مقالات مختارة

سنة جديدة أميركية - إيرانية؟

علي حماده
1300x600
1300x600
انقضى العام الفائت، وبقيت أزمات المنطقة الكبرى من دون أن تجد لها حلولا. فلا العراق استقر ولا سوريا قطعت مع سيل الدماء اليومي، ولا اليمن خرج بشرعية وفاقية، ولا لبنان أنهى معضلة الدولتين والجيشين. وفي مشهدية جامعة، لم يتوقف تمدد المشروع الإيراني، وفي المقابل لم يتمخض النظام العربي الرسمي عن سياسة جدية في مواجهته، فيما مضى الرئيس الأميركي في خيار محاباة طهران ومحاولة اجتذابها بأي ثمن، على حساب تحالفات الولايات المتحدة التاريخية مع عرب النظام الرسمي. هذا كله في مرحلة اقتصادية حساسة جدا تراجعت فيها أسعار النفط إلى مستويات منخفضة تاريخية يتقاطع فيها المعطى السياسي مع المعطى النفطي، ويتداخل فيها صراع مثلث، أطرافه أميركا، دول الخليج بقيادة السعودية، ومحور إيران وروسيا.

حملت سنة 2014 تطوراً إقليميا غير مسبوق بتفجر "ظاهرة" ما يسمى "داعش"، مع سيطرة التنظيم على ثلث العراق في أقل من اسبوعين، وتمدده على ربع مساحة سوريا، وصولاً الى مدينة عين العرب - كوباني الواقعة بين مدينة حلب وتركيا. وفيما قام تحالف غربي - عربي معلن ورسمي، قام تحالف موازٍ له أميركي - أيراني، ولا سيما في العراق مع حالة التساكن المستجدة بين مئات الخبراء العسكريين الأميركيين وعشرات آلاف من عناصر الحرس الثوري الإيراني بقيادة قاسم سليماني على الأرض، ومع تقاسم طائرات سلاح الجو الأميركي أجواء العراق مع طائرات سلاح الجو الإيراني، وشنّهما غارات مكثفة على مواقع تنظيم "داعش". ويؤشر هذا المعطى الذي تفاقم في المرحلة الأخيرة إلى تحولات جذرية في السياسية الأميركية في المنطقة على حساب التحالفات التاريخية للولايات المتحدة.

سنة جديدة بأزمات قديمة ولكن الجديد في المنطقة هو ازدياد إصرار الإدارة الأميركية التي يقودها خيار الرئيس باراك أوباما على قلب المشهد من خلال التوصل إلى اتفاق مع القيادة الإيرانية حول برنامج إيران النووي، قبل انقضاء ولاية أوباما الذي لم يعد يعير تحالفات بلاده التاريخية مع النظام العربي الرسمي بقيادة السعودية ومصر، الاهتمام نفسه الذي يعيره لمستقبل العلاقات مع إيران.

ولا تمانع واشنطن في "تلزيم" العراق لإيران من أجل استجلابها، كما أنها لن تمانع في إعادة تأهيل نظام بشار الأسد إذا ما رأت أنه الثمن الأخير الذي يمكن أن تدفعه لإيران من أجل التوصل إلى توقيع الاتفاق النووي، وفتح صفحة علاقات جديدة معها، يرى أوباما أنها ستكون منعطفاً تاريخياً شبيهاً بمنعطف زيارة الرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون إلى بيجينغ في مطلع سبعينات القرن الماضي. ولذلك قد لا ينقضي عام 2015 إلا وقد تغير المشهد بتوقيع الاتفاق النووي، ورفع العقوبات عن طهران، وليس مستبعداً أن نرى طائرة "آر فورس وان" الرئاسية الأميركية تحط في مطار طهران قبل انقضاء ولاية باراك أوباما.



(نقلا عن صحيفة النهار اللبنانية)
التعليقات (0)