وقفت
الطفلة أماني أبو حدايد "8 سنوات" على أنقاض منزلها المكون من طابقين، والذي دمرته القوات الإسرائيلية، خلال العملية البرية التي نفذتها في بلدة الفخاري شرقي مدينة خان يونس جنوبي قطاع
غزة، تبحث عن بقايا ملابسها و"
فستان فرح" كانت تخبئه للمناسبات السعيدة.
وأمسكت أماني بيديها الصغيرتين الناعمتين قطعا من الحجارة الصغيرة ترفعها من فوق أنقاض غرفة النوم التي كانت تعيش فيها وأشقائها الأربعة التي تتوسطهم، بحثا عن ألعابها وما تبقى من فساتينها التي كانت ترتديها، قبل أن تهرب وعائلتها وتعود لتجد منزلها مُدمرا.
ونجحت وأشقاؤها بعد نحو ساعة من رفع قطع الركام تحت أشعة الشمس الحارقة، في العثور على فستان واحد لونه أحمر، وبدت سعيدة جدًا لأنها وجدته، قبل أن يضيع بين قطع الركام، أو يتلف ويتمزق من جراء سقوط المنزل.
ولم تدع الآليات والجرافات العسكرية الإسرائيلية شيئا إلا ودمرته، في بلدة الفخاري التي سيطرت عليها بشكل شبه كامل، خلال عمليتها البرية في قطاع غزة، التي انتهت صباح الثلاثاء الماضي.
الطفلة أبو حدايد قالت لمراسل"الأناضول: "جئت هنا لبيتنا الذي دمره اليهود، لأبحث عن ملابسي، فكلها تمزقت تحت أنقاض البيت، ولم أجد منها إلا فستانا واحدا، الله يدمرهم اليهود مثل ما دمروا بيتنا".
وأضافت الطفلة: "أنا سأفرح وأشتري فساتين جديدة، وسوف أعيش مثل أطفال العالم، رغم أن اليهود دمروا كل شيء".
وعلى أطلال المنزل المدمر جلست المسنة فايزة أبو حدايد (70 سنة)، وهي جدة الطفلة أماني، تبكي حزنا على منزلها، قبل أن تقول: "عشنا حروبا كثيرة، لم يمر علينا مثل هذه الحرب، اليهود خربوا كل شيء وقتلوا كثيرا من العائلات".
وعلى بعد أمتار من المسنة حداد جلس نجلها هاني (42 عاما) وبجواره 11 فردًا من أبنائه الذين أصبحوا بلا مأوى تحت خيمة صغيرة أقاموها فوق أنقاض منزلهم المدمر، وقال: "بدأ العدوان البري على المنطقة، والكل هرب ولم يتبق أحد".
وتابع أبو حدايد: "بقيت أنا ووالدي، وعند اشتداد
القصف واقتراب الآليات من منزلنا غادرنا المنطقة هاربين، بعد قصف منزل مجاور لنا من الطائرات الحربية واستشهاد عدد من المواطنين، ولم يتم العثور على جثامينهم حتى اليوم، وبأعجوبة خرجنا من المنطقة".
ومضى قائلا: "لم نتمكن من العودة إلى المنزل، سوى بعد إعلان التهدئة مدة 72 ساعة الثلاثاء الماضي، ولم أجد شيء من المنزل الذي أصبح ركامًا، والمنازل المجاورة التي تبعد أكثر من 2كم عن الحدود مع الأراضي المحتلة عام 1948م، حتى أن معالم المنطقة تغيرت تمامًا".
وأشار إلى أنه أقام الخيمة من بقايا خشب متهالك وقطعة حصير، وجلس أسفلها مع شقيقيه وعدد من أطفالهم، وقال: "الجلوس على منزلي حتى لو مدمر أفضل مليون مرة من المبيت في مدارس اللجوء، فهناك أشعر بالغربة".
وأضاف أبو حدايد: "سنعمر منازلنا، ولن نتخلى عنها وعن أراضينا، رغم هذا التدمير الكبير من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي تنتهج هذه السياسة منذ أن احتلت أرضنا عام 1948، وسيعود أطفالنا للعب بجوارها، وسنشتري لهم ملابس جديدة، وسيعيشون ويفرحون كباقي أطفال العالم".
وتشن إسرائيل حربًا واسعة على غزة، منذ السابع من الشهر الماضي، بدعوى العمل على وقف إطلاق الصواريخ من غزة باتجاه المدن والمستوطنات الإسرائيلية.
ومنذ انتهاء هدنة مدتها 72 ساعة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، صباح أول أمس الجمعة، شن الجيش الإسرائيلي عشرات الغارات على أنحاء متفرقة في غزة، وأطلقت فصائل فلسطينية صواريخ على إسرائيل.
ومنذ نحو أسبوع، ترعى مصر مفاوضات غير مباشرة بين الوفدين الفلسطيني (متواجد حاليا في العاصمة المصرية) والإسرائيلي (غادر القاهرة) بهدف التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أو إقرار تهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لحين التوصل إلى هذا الاتفاق.
غير أن هذه المفاوضات لم تنجح حتى الآن في التوصل إلى أي اتفاق.