فجرت آخر قرارت
المجلس الأعلى للقضاء، التي قضت بمعاقبة 14 قاضيا معركة جديدة بين وزير العدل والحريات
المصطفى الرميد ونادي قضاة
المغرب، من خلال استقالة المستشار
محمد الهيني من القضاء، ودعوة المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب للقاء طارئ.
ووصف محمد الهيني القاضي المستشار في محكمة الاستنئناف الإدارية بالرباط، قرار المجلس الأعلى للقضاء، بأنه "مذبحة" قضائية غير مسبوقة، رافضا العمل تحت رئاسة وزير العدل المصطفى الرميد.
واتهم محمد الهيني، في تصريح خص به موقع "عربي 21" وزير العدل والحريات المصطفى الرميد، بـ"تسييس القضاء وتأديب كل القضاة الذين يرفضون تعليمات الوزير، فيما ينعم على الذين يوالونه بالأعطيات والمنح والترقيات".
وأعلن محمد الهيني، تعلقيا على قرارات المجلس الأعلى للقضاء الصادرة مساء أمس الاثنين، "استقالته من سلك القضاء جملة احتجاجا على تدخل الوزير في شؤون القضاء".
وشدد الهيني على "أنه إذا كان وزير العدل قد أقسم على إقالتي من القضاء ووفى، فإني قد أقسمت على الاستقالة، ولا يمكنني أن أستمر في العمل داخل القضاء"، وقال: "لن أشتغل في النيابة العامة كما يحلم وزير العدل والحريات، ولم يكن الرميد رئيسا لي، فإما استقلال القاضي وإما الاستقالة".
وأوضح المستشار الهيني، أنه "وصلت هيمنة وزير العدل وتحكمه في الجهاز القضائي حدا لا يطاق
فلا
استقلال القضاء ولا هم يحزنون، شعار المرحلة الولاء للوزير يجلب المنفعة والولاء للمواطن يجلب التأديب، الفساد سنة حسنة والشرف جريمة".
وأعلن المستشار محمد الهيني في نص استقالته التي اطلع عليها الموقع، من سلك القضاء وذلك كرد فعل على العقوبة التأديبية التي طالته، والمتمثلة في التوقيف لمدة ثلاثة أشهر والنقل من المحكمة الإدارية إلى النيابة العامة، والحرمان من الترقية.
وكتب القاضي الهيني تعليقا على صفحته بأحد مواقع التواصل الاجتماعي، قال فيه: "أعلن أمامكم وبعد تفكير عميق عن قرار استقالتي من قضاء وزير العدل، فالانتقام بسبب حكم المعطلين بلغ
أوجه بعقوبة ظالمة مشوبة بالانحراف في استعمال السلطة لتحقيق أهداف لا صلة لها بالمصلحة العامة".
وأضاف المسشتار أن العقوبة التي طالته "تستهدف قضاء المواطنة المستقل" معتبرا أن "التوقيف لثلاثة أشهر نافدة بدون أجر وبنقل تلقائي إجباري للنيابة العامة"، ويقول: "جاء للتدرب على قضاء التعليمات وهجر مقاربة محاربة شطط الإدارة وحماية حقوق وحريات المواطنين".
وبلغ عدد القضاة الذين مثلوا أمام المجلس الأعلى للقضاء، خلال دورة أيار/ مايو 2014، في إطار مساطر تأديبية بسبب ما نسبت اليهم من اختلالات مهنية وسلوكية 14 قاضيا، وقد تراوحت المخالفات المنسوبة لهؤلاء القضاة ما بين ارتكاب أعمال خطيرة تمس بسمعة القضاء، والإخلال بالواجب المهني، والتغيب عن مقر العمل بدون موجب، وفق ما ورد في نتائج أشغال المجلس الأعلى للقضاء.
وتبعا لذلك، تم اتخاذ عقوبة العزل في حق قاضيين اثنين، وعقوبة الإحالة الى التقاعد التلقائي في حق قاض، وعقوبة الإقصاء الموقت عن العمل في حق خمسة قضاة، وعقوبة التوبيخ في حق قاضيين اثنين، وعقوبة الإنذار في حق قاض واحد، والبراءة لفائدة قاض واحد، وتأجيل البت في قضيتين اثنتين إلى حين إجراء بحث تكميلي بشأنهما.
وحسب النتائج المعلن عنها دائما، فإن عقوبة العزل والإحالة إلى التقاعد التلقائي شملت قضايا الانحراف والفساد، وعقوبة الإقصاء المؤقت من العمل شملت المخالفات المهنية الجسيمة، فيما كانت عقوبات الإنذار والتوبيخ من نصيب المخالفات التي لا تتسم بالجسامة. أما البراءة، فقد طالت المخالفات التي ارتكبت بدون قصد أو في حالة البراءة من أي مخالفة.
وكشف الهيني أن المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب، قرر عقد لقاء طارئ واستثنائي في الأيام القليلة المقبلة، لمناقشة القرارات الأخيرة للمجلس الأعلى للقضاء، ومدارسة طرق وأشكال الرد على هذه المجزرة الصادمة والفاجعة".
و تفجرت قضية المستشار الهيني بعد الاستدعاء الذي تلقاه من المفتشية العامة لوزارة العدل يوم الثلاثاء 8 نيسان/ أبريل 2014، بدون أن يشير كتاب وزارة العدل إلى سبب الاستدعاء و موضوع مثول القاضي الهيني بمكتب المفتش العام للوزارة. ليتضح فيما بعد أن الأمر يتعلق بتعليق كتبه الهيني على حائطه على "فيسبوك" في شباط/ فبراير الماضي، تضمن عبارات تمس بمدير الشؤون المدنية بوزارة العدل، محمد نميري، وجاء التعليق تحت عنوان "مواصفات مدير الشؤون المدنية المنتظر.. لا نريد أسدا ولا نمرا.. رسالة إلى زميلي الوزير".
المستشار محمد الهيني اشتهر بعد ما حكم لصالح "معطلي محضر 20 تموز/ يوليو" بحقهم في التوظيف المباشر، وبأن الحكومة ملزمة بتطبيق المحضر الاتفاقي مع المعطلين، وبتوظيفهم بشكل مباشر وفوري، وهو ما أبطلته محكمة النقض مؤخرا.