نشر موقع "ميديل إيست آي" مقالا للكاتب شريف النشاشيبي، حول
قناة العرب، التي تم إغلاقها بعد ساعات من بدئها في البث، ويقول إن هذا الإغلاق إشارة إلى أن الحال في
البحرين لم يتغير، وأن الصحافة الحرة لا تزال حلما بعيد المنال في العالم العربي.
ويقول الكاتب إن إغلاق البحرين لقناة العرب بعد بدئها البث بساعات أمر محير، ليس بسبب الإغلاق بحد ذاته، ولكن لاعتقاد القائمين على القناة بأنهم يستطيعون العمل بحرية هناك.
ويضيف النشاشيبي أن ما يزيد الدهشة أن مالك القناة، وهو الأمير السعودي
الوليد بن طلال، يملك عقلية تجارية، ووصفته "فوربس" مرة بأنه "أحد أبرز المستثمرين في العالم". ولم يصبح أحد كبار الأثرياء في العالم بسبب قرارات ساذجة، ولكنّ قراره بأن ينشئ القناة في البحرين يبدو كذلك.
وينقل التقرير عن المدير العام للقناة جمال الخاشقجي، قوله إن القرار اتخذ بناء على أن السعودية لا تسمح بالقنوات "المستقلة"، ولكن كان من الواضح قبل إعلان القناة في كانون الأول/ ديسمبر 2011، أنها ستتخذ من البحرين مقرا لها، وأنها لن تكون "مستقلة" هناك أيضا.
ويشير الكاتب إلى أن المنامة قامت في العام ذاته، بمساعدة من مجلس التعاون الخليجي، بقمع انتفاضة شعبية ضد الملكية. وكانت، قبل التعامل معها بقسوة، تدعو للإصلاح. وكانت الملكية، قبل ذلك بكثير، قد تبنت عدم التسامح مع أي معارضة، وهذا ما لا يتماشى مع وعد الخاشقجي بأن قناة العرب ستكون حرة في الخوض في أي موضوع.
ويفيد التقرير بأنه التزاما بنوايا القناة بأن تكون مستقلة ومتوازنة، فقد ابتدأت بثها بمقابلة مع قيادي في المعارضة البحرينية، ثم مع وزير
الإعلام البحريني، ولكن استضافة منتقد للملكية كانت كافية بأن تؤدي إلى إغلاق القناة.
ويذكر النشاشيبي أن بيانا لهيئة شؤون الإعلام قال إن القناة أغلقت لفشلها في الحصول على الترخيصات اللازمة لبدء البث، مشيرا إلى أن "هذا العذر مضحك، إذا ما أخذنا في عين الاعتبار فترة الإعداد التي سبقت إطلاق القناة".
ويرى الكاتب أنه "من غير المعقول أيضا أن يقوم رجل أعمال مثل الأمير الوليد بتحمل تكاليف إنشاء القناة دون الحصول على التصاريح اللازمة. كما أن وزير الإعلام امتدح القناة وإطلاقها الوشيك، فإن كان ينقص القناة أي تصاريح فقد كان يجب على السلطات المعنية أن تكون على علم بذلك".
ويجد النشاشيبي أن الأعذار التي قدمتها قناة العرب "أسباب تقنية وإدارية"، هي أيضا غير قابلة للتصديق؛ فالمسائل الفنية والقضايا الإدراية يتم ملاحظتها وحلها قبل إطلاق قناة إخبارية رئيسة، وليس بعد إطلاقها بساعات.
ويستدرك التقرير بأن اتهام هيئة شؤون الإعلام للقناة بأنها "أيضا فشلت في الأخذ بعين الاعتبار الجهود المبذولة لإيقاف مد التطرف والإرهاب في أنحاء المنطقة والعالم"، هو ما يخبرنا بالسبب الحقيقي لإغلاق القناة، وهو أن أي معارض للملكية يعد متطرفا وإرهابيا.
وأضافت الهيئة في بيانها أن قرارها "لا يؤثر على مبادئ
حرية الإعلام، وأنه مبني على التزام الحكومة بالتأكد من تعددية وعدم تحيز المؤسسات الإعلامية في المملكة".
ويعلق الكاتب: "لو كتبت (البحرين) في أي محرك بحث خاص في المؤسسات التي تعنى بحرية الإعلام، مثل (مراسلون بلا حدود) أو (لجنة حماية الصحفيين) أو (اتحاد الصحفيين الدولي)، ستجد كم هي واضحة (حرية الصحافة) و(تعددية وحياد المؤسسات الإعلامية)".
ويورد التقرير أنه في هذا الشهر، وبعد تعليق عمل قناة العرب بيوم، شجبت لجنة حماية الصحفيين قيام البحرين بسحب جنسيات الصحفيين، وقالت: "إن الصحفيين البحرينيين، الذين يجرؤون على نقد حكومتهم، يواجهون مخاطر جدية، بما في ذلك اتخاذ إجراءات قانونية بحقهم والسجن، والآن تقوم البحرين بمعاقبتهم بسحب أعز شيء لديهم".
وتلفت الصحيفة إلى أن اللجنة قد دعت لوقف سجن ومضايقة وتهديد الصحفيين، والسماح للشعب البحريني باستقبال ومشاركة ونقاش المعلومات على نطاق واسع، وهذا ما يبين سخافة ادعاء رئيس هيئة شؤون الإعلام بأن "حرية التعبير والرأي.. سائدة في المملكة".
ويرى النشاشيبي أن تعليق عمل قناة العرب محرج للمنامة، خاصة أن وزير الإعلام قال عن إطلاقها الشهر الماضي إنه "سيعزز مكانة البحرين الإعلامية"، إلا أن يكون قد قصد بمكانتها أن تكون قامعة للإعلام.
ويستدرك الكاتب بأن "الحرج أكبر لقناة العرب، فإذا أخذنا بعين الاعتبار تاريخ البحرين مع حرية الإعلام، ومع غياب أي شجب رسمي من السعودية، حليفة البحرين الرئيسة في المنطقة، فإنه من غير المحتمل أن تغير المنامة رأيها وتسمح للقناة بالعمل باستقلالية".
ويعتقد النشاشيبي أنه إن استمرت القناة في البث من البحرين، فإن الانطباع، وحتى الواقع، سيكون بأنها رضخت لقيود الدولة، وهذا سيشوه صورتها، ويؤثر على مشاهديها من البداية.
ويختم النشاشيبي تقريره بالقول إنه "بسبب الجو القمعي للإعلام السائد في العالم العربي؛ سيكون من الصعب على هذه القناة العربية أن تجد بديلا تعمل فيه باستقلالية، حيث لا يسمح ببث تقارير تنتقد زعامة البلد أو أي بلد حليف. وأن تكون القناة خارج العالم العربي ممكن نظريا، ولكن عملية النقل إلى أي مكان ستكون عملية كبيرة ومكلفة".