في جنوب
إسرائيل وفي البلدات القريبة من غزة التي لا تبعد عنها سوى كيلومترين اثنين، ولقربها من القطاع يطلق عليها "
غلاف غزة"، هناك حالة من الغضب تغلي وتتزايد بين سكان البلدات إما بسبب الدمار الذي أحدثته عربات الجيش الإسرائيلي لمزارعهم والصواريخ التي انطلقت من غزة، أو لخسارتهم حصادهم، عقودا تجارية، أو حنقهم على الطريقة التي أدار فيها الجيش الإسرائيلي العملية ضد
حماس.
وينقل تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" عن مسؤول في لجنة الطوارئ في "
كيبوتز" عين هاشلوشا ديفيد كوهين القريب من غزة قوله، إن "الطريقة التي أدار فيها الجيش العملية كانت كارثية- قتال ثم وقف إطلاق النار"، وهو ما حير الناس "ولم يعرفوا ماذا سيحدث". ويقول التقرير إن تظاهرة ستنظم اليوم في تل أبيب للتعبير عن التضامن مع بلدات الجنوب المحاصرة.
وفي الوقت الذي أخلي فيه الآلاف من سكان البلدات منذ بداية العملية "الجرف الصلب" في 7 تموز/ يوليو، فإن البعض بقي من أجل مراقبة أعماله. وفي عين حاشلوشا التي يوجد فيها مصنع للألبان اضطر بعضهم للبس الستر الواقية وهم يقومون بحلب الأبقار. ولأن الكيبوتز قريب من غزة، فإن سكانه ليس لديهم سوى 15 ثانية للدخول للملاجئ عندما تنطلق صفارة الإنذار تحذر من صاروخ قادم، وعندما لا يعترض نظام القبة الحديدية الصاروخ القادم.
وينقل عن أحد المزارعين قوله "لا يوجد هنا نظام القبة الحديدية لأننا قريبون من غزة"، و"لا يوجد وقت كاف لاعتراضها".
وتراجع عد سكان الكيبوتز الذي أقيم عام 1947 ويسكنه مهاجرون من الأرجنتين والأورغواي من 350 شخصا إلى 50 أثناء الحرب، وعاد وارتفع مع زيادة الآمال بقرب التوصل لاتفاق بين المفاوضين الإسرائيليين والفلسطينيين لاتفاق في القاهرة.
ومع ذلك، فإن هناك شعورا بأن الكيبوتز ليس محلا للسكن، بل هو محور حرب حيث تنتشر معسكرات الجيش بالقرب منه، فيما وقفت أربع سيارات ضخمة مجهزة بمعدات لكشف أنفاق غزة.
ويشعر سكان الكبيوتز بالعزلة والخوف منذ أن ظهر مقاتلو حماس بعد بداية الحرب بفترة قصيرة من أحد الأنفاق واشتبكوا مع القوات الإسرائيلية، حيث سقط في المعركة فلسطينيان وقتل جنديان إسرائيليان.
ووجهت انتقادات واسعة لرئيس هيئة الأركان الإسرائيلي بيني غانتز الذي أخبر الأسبوع الماضي سكان الجنوب بأن الوضع آمن للعودة لبيوتهم. وكان غانتز يتحدث أثناء فترة من فترات وقف إطلاق النار الذي انتهى يوم الجمعة عندما رفضت حركة حماس والجهاد الإسلامي تمديده وبدأت الصواريخ تصل إلى جنوب إسرائيل.
وتقول سكرتيرة كيبوتز، نيريم درورا كوتشافي، إن ما حدث هو "تحطم لقاعدة رئيسية وهو الإيمان بالجيش والحكومة"، وأضافت أنه "تحطم شيء ما".
ويقول كاتب التقرير جون ريد، إن الدمار الذي حدث على مناطق الجنوب الإسرائيلي لا يقارن بالفوضى التي أحدثتها الحرب على حياة السكان الغزيين العاديين، حيث تركت مناطق سكنية واسعة مدمرة بشكل كامل، فيما هرب عشرات الألوف من سكانها تاركين حقولهم كي تتعفن وحيواناتهم دونما طعام، وصاروا هم أنفسهم بدون مأوى.
ورغم ذلك، فإن رد الفعل العنيف ضد عملية الجيش الإسرائيلي من الإسرائيليين وإن كان محدودا حتى الآن، إلا إنه يقدم رؤية تناقض الموقف العام الذي كان داعما للحرب على غزة.
وقد يكون مقدمة لسخط عام حالة فشل الجهود الدبلوماسية في غزة وعادت إسرائيل وحماس للحرب من جديد.
ورفضت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي حتى الآن اعتبار عملية الجرف الصلب حربا، لأن هذا يقتضي تعويض سكان الجنوب عن خسائرهم بسبب الحرب. مع أن وزير الاقتصاد يائير لابيد أعفى سكان الجنوب من الضرائب. في الوقت الذي كان فيه سكان نيريم يتابعون أخبار المفاوضات في القاهرة.
وبحسب كوتشافي، فإن "هذا هو الفرق بين الحرب الحالية والحربين السابقتين، فعندما توقفوا توقفوا.. وهذه المرة تبدو بدون نهاية ولا نعرف ماذا سيحدث غدا".