مع أن مصر أدارت ظهرها لحماس هناك دول تخرج من الظل وتقدم الدعم لها. فتصاعد الحرب على
غزة يضع الحركة في حالة حرجة ويدفعها للحد الأدنى من قدراتها، فهي ليست في وضع كي توازي قدرات إسرائيل العسكرية. وحتى الحصول على المصادر الكافية كي تشن هجمات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية لا يتم إلا بدعم أجنبي كبير.
ولكن أية دولة تريد الاستثمار في
حماس؟ تتساءل مجلة "تايم" الأمريكية. وتجيب أن الغرب لا يريد، خاصة أن حركة حماس كانت حاضرة في قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية منذ عام 1997. ومن هنا فالأمل الوحيد لحماس هي جارتها من الدول العربية.
وتضيف المجلة أن لحماس حليفان واضحان هما قطر وتركيا، فكلاهما قدما لحماس دعمهما الواضح والدعم المالي الذي يقدر بالملايين من الدولارات. ويقول شانشك جوشي المحلل السياسي في المعهد الملكي للدراسات المتحدة في لندن "تستقبل قطر مسؤول المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل". وهي لها" تاريخ في تقديم الملجأ للإسلاميين ومن بينهم الإخوان المسلمين وحركة طالبان".
وتقول المجلة إن حزب العدالة والتنمية وصل للسلطة عام 2002 ويدعم ما يصفه جوشي "الحلفاء الآخرين ممن يطلق عليهم الإسلاميين الجدد"، رغم أن الحكومة التركية ترفض وبشكل واضح صفة "إسلامي" ولكن النزعة الاجتماعية المحافظة تستلهم من الأيديولوجية الإسلامية التي تشارك فيها حماس. مشيرة إلى زيارة مشعل العام الماضي لتركيا حيث اجتمع مع رئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان لعدة ساعات.
وتضيف أن كلا من قطر – واحدة من أهم الدول الغنية في العالم- وتركيا حليفان قويان، لكن حماس ربما تمنت أن يكون لها حلفاء يدعمونها. فقيل مرة أن حماس كانت متحالفة بقوة مع سوريا وإيران، حيث قدمت الأخيرة لها ما بين 13-15 مليون دولار في الشهر حتى عام 2011 وقدمت لها صواريخ ذات مدى طويل. وكان مركز المكتب السياسي لحماس في دمشق قبل أن ينتقل إلى قطر عام 2012.
ولكن العلاقات بردت بشكل كبير مع إيران وسوريا وسط الانقسام الطائفي الذي تبع اندلاع الحرب الأهلية السورية. فقد دعمت إيران ذات الغالبية الشيعية نظام الرئيس بشار الأسد من الطائفة العلوية في سوريا، وبنفس السياق دعم حزب الله الشيعي وقف إلى جانب النظام.
وفي المقابل وقفت حماس مثل بقية العالم العربي إلى جانب الثورة. مما أدى بطهران لقطع المساعدات عن حماس، وقيل إن حزب الله طلب من أعضاء الحركة مغادرة لبنان، وحمل قادة حماس أمتعتهم وسافروا لقطر.
وينقل التقرير عن مدير جمعية التفاهم العربي- البريطاني كريس دويل قوله إن "علاقة إيران بحماس كانت دائما إشكالية"، "فحماس هي منظمة سنية وإيران دولة شيعية، ومع ذلك فقد كانت حماس هي مدخل إيران للقضية الفلسطينية".
وفي محاولة من طهران لاستعادة تأثيرها على هذه القضية، فقد حاولت خلال الأشهر الـ 18 الماضية عقد مصالحة مع حماس. ويقول فواز جرجس، المحاضر في مدرسة لندن للاقتصاد في لندن، إن النزاع في غزة هو السبب "أدت الازمة الحالية لنوع من التقارب بين القادة الإيرانيين وحماس". ولاحظ جرجس أن حزب الله أيضا وجه دعوة لحماس كي تعود للحاضنة الإيرانية. ففي خطاب نقلته محطة المنار التابعة للحزب، أثنى الأمين العام للحزب حسن نصر الله على خالد مشعل ومواصلة حماس المقاومة. وقالت القناة إنه دعم وبشكل قوي المطالب العادلة من أجل وقف المعركة الحالية.
ويقول جرجس إن هذا لا يعني عودة للعلاقات الدافئة بين إيران وحزب الله وقادة حماس". ولكنه أضاف "قد تنتج هذه الأزمة نوعا من التحالف" وقد تكون أخبارا جيدة لحماس.
ولكن هناك دولة عربية أخرى تعارض حماس وبشدة، وهذه هي مصر أكبر وأكثر دولة عربية مؤثرة والمسؤولة عن مسودة مبادرة وقف إطلاق النار.
ويشير التقرير إلى أن حماس ما بين 2012-2013 تمتعت بكرم مصر تحت قيادة الرئيس السابق محمد مرسي. وعندما أطيح بمرسي العام الماضي بانقلاب قاده عبد الفتاح السيسي قائد الجيش السابق عرفت حماس أن الأيام الجميلة قد انتهت.
ويقول جرجس "أكثر شيء مدمر حدث لحماس هو الإطاحة بمحمد مرسي".
وقام السيسي الذي هندس عملية ملاحقة وقمع الإخوان المسلمين بتدمير الأنفاق بين مصر وغزة مما أثر على مالية حماس. وتواجه الحركة أيضا عداء من السعودية والإمارات العربية المتحدة الداعمان الرئيسان لنظام السيسي.
وربما لم تعد حماس بحاجة لمصر، فمع تزايد عدد القتلى، هناك تعاطف متزايد من الرأي العام العربي مع حماس. ويقول جرجس "شعبية حماس في الشارع العربي هي في أعلى حالاتها وفي كل دولة عربية باستثناء مصر". و"كلما طال أمد النزاع كلما حصلت حماس على تعاطف في مصر" وما "يهم هو نبض الشارع".