سياسة عربية

بوتفليقة.. بين الرئيس "القعيد" و"روزفلت" الجزائر

بوتفليقة على كرسيه المتحرك قبل الإدلاء بصوته - ا ف ب
بوتفليقة على كرسيه المتحرك قبل الإدلاء بصوته - ا ف ب
لم يكن أحد يتوقع هزيمة عبد العزيز بوتفليقة بعدما قرر خوض الانتخابات الرئاسية لولاية رابعة، لكن ظهوره الصامت على كرسي متحرك للإدلاء بصوته، دون أن ينبس ببنت شفة، أثارت العديد من المعارك الكلامية بين أنصار ومعارضي بوتفليقة.

فبينما يطلق المعارضين عليه لقب الرئيس "القعيد"، قرر أنصاره المواجهة، وقالوا إنه روزفلت الجزائر، في استحضار لشخصية الرئيس الأمريكي المقعد فرانكلين روزفلت. 

وعندما يطرح السؤال التالي على قادة الاحزاب الموالية للرئيس بوتفليقة: هل يمكن أن يقود الجزائر رئيس مقعد على كرسي متحرك ؟ يردون بالإجماع : وهل اخطأ الامريكيون عندما انتخبوا رئيسا مقعدا هو روزفلت وتمكن من قيادة البلاد بشكل عادي".

وسوقت هذه الإجابة على نطاق واسع وسط الجزائريين، على أن "بوتفليقة مريض برجليه وليس بعقله"، وهو ما قاله قبل أيام ، رئيس "الجبهة الشعبية" عمارة بن يونس الموالي للرئيس بوتفليقة في رده على سؤال "عربي 21".

ويرفض الإعلامي عبد القادر جمعة ، تشبيه وضع بوتفليقة بالوضع السابق لروزفلت ، ويوضح أن" روزفلت كان مصابا بشلل الأطفال في أطرافه السفلى، وهو مرض لا يؤثر في القدرات الذهنية، وليس بـ "جلطة دماغية".. في الدماغ.. في الرأس.. في المخ..".

 وأضاف جمعة أن "روزفلت أصيب بالمرض عام 1921، وهو يومها في الـ 39 من العمر، وقبل انتخابه رئيسا للمرة الأولى بـ 12 سنة، أي أن الأمريكيين اختاروه وهم على علم بمرضه ووضعه الصحي، وبعد أن "استقرت" حالته الصحية بشكل نهائي، وليس خلال فترة "تماثله للشفاء". كما أوضح جمعة أنه "لم يعترض أحد على " أهلية" روزفلت للرئاسة، لأن وضعه كان معروفا وشفافا، والإجماع قائم على عدم تأثير مرضه على قدراته وكفاءته".

كما يبرر جمعة الاختلاف بوتفليقة وروزفلت بقوله إن "روزفلت خاض الحملات الانتخابية الأربعة بنفسه، وتنقل في أرجاء أمريكا الشاسعة بالقطار، والتقى مواطنيه وخطب فيهم وناقشهم واستمع إليهم بنفسه"، كما أنه "لم يتخلّف يوما عن أداء مهامه كرئيس بسبب المرض، فأخرج بلاده من الكساد الاقتصادي الكبير الذي أعقب أزمة 1929، وقادها الى النصر في الحرب العالمية الثانية، وكان يشرف على العمل الحكومي شخصيا، ويحضر اللقاءات الدولية رغم المخاطر الكبيرة أثناء الحرب".

وبانتخابه، الخميس 17 نيسان/ ابريل، يكون الرئيس بوتفليقة أطول الرؤساء الجزائريين حكما، مقارنة مع رؤساء الجزائر السابقين، بعد أن كان الرقم القياسي للمكوث بالحكم، لدى الرئيس الراحل هواري بومدين الذي توفي كانون الأول من العام 1978.
 
وفترة حكم بوتفليقة، منذ اعتلاءه قصر المرادية، في التاسع من نيسان ابريل 1999، هي 15 سنة وثمانية أيام بالضبط، بينما قضى بومدين في الحكم 13 سنة و6 اشهر و9 أيام.

وقال تلفزيون "النهار" الموالي للرئيس بوتفليقة، صباح الجمعة إن بوتفليقة فاز بأكثر من 81 بالمائة من أصوات الناخبين، يليه خصمه اللدود علي بن فليس ب6 بالمائة من الأصوات ، بينما يقتسم المترشحون الأربعة الباقون النسب المتبقية. لكن هذه النسب تبقى تقريبية بانتظار النسب المعلن عنها من قبل وزارة الداخلية.

   ومنذ انتخابه العام ،1999  كثيرا ما كان بوتفليقة يحاكي فترة حكم الرئيس بومدين الذي كان وزيرا لخارجيته، وعمره لا يتعدى 25 سنة.

وقطاع واسع من الجزائريين المسنين، يتعاطفون مع بوتفليقة لأنه يذكرهم بالراحل بومدين، الذي استطاع ان يرسم لنفسه في المخيلة الشعبية الجزائري صورة الزعيم، الذي لا يختلف عن جمال عبد الناصر بمصر.

وعرفت فترة حكم بوتفليقة انتشار الفساد على نطاق واسع، وأبرز الملفات المطروحة في الفساد، قضية الوزير السابق للنفط شكيب خليل المتابع من قبل العدالة الجزائرية بتهمة الاختلاس وابرام صفقات مشبوهة مع الشركة الايطالية للنفط" صايبام" بقيمة 197 مليون يورو.

وبالإضافة إلى قضية خليل، هناك قضية الخليفة أو ما عرف بـ "فضيحة القرن"، المتابع بها الملياردير عبد المؤمن خليفة الذي تسلمته الجزائر من بريطانيا، كانون الأول /ديسمبر2013.

ويقول رئيس الجمعية الوطنية لمكافحة الفساد جيلالي حجاج لـ"عربي21" إن " فضائح الفساد احتلت المرتبة الاولى منذ عشر سنوات في مشهد الحكم الحالي". ويتابع "ليس هناك  بوادر حقيقية في محاربة سرقة المال العام  لسبب واحد انه لا توجد هناك تشريعات صارمة".

وانفقت الحكومة منذ وصول بوتفليقة الى سدة الحكم وطيلة 15 سنة،  700 مليار دولار، وهو حجم انفاق اكبر بكثير من موارد البلاد من النفط من بداية الاستقلال الى غاية 1999. كما قال الوزير الأسبق للاتصال عبد العزيز رحابي ل"عربي21" . 

ويقعد الرئيس بوتفليقة على كرسي متحرك منذ انتقاله إلى مستشفى فال دوغراس بباريس يوم 27 نيسان/ ابريل من 2013، اثر اصابته بجلطة دماغية، وقد عاد من باريس يوم 16 حزيران/ يوليو، ومنذ ذلك الوقت وهو مقعد على كرسي متحرك.

  لكن غالبية ساحقة من الجزائريين لم يتوقعوا ان يستمر رئيسهم في الحكم ثم يترشح لولاية رابعة وهو مقعد.
التعليقات (0)