كشفت صحيفة "
إندبندنت أون صاندي" البريطانية عن الطريقة التي ساعدت فيها دراسة أعدها دكتور فرانك لونتز، خبير الاستطلاعات في الحزب الجمهوري والاستراتيجي السياسي، الناطقين باسم الجيش والحكومة
الإسرائيلية للتأثير على
الإعلام والرأي العام الأمريكي والغربي.
وقال باتريك كوكبيرن، معد التقرير، إن الأداء الهادئ والطريقة التي تبتعد عن العدوانية التي يتعامل فيها المتحدثون باسم الحكومة الإسرائيلية مثل مارك ريغيف، تعود لعملية تقوية في مجال العلاقات العامة والتي نتجت عن دراسة أعدها لونتز بناء على طلب من جماعة تطلق على نفسها "المشروع الإسرائيلي" تدير مكاتب لها في الولايات المتحدة وإسرائيل. والدراسة موجهة للأشخاص "الذين يقومون بخوض حرب الإعلام نيابة عن إسرائيل".
وكتب على كل صفحة من 112 صفحة "ليست للتوزيع أو النشر" ومن السهل معرفة السبب.
فقد تم تسريب التقرير الذي أعده لونتز وعنوانه "المشروع الإسرائيلي 2009: القاموس اللغوي العالمي" لمجلة "نيوزويك اون لاين" لكن أهميته لم يعرفها الكثيرون. ويجب ان يقرأه كل شخص، خاصة الصحافيين، الذين يهتمون بكل ملامح السياسة الإسرائيلية لأنه "يعطي فكرة عما يجب عمله وما لا يسمح به للتحدث مع المتحدثين باسم إسرائيل".
فهناك فجوة بين ما يؤمن به المسؤولون والسياسيون الإسرائيليون وما يقولونه، فما يقولون مصمم وبتفصيل من أجل تحديد ما يريد الأمريكيون سماعه. ويجب -والحالة هذه- قراءة التقرير من كل صحافي يدير مقابلة مع متحدث باسم إسرائيل، لكي يتعرف على التعبيرات والمصطلحات التي يستخدمها ريغيف وزملاؤه.
ويحتوي التقرير على نصائح مهمة للمتحدثين باسم إسرائيل وكيف يجيبون على الأسئلة الموجهة لمستمعين مختلفين. فالتقرير يقول: "الأمريكيون يوافقون على حق إسرائيل بحدود يمكن الدفاع عنها" ولكن التقرير لا يوضح بالضبط طبيعة هذه الحدود.
كما ويطالب التقرير الصحافيين بتجنب الحديث عن حدود ما قبل أو بعد 1967 لأن هذا السؤال يذكر الأمريكيين بتاريخ إسرائيل العسكري. فنسبة الدعم لإسرائيل تتراجع من 89% إلى 60% عندما تتحدث بناء على مصطلحات عام 1967.
ولكن ماذا عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الذي هجروا من بيوتهم عام 1948 والسنوات اللاحقة والذين لا يسمح لهم بالعودة لقراهم؟
هذه هي النصيحة التي يقدمها دكتور لونتز: "حق العودة موضوع صعب على الإسرائيليين لتوضيحه بطريقة فاعلة، لأن معظم اللغة الإسرائيلية تبدو وكأنها مختلفة، ولكنها مساوية لكلمات الداعين للانفصال بين البيض والسود في الخمسينات من القرن الماضي، والداعين للتمييز العنصري في ثمانينات القرن الماضي، والحقيقة هي أن الأمريكيين لا يقبلون ولا يرضون بلغة "منفصلون ولكن متساوون". وعليه كيف يتم تجاوز المشكلة "الصعبة" التي يتحدث عنها التقرير؟"
على المتحدثين أن يغلفوا حديثهم "بمطالب" لأن الأمريكيين لا يحبون الشخص كثيرَ المطالب، وعليه يجب أن يقولوا: "الفلسطينيون غير راضين بدولتهم ويطالبون بأراض داخل إسرائيل"، وهناك اقتراح آخر للإجابة عن سؤال حق العودة للفلسطينيين بأن يقول المتحدثون أن الموضوع "قد يكون جزءا من محادثات الحل النهائي في مرحلة معينة".
ويقول لونتز إن الأمريكيين يخافون من مجرد ذكر هجرة جماعية لأمريكا، ولهذا فالحديث عن "هجرة جماعية للفلسطينيين" لإسرائيل لا يجد قبولا لديهم. وإن لم ينجح المتحدث بإقناع مستمعيه فليقل لهم إن "موضوع حق العودة يعطل جهود إحلال السلام".
وكان تقرير لونتز قد أعد في مرحلة ما بعد حرب غزة الأولى "الرصاص المسكوب" في الفترة ما بين كانون الأول/ ديسمبر 2008 وكانون الثاني/ يناير 2009 والتي قتل فيها 1300 فلسطيني.
ويحتوي التقرير على فصل كامل يدعو المتحدث للحديث عن علاقة حماس بإيران و"عزل حماس المدعومة من إيران باعتبارها عقبة للسلام" ولكن مشكلة الدعائيين نيابة عن إسرائيل هي أن علاقة حماس وإيران ليست جيدة هذه الأيام بسبب الاجتياح الإسرائيلي لغزة، ولم يتم استئناف العلاقات بينهما إلا في الأيام القليلة بسبب الغزو الإسرائيلي.
وتؤكد معظم نصائح الدكتور لونتز على أهمية تقديم القضية والنبرة، ولهذا يدعو المتحدثين باسم إسرائيل لإظهار التعاطف مع الفلسطينيين "فالأشخاص الذين يمكن إقناعهم لا يهمهم مدى علمك بقدر ما يهمهم ما أظهرت من عناية وتعاطف مع الجانبين" وهذا يفسر تعاطف المتحدثين باسم إسرائيل مع الفلسطينيين الذين تقصفهم القوات الإسرائيلية.
وفي تأكيد آخر يدعو لونتز الناطقين باسم إسرائيل ومسؤوليها عدم "تبرير ذبح الأطفال والنساء والأطفال" وعليهم مواجهة من يتهمون إسرائيل بأعمال كهذه وبلهجة قاسية.
ويحتوي التقرير على قائمة من الكلمات التي يجب أن تستخدم للدفاع عن إسرائيل ومن أهمها التأكيد على رغبة إسرائيل بتحقيق السلام مع الفلسطينيين، لأن هذا ما يريد الأمريكيون حدوثه.
ويدعو لونتز المتحدثين باسم إسرائيل لإظهار الرغبة بالتفاهم المتبادل وأن يقولوا مثلا "أريد تحديدا الحديث مع الأمهات الفلسطينيات اللاتي فقدن أبناءهن، ولا أريد رؤية أب أو أم وهما يدفنان ابنهما".
وتعترف الدراسة أن الحكومة الإسرائيلية لا ترغب بحل الدولتين، ولكن يجب تغليف الحديث عنه بطريقة مختلفة، لأن نسبة 78% من الأمريكيين تريد تحقق هذا، كما ويجب على المتحدثين باسم إسرائيل التأكيد على إنعاش وتحسين أوضاع الفلسطينيين الاقتصادية.
ويشير كوكبيرن إلى تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حيث قال "هذا هو الوقت الذي يسأل فيه شخص حماس، ماذا تفعلين من أجل تحقيق الازدهار لشعبك؟"، وكلام نتنياهو فيه نفاق، لأنه لم يسأل عن حصار 7 سنين سببت البؤس والفقر لأهل غزة.