحكمة الجنائية الدولية. ورغم أن البعض يخشى من تقديمهم إلى المحاكمة، لئلا يعطيهم ذلك اعترافاً بأنهم يمثلون دولة، لكن يمكن توجيه اتهامات للجماعات ومحاكمتها بجرائم ضد الإنسانية. فميثاق جنيف يمنع اختطاف رهائن وقتلهم وتعذيبهم، وهذا كله جزء من الروتين البشع الذي تعيشه الرقة، إضافة للاغتصاب والعبودية".
وتذكر الصحيفة أنه يجب على الجهاديين معرفة أنهم في حالة نجاتهم من الحرب المفتوحة في الشهور القادمة، إلا أنهم سيبقون ملاحقين طوال حياتهم. ويجب ألا يكون هناك شيء اسمه سجن مريح للجهادي.
وتلفت الافتتاحية إلى أنه يجب على القوات العراقية والكردية التعاون مع المستشارين الغربيين لجمع معلومات عن هؤلاء المقاتلين، ويجب أن يصبح تصوير المذابح وجمع الشهادات أمراً عادياً في المناطق التي يتم استعادتها من التنظيم.
وتخلص "التايمز" إلى أنه كما يفعل المحققون الألمان وصائدو النازيين بملاحقة النازيين ممن تجاوزت أعمارهم الثمانين عاماً، يجب ألا ينام أي عنصر من عناصر تنظيم الدولة هادئاً في سريره.