تصاعدت الدعوات القبطية والعلمانية المطالبة بحظر الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية بمصر، بعد أن تم حل حزبي "الحرية والعدالة"، و"الاستقلال"، بأحكام قضائية واجبة النفاذ، وانتظار حزبي "النور" و"
مصر القوية" حكم
القضاء في دعويين أخريين بحلهما أيضا، في كانون الأول/ ديسمبر المقبل.
وأبدى عدد من الكتاب الأقباط والعلمانيين خشيتهم من مشاركة الأحزاب التي لم تتعرض للحل من الأحزاب التي توصف بأنها "دينية" في الانتخابات البرلمانية المزمعة، ووصول عدد من المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين، والمتعاطفين معها، إلى قبة البرلمان.
وكان السيسي حذر من أنه "لو أن الإخوان تمكنوا من دخول البرلمان بطرق ملتوية فإن الشعب المصري سيسقط هذا البرلمان". وزعم أن "تجربة السنوات الثلاث الماضية في مصر أسفرت عن رفض الشعب المصري لما يُطلق عليه "الإسلام السياسي".
وقال الكاتب القبطي "يوسف سيدهم": " الأمر الواجب التبصير به والتحذير منه هو المسكوت عنه بشأن مجموعة الأحزاب الدينية التي لا تزال باقية ضمن الخريطة الحزبية".
وأضاف في مقاله بالعدد الأخير من جريدة "وطني" التي يرأس تحريرها" يتساءل الكثيرون: كيف تبقى تلك الأحزاب ذات المرجعيات الدينية، والتي ترفع شعارات تأسيس الدولة الدينية في الخريطة الحزبية، بعدما تم إقرار دستور عام 2013 متضمنا نصا واضحا يحظر تأسيس الأحزاب بناء علي مرجعيات دينية؟
وفي تحريض سافر قال سيدهم: "هناك أمر غريب يستعصي علي الفهم يهدد بالانفجار عقب الإعلان عن فتح باب الاستعدادات للانتخابات البرلمانية، هو الصمت المريب للجنة شئون الأحزاب في حسم أمر الأحزاب المصرح لها بالمشاركة في الحياة السياسية، وبالتبعية في الانتخابات البرلمانية، واستبعاد ما تتعارض أحكام تأسيسه منها مع أحكام الدستور".
وأضاف "عندئذ سوف تنطلق الاعتراضات والاحتجاجات والبلاغات المرفوعة للسلطة القضائية أو للجنة العليا للانتخابات البرلمانية للفصل في شرعية هذه الأحزاب الدينية، وترتبك الساحة السياسية، وقد يتعطل مسار الانتخابات نفسها لحين حسم الأمر"، حسبما قال.
يُذكر أنه تأسس في مصر عقب ثورة 25 يناير 2011 أحد عشر حزبا ينص على مرجعيته الإسلامية، لكن هذه الأحزاب متهمة الآن جميعا بأنها "مارست النشاط الديني خلف الستار السياسي"، وهو ما يعد مخالفة صريحة للمادة (74) من دستور 2014، بحسب منتقدين.
وتنص المادة على أنه "للمصريين حق تكوين الأحزاب السياسية بإخطار ينظمه القانون، ولا يجوز قيامها أو مباشرتها لأي نشاط على أساس ديني أو التفرقة بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو الموقع الجغرافي أو الطائفي أو ممارسة نشاط سري أو معاد لمبادئ الديمقراطية أو ذي طابع عسكري وشبه عسكري ولا يجوز حل الأحزاب إلا بحكم قضائي".
وطبقا لنص المادة، لا يجوز حل الأحزاب السياسية بقرار إداري، وبالتالي لا يجوز لرئيس الدولة أو رئيس مجلس الوزراء إصدار قرار بحل هذه الأحزاب المسما "دينية"، وإنما الحل يكون بحكم قضائي نهائي واجب النفاذ بمجرد صدوره من الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا التي تعد أعلى محكمة في القضاء الإداري وتشكل من شيوخ قضاة مجلس الدولة.
ولا يجوز تقديم طلب حل الحزب إلى المحكمة الإدارية العليا إلا من لجنة شئون الأحزاب السياسية المشكلة تشكيلا قضائيا وفقا لأحكام القانون رقم 12 لسنة 2011 بتعديل أحكام قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977، وهذا ما حدث بشأن حزب الحرية والعدالة الذي صدر حكم قضائي بحله في 9 آب/ أغسطس 2014.
والأمر هكذا، أعلن حمدي الفخراني، رئيس الجمعية المصرية لمكافحة الفساد، ومقيم دعوى حل حزب الحرية والعدالة، أنه بصدد رفع قضية ضد لجنة شئون الأحزاب، بسبب رفضها تحويل البلاغات ضد الأحزاب المقامة على أساس ديني، إلى القضاء، مما اضطره إلى اختصام اللجنة في القضية.
من جهته، قال الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى إنه لا يوجد أي مبرر على الإطلاق لصمت وعجز لجنة الأحزاب على تواجد الأحزاب الدينية حتى الآن على المشهد السياسي، على حد وصفه.
وأكد عيسى خلال برنامجه 25/30 على فضائية "أون تي في" أن سماح الدولة لمثل هذه الأحزاب الدينية مثل حزب النور والفضيلة ومصر القوية بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية هو بمثابة تدليس سياسي، حسبما قال.
وقال محمد أبو حامد رئيس حزب "حياة المصريين" إن من أهم المحاور الواجب طرحها على الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الحوار المجتمعي الذي دعا إليه، هو عزل عناصر جماعة الإخوان المسلمين، وأي حزب ديني من دخول البرلمان المقبل وفقا للدستور، على حد قوله.
وفي سياق متصل، قال ربيع شلبى منسق حركة أحرار الجماعة الإسلامية، المدعومة من أجهزة الأمن، خلال جلسة استماع إلى أقواله أمام نيابة أمن الدولة العليا فى بلاغ مقدم منه لحل حزب البناء التنمية، التابع للجماعة الإسلامية، إن قيادات الجماعة مارست العنف، ودعمت العمليات الإرهابية ضد الجيش والشرطة، وانضمت إلى تحالف دعم الشرعية المناهض لثورة 30 يونيو.
وخلص ربيع إلى المطالبة بحل الحزب لمخالفته الدستور المصري الذي يمنع تأسيس الأحزاب على أساس ديني، حسبما قال.
من جهتها، أجلت محكمة الإسكندرية للأمور المستعجلة، إلى جلسة 26 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، نظر دعوى أقامها المحامي طارق محمود، بمنع ترشح الأحزاب الدينية بالانتخابات البرلمانية المزمعة، شملت كلا من: الحرية والعدالة، والوسط الجديد، والنور، والفضيلة، والأصالة، والنهضة، والإصلاح، ومصر القوية، والوطن، والبناء والتنمية، والعمل الإسلامي المصري".
واتهم محمود الأحزاب الدينية بممارسة أكبر عملية نصب سياسي في العصر الحديث على لجنة شؤون الأحزاب والشعب المصري والبسطاء، على حد قوله، مؤكدا أن هذه الأحزاب خرجت من عباءة الإخوان المسلمين، وأنها تمثل خطرا على الدولة المصرية،إذ يمكنها تشكيل أغلبية، وعزل رئيس الدولة، أو تعيين رئيس وزراء يعرقل مسيرة الدولة وقرارات رئيس الجمهورية، وفق قوله.
ومن جهتها، قررت المحكمة الإدارية العليا تأجيل الدعوى القضائية المقامة من المحامي جمال صلا، المطالبة بحل حزب النور السلفي، لتأسيسه بالمخالفة لقانون الأحزاب السياسية على أساس ديني، لجلسة 15 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، انتظارا لتقرير هيئة مفوضي الدولة الذي سيصدر بالرأي القانوني في الدعوى.
في سياق مقارب، قررت المحكمة تأجيل دعوى أخرى مقامة من المحامي روفائيل بولس تواضروس، رئيس حزب مصر القومي، لحل حزب "مصر القوية"، لتشابه اسمه باسم حزب مصر القومي، لجلسة 20 كانون الأول/ ديسمبر المقبل للاطلاع.
وأشار تواضروس في دعواه إلى أن حزب مصر القومي من الأحزاب ذات التيار المدني الليبرالي القومي، بينما حزب مصر القوية من الأحزاب ذات التيار الإسلامي المتشدد ذي المرجعية الدينية الإسلامية، وذلك بالمخالفة لقانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1997 وتعديلاته، مطالبا بحل حزب مصر القوية.
وكان "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" وصف قرار محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بحظر أنشطة حزب الاستقلال، بالباطل والجائر الصادر من محكمة غير مختصة، وأنه يأتي ضمن حملات الانتقام من ثورة 25 يناير، وإلغاء الحياة السياسية، وتبديد العدالة، وإسقاط القضاء، بحسب قوله.