سياسة عربية

وزارة الأوقاف بمصر: لن نسمح لسلفي واحد بالخطابة

"النور" شارك في انقلاب 3 تموز/ يوليو على حكم أول رئيس مصري منتخب - أرشيفية
"النور" شارك في انقلاب 3 تموز/ يوليو على حكم أول رئيس مصري منتخب - أرشيفية
أكدت وزارة الأوقاف المصرية أنها لن تسمح لـ"سلفي واحد" بالصعود إلى منابر الأوقاف للخطابة، ويأتي ذلك في تطور لم يكن في حسبان حزب "النور" صاحب التوجه السلفي. 

وجاء التأكيد في تصريحين منفصلين نقلتهما صحف مصرية صادرة الثلاثاء على لسان كل من وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، ورئيس القطاع الديني ووكيل الوزارة لشؤون المساجد محمد عبدالرازق. 

ومن جهته، قال الوزير في تصريحات خاصة لصحيفة "الأخبار" الثلاثاء: "لن نسمح لسلفي واحد بالصعود إلى منابر الأوقاف للخطابة"، مضيفا: "نحن رجال دعوة لا سياسة". 

ونفى جمعة صحة ما تردد عن موافقة الوزارة على إلحاق من انفصلوا عن حزب النور بالخطابة في "مساجد الأوقاف". وقال إن (هذا الأمر) عار تماما من الصحة.

وشدد على أن الوزارة ليست في حاجة إلى خطباء من غير خريجي الأزهر. 

وفسر موقفه هذا بالقول إن ما يحدث على الساحة عبارة عن تجاذبات سياسية مع قرب إجراء الانتخابات البرلمانية، وإن هناك أطرافا تريد أن تجعل الأوقاف طرفا في اللعبة الانتخابية، وأن تحصل على مكاسب انتخابية، على حد قوله. 

وعما إذا رغب أحد السلفيين المنفصلين عن حزب النور في الخطابة بـ"مساجد الأوقاف"، قال جمعة: "ندرس كل حالة على حدة، وفقا لقواعد الوزارة، وقانون الخطابة الجديد؛ فإذا ما انطبقت عليه فلا مانع، وإذا اختلف معها فلا مكان له بمساجدنا". 

سنمنع مشايخ السلفية من إلقاء الدروس 

وفي سياق متصل، قال وكيل وزارة الأوقاف لشؤون المساجد ورئيس القطاع الديني في الوزارة محمد عبد الرازق: "لن تحدث صفقة بين الأوقاف والسلفيين، ولم نناقش هذا الأمر مطلقا، ولن نسمح بصعود المنابر إلا للمؤهلين من الأزهريين، ولدى السلفيين فرصة للتقدم، والالتحاق بمعهد الأزهر حتى نعطيهم تراخيص". 

وأضاف -في حوار مع جريدة "التحرير" الثلاثاء-: "لن نترك الخطابة لأي شخص غير أزهري، وسنمنع مشايخ السلفية من إلقاء الدروس في المساجد، وقد سبق واتفقنا مع مشايخ الدعوة على كل هذه الأمور، وقد استقبلوا الأمر دون أي اعتراضات من جانبهم". 

وتابع عبدالرازق: "أخبرنا مشايخ الدعوة السلفية بأننا لن نسمح لأي شيخ بالخطابة إذا لم يكن أزهريا، وأن المعاهد الخاصة بالدعوة السلفية ستخضع للأوقاف بشكل كامل، وأن الأمر نفسه ينطبق على المساجد السلفية، فخلال فترة وجيزة سنفرض وجودنا على جميع المساجد". 

وقال: "لقد تقدم الشيخ ياسر برهامي وعدد من مشايخ الدعوة السلفية لخطباء المكافأة، وما زلنا ندرس الموضوع، وأوراق الشيخ برهامي، ومشايخ الدعوة لم ينظر فيها حتى الآن، ولم نتخذ قرارا نهائيا بشأن السماح لبرهامي بالخطابة من عدمه، كما أننا لم نعقد صفقات مع أي أحزاب، ولا يوجد صحة لمثل هذه الشائعات المغرضة، أما بخصوص من يعمل في الحقل السياسي فلا مكان له بيننا". 

وهكذا، منيت المشاورات التي جرت بين الدعوة السلفية ووزارة الأوقاف طيلة الفترة الماضية حول السماح لكبار مشايخ الدعوة بالحصول على تصاريح من الوزارة لممارسة الخطابة داخل المساجد؛ منيت بالفشل الذريع، على الرغم من تواصل اللقاءات بين وزير الأوقاف ورئيس حزب النور، وعدد من قيادات الدعوة. 

وكان حزب "النور" يمني نفسه بمشاركته في انقلاب 3 تموز/ يوليو الدموي أن تكون له الكلمة العليا في مساجد مصر، وأن يسيطر أتباعه وعناصره على منابرها، بعد إزاحة جماعة "الإخوان المسلمين" عن الساحة، حسبما خطط وقدر، لا سيما أن التيار السلفي معروف في مصر بالميل لزوم المساجد، وإلقاء الدروس والمواعظ. لكن  شيئا من ذلك لم يتحقق للحزب -كما رأى مراقبون- لأنه غفل عن إدراك حقيقة أن شركاءه في الانقلاب، يعتبرونه، والسلفيين عموما، أخطر على مصالحهم وتوجهاتهم، من جماعة "الإخوان المسلمين"، وذلك على الرغم من الثناء الذي كاله قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بلسانه للحزب. 

وأضاف مراقبون أنه وبمنع عناصر الحزب السلفي من اعتلاء المنابر، تتضخم مأساة "النور"، بعد انسلاخ غالبية قواعده الشعبية عنه، وانضمامها إلى الحراك الثوري القائم حاليا ضد سلطات الانقلاب. 

وإزاء حصار سلطة الانقلاب لها، قالت الدعوة السلفية إنها "ستكثف نشاطها في مواجهة الفكر التكفيري للإخوان والمتحالفين مع الجماعة، عبر أدوات عدة من أبرزها الندوات التي عقدتها الدعوة بعدد من المحافظات، وحضرها نائب رئيس الدعوة ياسر برهامي، وعضو مجلس الإدارة أحمد الشريف". 

ونقلت صحيفة "اليوم السابع" الثلاثاء عن مصادر سلفية لم تسمها، قولها إن قيادات الدعوة قرروا عقد دروس منتظمة في المساجد، وتحديد أيام بعينها فى كل مسجد، لتوعية المواطنين بمواجهة الفكر التكفيري، بجانب تنظيم لقاءات دورية بحضور قيادات الدعوة، إلى جانب تكثيف مقالات للقيادات تتحدث حول هذا الفكر وتاريخه، ومحاولات تشويه بعض الجماعات الإسلام، على حد تعبير تلك المصادر.

تحريض إبراهيم عيسى 

وربط مراقبون بين التصريحات الجديدة لوزير الأوقاف ووكيله، وبين تحريض الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى، على "الحكومة الحالية"، التي قال إنها سمحت لقيادات التيار السلفي، وعلى رأسهم  نائب رئيس الدعوة السلفية برهامي، بالعودة إلى المنابر مرة أخرى، برغم ما يتردد من تصريحات بضرورة إعادة ضبط الخطاب الديني. 

وقال عيسى مساء الأحد في برنامجه "25/30" عبر قناة "أون تي في" المملوكة لرجل الأعمال القبطي نجيب ساويرس: "الرئيس أوصى بتجديد الخطاب الديني أكثر من مرة، لكن الحكومة لم تبذل أي جهد في هذا الشأن"، حسبما قال.
التعليقات (0)