كتب قادة بن عمار: من يشاهد أحوال المنطقة العربية الآن، قد يتفق على أنها تعاني نقصا في كل شيء.. في الحريات، في الخبز والماء، في التنمية والمشاريع الاقتصادية.. لكنها تعاني من فائض كبير في مجالات أخرى.. تحديدا في الفساد والرداءة والجنرالات!!
قرر
المصريون، أو جزء منهم على الأقل، تسليم البلد برمته.. وبعد ثورة شعبية عظيمة.. إلى فرعون جديد.. المثير للانتباه أن
الجنرال عبد الفتاح السيسي الذي لم يمنعه ذبح ألف شخص في يوم واحد، من النوم ليلا، ولا عن تقديمه من طرف الإعلام المنافق باعتباره رجلا مؤمنا وتقيا .. تتوفر فيه جميع مواصفات الفرعون المصري "خمس نجوم" أي أكثر حتى من مبارك.. يكفي هنا القول، إنه جنرال، متعطّش للسلطة، ولديه ولدان، أحدهما يعمل بالمخابرات والثاني بالقوات البرية!!
يعني.. ما حققه المصريون حين أسقطوا مبارك من حرية وانتصار مبين على مخطط التوريث، انتهى بوصول السيسي للحكم، وقد يتطور الأمر إلى توريث البلد في المستقبل القريب، وبعد عمر طويل، لأحد أبنائه!ما يهمنا في القضية..
أنه وفي ظل "فرحتنا" المؤقتة بانسحاب العسكر من الحياة السياسية في الجزائر، و"تصديقنا" حقا لفرضية أن الجيش بات محايدا، يُستقبل مبعوث العسكر في مصر، عمرو موسى بحجة أن هذا الأخير شخصية دولية محترمة!!
غريب جدا "هذا الاستقبال" الذي تورط عشية انتخاب السفاح السيسي على رأس مصر، لكن المخجل أكثر، تبريره بالقول إن النظام المصري القائم على الجثث ورائحة الدم ووأد الشرعية، يبحث عن خبرة الجزائر من أجل استرجاع مكانة مصر العربية والإقليمية!!
القضية ليست "إخوان" ولا سيسي، ولا هي خفتر أو عنتر.. لكنها تتعلق بسمعة الجزائر.. باعتبارها مكة الثوار لا قبلة الانقلابيي!!.. هنا لا يمكن قبول تنظيف سمعة الجنرالات في مصر وليبيا، تحديدا عندما يتمسك الجزائريون بفكرة أن ما شاهدوه في شوارع رابعة العدوية وبعض الميادين، لم تكن فيلما سينمائيا ولا مياه بل دماء وأشلاء وجثث..أو عندما نعلم جميعا أن ما يحدث في بن غازي وطرابلس حاليا هو انقلاب كامل الأوصاف وليس ثورة شعبية !!
نصيحة أخرى لوجه الله والوطن.. فليتوقف هذا النظام عن "دبلوماسية عدم التدخل"، فالسكوت عن جرائم الأسد، وفتح أكثر من اتصال مع الجنرال خفتر في ليبيا، واللعب على أكثر من وتر سياسي في تونس، والسماح للطائرات الفرنسية بعبور الأجواء لضرب
مالي، كلها مؤشرات تدل على أن هذا النظام متورط من رأسه حتى أخمص قدميه.. في كل تلك البلدان، كما لم تعد مبررات "احترام الشؤون الداخلية للدول" تقنع حتى الأطفال الصغار..ابحثوا عن مبرر آخر!!
(نقلا عن صحيفة الشروق أون لاين الجزائرية 31 أيار/ مايو 2014)