لم يشعر محمد دعبول بالفرح جراء إنقاذ قارب التهريب الذي كان على متنه من الغرق بالقرب من شواطئ مدينة بافوس
القبرصية، لأنه الآن يعيش في سجنه "القبرصي" الجديد، فهو لم يكن يحلم بذلك المخيم الذي "يشبه مخيم الزعتري في الأردن"، وهذه ليست أوروبا التي دفع نقوده وغامر بحياته من أجلها.
قارب محمد أنقذته القوات البحرية القبرصية في وقت سابق، حيث كان ينقل أكثر من 345 مهاجرا غير شرعي من جنسيات سورية وفلسطينية، بعدما انطلق من تركيا باتجاه أوروبا.
يقول محمد لـ"عربي 21"، إن السجن الجديد (المخيم) من قماش، ونضطر للجلوس فيه بعد أن خيرتنا السلطات القبرصية بين تقديم اللجوء وإعطاء البصمة، وبهذا ستدخلنا باتفاقية دبلن والتي تمنع علينا تقديم اللجوء بعدها بأي بلد أوروبي آخر، أو البقاء هنا بصفة غير شرعية وهذا يعني عدم قدرتنا على الخروج من هذا السجن الكبير.
وأضاف: "سألنا الجميع عن اللجوء في قبرص ولم ينصحنا به أحد بسبب أوضاع قبرص الاقتصادية وبالتالي لا يمكنك أخذ أي مساعدات أو منزل ولا يمكنك "لم شمل" عائلتك مستقبلاً".
بدوره، يقول الناشط السوري عدي أتاسي وهو المشرف على الترجمة للاجئيين السوريين هناك: إنه بعد أن أنقذت السلطات القبرصية أكثر من 345 شخصاً بالقرب من شواطئ مدينة بافوس، انزلت "ركاب قارب الموت" عنوة، واستخدمت الضرب مع بعض الحالات التي رفضت النزول، واستقبلتهم بمخيم عسكري كان قد جهز على عجل، حيث تقدم لهم ثلاث وجبات طعام، بالإضافة لحليب الأطفال والسجائر.
وأكد أن الجميع رفض اللجوء في قبرص، وكان البعض منهم قد أصابته صدمات نفسية وهستيرية بسبب قوانين اللجوء السيئة في تلك الجزيرة الصغيرة، موضحاً انه مجرد ما يقوم اللاجئ بإعطاء بصمته يحرم عليه التقديم في بلدان أوروبية أخرى بسبب اتفاقية دبلن الخاصة باللاجئين.
وأشار الناشط الأتاسي إلى أن الشرطة القبرصية تمنع الدخول والخروج للمخيم الحديث بسبب خوفها من هروبه، ويسمح فقط للمنظمات الإغاثية والأشخاص الذين يساعدون في الترجمة من اللغة العربية الى اليونانية، مؤكداً ان السلطات قدمت لهم كافة الدعم النفسي والطبي والحقوقي عبر أطباء ومحامين مختصين في ذلك المجال.
وأكد أن الوضع سيبقى على ما هو عليه حتى تقديمهم اللجوء وانتظار
الإقامة، وبعدها سيتم السماح لهم بالعمل والتنقل في جميع أوروبا، مناشدا شخصيات المعارضة السورية للتدخل، متسائلاً كيف لهم ترك أبناء بلدهم في مصيبة كهذه؟.
وكان محرك القارب الذي يقل هؤلاء
اللاجئين تعطل قبالة الشواطئ القبرصية، فأطلق الكابتن نداء استغاثة عبر أجهزة اللاسلكي المتواجدة في القارب ليقوموا بإنقاذه وإنقاذ من معه بقارب مطاطي قبل وصول الشرطة بدقائق.