حصل الإعلام الليبي على نوع من الحرية بعد سقوط نظام القذافي إلا أن هذا الإعلام ليس له حماية من غضب الأقوياء كما تقول صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية.
ففي تقرير أعده مراسلها في شمال إفريقيا جون ثورن بدأه بقصة اقتحام عشرات المسلحين لقناة "العاصمة" والذين قاموا بإخراج جميع الموظفين من المبنى وأشعلوا النار بالاستوديو وأطلقوا القنابل الصاروخية على الشبابيك، وكان مدير المحطة في طريقه للمنزل عندما علم بالخبر وعاد للمحطة ووجد الموظفين في حالة صدمة والبناية مشتعلة ولم يكن هناك أي توضيح ولكن المسلحين أوصلوا رسال واضحة تقول "توقفوا عن البث".
ويقول سلام إنه من غير الواضح من يقف وراء الاعتداءات ولكنه استنتج أن بعض الليبيين يعتبرون العاصمة متحيزة ضد الإسلام السياسي مع أن المحطة انتقدت المجلس الوطني العام والذي يرأسه ائتلاف علماني.
ويمضي الكاتب بالقول "حرية الإعلام هي أفضل مما كان عليه الوضع أيام القذافي، ولكن الاعتداءات مثل التي حصلت لقناة العاصمة أصبح من مخاطر المهنة فالمجموعات المسلحة تزدهر والحكومة ضعيفة ولا تستطيع حماية الصحفيين".
وقد أنشأ الأسطة مع زميله سلام والذي استقال من منصبه الدبلوماسي في الكويت
قناة العاصمة، بعد أشهر قليلة من انداع الثورة في ليبيا في شهر آب/ أغسطس في 2011، من تونس.
وقد اختطف على الأقل ثمانية صحفيين، منهم مالك قناة "العاصمة" جمعة الأسطة ومدير الأخبار فيها محمد الهوني واللذان اختطفا لفترة قصيرة عام 2013. كما قتل أحد الصحفيين الثمانية بحسب لجنة الدفاع عن الصحفيين في نيويورك.
وكون ليبيا لا تزال في مرحلة انتقال فإن الأخبار عادة ما يكون وقعها كبيرا.
ولكن الإعلام بشكل عام لا يزال مبتهجا بحريته الجديدة ويرى مدى تنامي أثره في الشارع بحسب ما قاله الهوني "العاصمة هي الأكثر مشاهدة وهذا أقوى من أي سلاح، فعندما تنقل الأخبار تحرك الشارع".
وكانت التغطية الإعلامية للاشتباكات المسلحة في طرابلس في تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي والتي أدت إلى مصرع عدد من المدنيين ساعدت على قيام احتجاجات أدت إلى انسحاب عدد من المليشيات القوية من المدينة.
ويشير التقرير إلى أن الإعلام في ظل حكم القذافي "كان عبارة عن مؤسسات حكومية عدا صحيفتين خاصتين أنشأهما سيف الإسلام القذافي والذي كان ينظر إليه بشكل عام كإصلاحي حيث تحدثت تلك الصحف عن المشاكل في الإدارة ولكنها تجنبت الحديث عن حكم القذافي، وكانت الصحف الرسمية تتجنب إحراج المسؤولين بشكل عام، بحسب علي نصر الدين الذي عمل صحفيا متدربا في صحيفة الجماهيرية بين عام 2009 و 2010".
ويذكر التقرير تغطيته لمناسبة رياضية للأطفال المعاقين حيث أشار في تقريره إلى تدني مستوى التجهيزات والطعام، فغضب المحرر منه قائلا "لم أطلب منك أن تكتب بهذا الشكل" ومزق التقرير ثم نشر نسخة منه بعد تعديل كبير في محتواه.
والحكومة الحالية ليست بالضرورة أكثر حميمية تجاه الإعلام ففي شهر كانون الثاني/ يناير قام المؤتمر الوطني العام بتمرير قانون يسمح للسلطات بمنع محطات التلفاز من انتقاد ثورة 2011 وتلك التي تؤثر على الأمن أو تزرع الفرقة بين الليبيين. ومع أن القانون يبدو موجها ضد محطتين مؤيدتين للقذافي إلا أن صياغته المبهمة تجعله صالحا لتطبيق أوسع بحسب بيان لهيومان رايتس واتش في 26 كانون ثاني/ يناير.
يقول محمد حمود الذي يرأس (تش 20) وهي منظمة أهليه تراقب البرلمان الانتقالي في ليبيا بأن القانون يحد من حرية الإعلام على المدى الطويل ولكن الحكومة الليبية ضعيفة جدا لتطبيقه، وهذا الضعف يجعلها عاجزة أيضا عن حماية الإعلام من المجموعات المسلحة.
كما أن الصحفيين يتصارعون مع تحديات نقل التقارير في بلد تتابع فيه الأحداث بشكل سريع ويزخر بالمعلومات الخاطئة. فإمكانيتهم لإتقان الأساسيات من دقة وموضوعية ستكون مهمة صعبة جدا.
وفي شباط/ فبراير وزع الجنرال خليفة حفتر شريط فيديو له وهو يلبس الزي العسكري ويطالب الحكومة والمؤتمر الوطني العام بالتخلي عن السلطة وتم بث الشريط في كثير من المحطات بدون التأكد من صحته مما تسبب في مخاوف بأن انقلابا عسكريا قد وقع ولكن الإدعاءات كانت فاشلة.