يقول أطباء في جامعة فالودوليد في إسبانيا. دعني مما قالوه: ما حكايتنا مع أسماء المدن في إسبانيا؟
فالودوليد نسميها بلد الوليد، (كان شاب سوداني يقف في الشارع العام في العاصمة السعودية الرياض في ساعة متأخرة من الليل، في انتظار سيارة أجرة تقله إلى حيث يريد عندما توقفت سيارة فارهة، وعرض عليه سائقها الشاب أن يوصله إلى وُجهته، وقد كان، ومن باب "الذوق" سأل صاحبنا الشاب الشهم عن اسمه فقال: خالد بن الوليد، فحسب
السوداني أنه يمازحه فقال له بدوره وأنا عمر بن الخطاب! وكان ذلك الشاب هو خالد بن المليادير
الوليد بن طلال). ما علينا: زراقوسا نسميها سرقسطة، وسيفيا نسميها إشبيلية!
هل نحن من اخترع او اكتشف إسبانيا حتى نطلق على مدنها أسماء اندثرت، بعد أن غرق حكامها العرب في بحور النبيذ وأحضان الغواني؟ في ظل الحكم الأمريكي كانت سايغون هي عاصمة فيتنام الجنوبية، وبعد حرب طويلة ومرهقة انتصر الفيتناميون على الأمريكان وصارت فيتنام موحدة، فصار اسم العاصمة هوشي منه، حتى الأمريكان يسمونها اليوم هوشي منه، وهو اسم يثير فيهم القرف لأنه اسم الزعيم الذي هزمهم وجعل سفيرهم في سايغون يهرب من على سطح السفارة على متن هليكوبتر.
ولأن المكسيكيين يتكلمون الإسبانية، فبعض الصحف العربية تتكلم عن بلدة وادي الحجارة في المكسيك، عوضاً عن غوادالغارا، يعني حتى لو فوّتنا مسألة العبث بأسماء المدن الإسبانية، لأن لنا فيها إرثاً تاريخياً، فما مبرر تعريب اسم بلدة في المكسيك، التي لم يدخلها عربي إلا سائحاً أو في مهمة رسمية قصيرة، أو متاجراً في المخدرات؟
وكانت الأطالس العربية قبل سنوات تطلق على هولندا اسم "الأراضي الواطئة" مترجمة كلمة "نيذرلاندس/ Netherlands. فهل كنا سنسكت عليهم لو تحدثوا عن مملكة "تو سيز" ويقصدون بها البحرين، أو "آيلاندس" عوضاً عن الجزائر؟
والمثل الكلاسيكي عن هوسنا بتعريب الناس والأماكن بالعافية، هو الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنن. كيف صار عنان والرجل من غانا، وعاش معظم سنوات عمره في سويسرا، ولا مكان لحرف العين في أي لغة إفريقية، ما عدا بعض لغات القرن الإفريقي وتحديداً بعض اللغات في إثيوبيا والصومال وجيبوتي؟
ثم ان النطق الصحيح لاسمه هو «أنَن» دون مد بالألف بعد النون الأولى، ربما لدى بعض الصحفيين العرب معلومة بأن كوفي أنن هذا أصلاً من الكوفة، وهاجر أسلافه منها الى غانا بعد سقوط الدولة العباسية.
والرئيس الإيراني السابق (لا أعاده الله إلى كرسي السلطة أبداً) اسمه محمود احمدينجاد (كلمة واحدة وبتسكين النون) ولكننا فصفصنا اسمه كي يصبح عربياً ويصبح نجاد، وفعلنا الشيء نفسه مع الزعيم الأفغاني غلب الدين حكمتيار، فجعلنا اسمه الأول قلب الدين غير عابئين بأن اسمه الصحيح بالـ "غين" بلغة البشتون، لا يعني الهزيمة والدحر بل عكسهما تماماً.
ما علينا. أطباء باحثون في تلك الجامعة الإسبانية قالوا ان فحص 41000 حالة أثبت أن معظم النوبات القلبية تبدأ في العاشرة وعشر دقائق صباحاً. لاحظ الدقة!! هذا ما نقول عنه "الفاضي يعمل قاضي".
وهب أن الملاحظة سليمة ودقيقة: ما قيمتها؟ هل سيجدي بالنسبة لمن يعاني علة في القلب أن يقفز بعقارب الساعة من التاسعة والنصف إلى الحادية عشرة تفادياً لـ"موعد الموت" في العاشرة وعشر دقائق؟
أما الباحثون في جامعة فيرارا الإيطالية فقد استنتجوا أن أقسام الطوارئ في المستشفيات تستقبل معظم حالات عسر التنفس في نحو التاسعة صباحاً. طيب إذا كنت أعاني من الربو، هل أحرص على النوم إلى ما بعد التاسعة كي "تعدي" تلك الساعة الحرجة التي يقول عنها الأطباء نفسهم إنها تشهد حالات الرعاف (نزف الدم من الأنف)؟
أما قمة السخف في البحث الطبي عديم الجدوى، فهو قولهم إن معظم حالات الوفاة الطبيعية تحدث ما بين الثالثة والرابعة صباحاً! طيب، ما المطلوب منا: أن نستيقظ كل يوم في الثانية صباحاً ونوقظ أفراد العائلة ونقول: يا جماعة العفو والسماح، لأن واحداً منا أو أكثر قد يموت خلال الساعتين المقبلتين؟