أكدت صحيفة "الشروق" المصرية الأربعاء أن أحداث الاقتتال الذي تعيشه
ليبيا، والصراع بين التنظيمات الإسلامية وقوات اللواء
خليفة حفتر (قائد الانقلاب الفاشل)، وفرار الآلاف من العمال المصريين إلى الحدود التونسية، لم تفلح في تغيير نية عاملين مصريين، وإثنائهم بسبب الفقر عن قرار السفر إلى ليبيا عبر الطرق غير الشرعية، التي قد تؤدي بهم إلى الموت المحقق بقصف التنظيمات المسلحة أو بالألغام المزروعة في
الصحراء.
وكانت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن مطروح تمكنت قبل يومين بالتنسيق مع القوات المسلحة وإدارة منفذ السلوم البري من إحباط محاولة دخول 290 شخصا من عشر محافظات مصرية مختلفة عبر مدينة السلوم إلى ليبيا بطريقة غير مشروعة، كما ضبطت قبل عشرة أيام 262 آخرين حاولوا التسلل للأراضى الليبية.
والتقت "الشروق" بعدد من العمال قبل ساعات من سفرهم إلى ليبيا، بحثا عن العمل، أو لاستئناف العمل في ليبيا بعد إجازات قضوها في مصر.
وكشف أحد السماسرة بين العمال ومهربي العمالة المصرية إلى ليبيا معلومات تفصيلية في عملية الهجرة غير الشرعية التي ما زالت تستهوي مزيدا من العمال المصريين، بعد أن تم إغلاق جميع المسؤولين عن الهجرة الشرعية من خلال وزارة القوى العاملة والهجرة ومكاتب إلحاق العمالة في مصر، لكنه اشترط عدم ذكر اسمه.
وذكر أنه ينتمي لمركز بني مزار في محافظة المنيا، وهي ثاني أكبر المحافظات تهريبا للعمالة المصرية في ليبيا، وأنه برغم الأحداث التي تسيطر على مختلف المدن الليبية، وأزمة أكثر من 8 آلاف مصري عالقين على الحدود الليبية - التونسية، إلا أن فكرة السفر إلى ليبيا لدى عمال أو أصحاب أعمال مصريين لم تتغير، مشيرا إلى أن أعداد الراغبين في السفر لم تقل بالقدر الذي يتصوره كثيرون إثر هذه الأحداث.
وأكد السمسار أن دوره يقتصر على الوساطة بين من يريدون السفر من مصر بتوصيلهم إلى المهربين في الأراضي الليبية الذين يقومون بتوزيعهم عبر سيارات إلى المدن الليبية التي يسعون للوصول إليها، وفي أوقات أخرى يقوم بالمهمة كلها، إذ يجمع عددا من المسافرين لموعد محدد ثم ينقلهم من مصر إلى مدينة إجدابيا، حيث توجد منطقة التوزيع التي يقومون من خلالها بالانتقال إلى مدنهم.
ويتابع بأن هناك طريقين لدخول الأراضي الليبية، فإما الدخول إلى مدينة إجدابيا بعد المرور من الحدود الليبية وعبور كمائن الجيش بمعرفة ليبيين يتم التنسيق معهم مسبقا، إذ يسلك السائق طريق مساعد بعد المرور من معبر السلوم، وبعدها إلى مدينة طبرق، ومنها إلى إجدابيا، ومن ثم توزيع العمال هناك.
أوأن تنقل السيارة المسافرين نحو 20 كيلومترا جنوب السلوم بنحو350 جنيها حتى منطقة تسمى الشبكة، وبعدها يقطعون مسافة 25 كيلومترا ركضا في الممرات منها نحو 4 كيلومترات وسط
الألغام يقودهم مرشد على علم بالممرات بمقابل 500 جنيه للفرد الواحد، وتبدأ بعد المغرب وقت حلول الظلام، ولا بد أن تنتهي قبل طلوع الشمس حتى لا يتم كشفهم.
ويوضح أن متوسط أعمار هؤلاء المسافرين يتراوح بين 25 و30 سنة، وأنه بحسب روايات المسافرين فإن بعضهم يقول إنه كان يعمل في وقت سابق في ليبيا، وله أموال تقدر بعشرات الآلاف من الجنيهات مع التجار، وقرر العودة ليصفي حساباته، ويعود لمصر نهائيا، في حين يرى بعض العمال أنه برغم المخاطر التي يتعرضون لها لكن المقابل من العمل في الوقت الذي يسافر فيه الجميع يكون مجزيا، وبأضعاف الأيام العادية.
ونقلت "الشروق" قصة أحد الشباب الذين قرروا خوض مغامرة بحياتهم في مقابل الحصول على المال في وقت الحرب في ليبيا، فقال إن اسمه محمد الشربيني، وإنه قرر السفر إلى ليبيا بعد تحميس أحد أصدقائه له قائلا إن الأوضاع الأمنية المتردية ليست في جميع أنحاء البلاد، وإنما هناك مناطق تبعد عن المدن بمسافة نحو 45 دقيقة لا تشهد أعمال عنف، وبإمكانه العمل في هذا الوقت.
تجربة صديق الشربيني هي التي دفعت الشربيني لخوض المغامرة، إذ سافر صديقه إلى ليبيا بعد أحداث العنف التي شهدتها في أعقاب ثورة 17 فبراير، واستطاع تكوين ثروة تقدر بمئات الآلاف، واشترى 3 أفدنة من الأراضي الزراعية كما أنه أعاد بناء منزلهم الذي كاد ينهار عليهم، قائلا: "ليس لدى ما أبكي عليه.. أنا هنا ميت، ولو سافرت ممكن أموت بس ممكن أعيش، ولو عشت هارحم أسرتي من الفقر".
رسالة طمأنة من السفير الليبي
من جهته، أكد محمد فايز جبريل السفير الليبي في القاهرة أن أبناء الشعب المصري آمنون في ليبيا، ولم يتعرضوا لضغوط، وأن ما حدث عبارة عن أخبار خاطئة نتج عنها حدوث بعض الهلع لأبناء الجالية المصرية في المناطق الليبية الغربية، وذويهم في مصر.
وأشار - في مقابلة خاصة مع إحدى القنوات الفضائية- إلى أن أعداد الجالية المصرية في ليبيا يزيد على المليون و600 ألف شخص موزعين على أنحاء ليبيا، وأنه لم يتحرك منهم لمغادرة البلاد سوى 5 آلاف شخص، على حد قوله.
واعتبر أن المصريين في ليبيا جزء من النسيج الوطني، حيث يبلغ عدد السكان الليبيين 6 ملايين نسمة، بينما الجالية المصرية كبيرة ومنتشرة جغرافيا، مضيفا أنه من الطبيعي أن يصيب هذا العدد الكبير شيء من تداعيات تراجع الاستقرار على الصعيدين السياسي والأمني في ليبيا.