ملفات وتقارير

النظام يسوق شباب اللاذقية بالأحياء المعارضة للمعارك

اللاذقية أرشيفية
اللاذقية أرشيفية
يروي أحمد، وهو أحد سكان اللاذقية على الساحل السوري، كيف داهمت دورية لأجهزة الأمن التابعة للنظام السوري مقهى في المدينة، واقتادت الشباب الموجودين فيه إلى مكان مجهول بعدما نقلتهم في حافلات تتبع جهاز الأمن العسكري.

ويقول أحمد في حديث لـ"عربي 21": "كان عشرات الشبان جالسين في مقهى دريم بحي الطابيات المعارض داخل اللاذقية عند الساعة التاسعة والنصف، قبيل مباراة لدوري أبطال أوروبا بانتظار بدء المباراة، وهنا دخلت دورية أمن برفقة أحد الضباط".

يتابع: "سأل الضابط الشبان: كيفكم شباب؟ أجابوه: الحمد لله، ومرة أخرى سألهم: بتحبوا الرئيس؟ أجابوه: طبعا، وبتحبوا الوطن؟ أجابوا: طبعا، وهنا سألهم: إذا طلبت البلد روحنا شو؟ أجاب الشباب: طبعا منقدم روحنا، فقال الضابط: تفضلوا معنا لندافع عن البلد سوية. واقتيد هؤلاء الشباب الى مكان مجهول على متن باصات نقل تتبع للشرطة العسكرية".

ويضيف أحمد: "هذه إحدى الطرق التي يتبعها النظام السوري في تجنيد شبان مدنيين لا علاقة لهم بهذه الحرب، بل وإن معظم هؤلاء الشبان يتجنبون الحديث بأمور السياسة خوفا من الاعتقال، لكنهم وبشكل مفاجئ يزج بهم دفاعا عن الوطن المزعوم".

بدوره، روى سامر، وهو ناشط من مدينة اللاذقية، حادثة مشابهة، حيث أنه "خلال عرس لأحد الشبان في منطقة الرمل الجنوبي التي شهدت العديد من المظاهرات، كان يقوم الشاب بجولة في سيارته وبجانبه عروسه ومن خلفهم سيارات لذوي العروسين يتجولون على اتوستراد الكورنيش الغربي. ينهي هذا الشاب جولته لينطلق باتجاه منزله، فيمر على أحد حواجز النظام على مدخل حي الرمل، ليكتشف الشاب أنه مطلوب للخدمة الإلزامية للجيش دون سابق علم أو إنذار".

وأضاف: "طلب الشاب يوما أو يومين كي يودع أهله وعروسته التي راحت تبكي وترجوهم ألا يأخذوه، وأمه التي فقدت الوعي، إلا أن كل ذلك لم يسعف هذا الشاب المسكين، ليساق كما بقية الشباب الى مكان مجهول لا يعرف هل سيعود إلى أهله على قدميه أم محمولا على الأكتاف؟".

ولا يعرف الشباب إذا ما كانت أسماؤهم ضمن لوائح المطلوبين للخدمة العسكرية، لكن دوريات الأمن التي تنتشر وبكثرة في هذه الأيام لديها أسماء في كل حي من الأحياء لا سيما المعارضة منها، وبرفقتهم سيارة خاصة يتم فيها جمع الشباب من ثم إلى المكان المخصص للتجنيد.

يقول سامر: "تتوقف دوريات الأمن وسائط النقل العامة، وتقوم بطلب هويات الشباب حصرا، ومن ثم تدقق فيها، وفي حال ما إذا كان اسم موجودا لديهم يتم سحبه فورا، ولا يحق لهذا الشاب الاعتراض وإلا يتهم بالخيانة لتخلفه عن خدمة الوطن".

عند "دوار اليمن" بالقرب من محطة القطار توجد عدة شوارع رئيسية، وغالبا ما تكون هذه الشوارع مزدحمة، وانتشرت فيها مؤخرا خمس دوريات تتبع للأمن العسكري وبرفقتهم سيارات الشرطة العسكرية ومجهزين بسلاحهم الكامل، حيث يقومون بتفتيش كافة السيارات العامة والخاصة بحثا عن الشباب.

إحدى الشابات قالت في تصريح خاص لـ"عربي21": "لا تطلب الدوريات من السيدات أي بطاقة، وكان التدقيق يخص هويات الشباب، حتى أنهم يطلبون من الشباب النزول من الحافلة بانتظار النتيجة التي يقررها المسؤول الأمني، وقد يطول الانتظار أكثر من ساعة أحيانا بسبب كثرة الشباب الموقوفين".

تضيف أنه "في الليل وفي أوقات انقطاع التيار الكهربائي يقوم عناصر الأمن بتوجيه ضوء البيل (المصباح اليدوي) إلى وجوه الشباب، الذين ينتظرون فترة وجيزة كي يتم معرفة فيما إذا كانت أسماؤهم ضمن المطلوبين".

وفي السياق ذاته، شددت الأجهزة الأمنية من إجراءاتها لمنع سفر الشبان إلى دول الجوار، لا سيما تركيا التي لم يتوقف إليها الخط البحري من ميناءي اللاذقية وطرطوس، وبات كل من يريد السفر عليه أن يقدم طلب "إذن سفر" لدى الأمن العسكري، وعليه أن ينتظر أسبوعين على الأقل كي يتم التدقيق، ومن ثم الحصول على إذن السفر المطلوب كي يغادر سورية إلى غير رجعة.

أحد الشبان الصغار غادر مدينة اللاذقية ولم يتجاوز عمره 18 عاما، وهو ليس مطلوبا لأجهزة النظام، لكن ذلك لم يسعفه في السماح له بالخروج من سورية، وقام بعبور الأراضي المحررة بمساعدة أقربائه بعد أن دفع مبلغا يتجاوز 1500 دولار أمريكي.

يقول ناشطون إن الهدوء يعم مدينة اللاذقية بعد الساعة الحادية عشرة ليلا في كافة الشوارع الرئيسية والفرعية، ولا ينتشر إلا عناصر النظام، حيث تسود حالة من حظر التجول غير المعلنة بشكل رسمي، ومن يخرج في هذه الأوقات يكون عرضة للاعتقال وبشكل كبير. فقد تحولت مدينة اللاذقية إلى منطقة أمنية بامتياز بسبب القبضة الحديدية التي تطبقها فروع الأمن في المدينة.
التعليقات (1)
محمد
الأربعاء، 12-11-2014 07:15 م
حسبي الله ونعم الوكيل إن غدا لناظره قريب