مقالات مختارة

العالم وفق قيمهم..!

هاشمت بابا أوغلو
1300x600
1300x600
كتب هاشمت بابا أوغلو: لقد كان الأتراك القدماء يقولون عن الإرهاب "صاعقة".. لا أعلم إن كان هناك أحد يستخدم هذا اللفظ إلى الآن، لكن في الحقيقة أنّ "الصاعقة" واحدة من السمات الرئيسة التي يتصف بها الإرهاب.

الإرهاب يعطي إيماءة بأنه سيتكرر، واحتمالية الانتقام فيه عالية، وهكذا فإنّ مثل هذا الشعور المثير للقلق ينتشر تدريجيا في المنطقة المحيطة به، تماما كحجر أُلقي في البحر مشكّلاً بعد رميه حلقات تتوسع شيئا فشيئا إثر سقوطه. 

 .. هذا يعني أن الإرهاب حركة سياسية ونفسية في الوقت نفسه.

لماذا بدأت المقال مثل كتب المدرسة؟ لأنّه.. منذ يومين وهذه الجملة تُكتب في مواقع التواصل الاجتماعي: "البارحة قُتل 83 شخصا في العراق، و38 في اليمن، و26 في سوريا، و16 في أفغانستان، و12 في فرنسا.. لكن الجميع يتحدث عن القتلى الفرنسيين فقط!".

 صحيح..

 لأن العالم أصبح لا يتأثّر لا بهجمات العراق، ولا بتفجيرات اليمن، ولا حتى بقتلى سوريا!.. أخجل من قول ذلك، ولكن أصبح لا يوجد إحصاء لعدد القتلى هناك! 

 ستقولون: أليست اليمن تُعد من العالم؟ إن لم تكن.. فأين هي إذن؟ 

لا.. إنّ العالم ليس هناك!

 هذا يعني أنّ العالم يتشكل من بلاد الغرب وأمثالها، التي إذا حصلت فيها أي هجمات اهتزت من العمق، ووقف الجميع تأثرا بها.

 أما البلاد الأخرى فهي موجودة في الكون، لكن ليس لها مكان في هذا العالم!

بكل تأكيد...

 بشكل واضح وبلا جدال...

الهجوم الذي حصل في فرنسا هو فعل لا إنساني إرهابي؛ لكن لماذا لا نسأل "أحمد إنسل" -الذي ندم ملايين الأكاديمين لولادته هنا- وكذلك غيره من الأتراك الذين التحقوا بقناة "سي إن إن": لماذا لا يتم الانتفاض لما يحصل في العراق، ولقتل الطلاب في اليمن، وللنساء والأطفال الذين قُتلوا في نيجيريا؟ 

 أليسوا بشرا؟.. نعم بشر.

 ألم يكونوا غير مسلحين؟.. نعم غير مسلحين.

 .. إذن ما الفرق؟ ألا يشبهون الغرب؟

 أم لأنهم لا يعيشون وفق "القيم العالمية" البعيدة عن الاحتيال.. ويعيشون ضمن قيمهم الخاصة بهم؟!
هل هو هذا السبب لعدم اهتمام أي أحد بقتلاهم؟!

(عن صحيفة الصباح التركية – ترجمة وتحرير عربي21)
التعليقات (0)