يواجه الرئيس
اليمني عبدربه منصور هادي انتقادات واسعة، وسط تنامي السخط السياسي والشعبي من سياسته في إدارة الأزمات التي تعصف بالبلاد، وذلك من خلال تشكيل لجان وساطة للتفاوض مع جماعات العنف المسلحة.
وينظر مراقبون إلى طريقة هادي في التعامل مع ملف الجماعات المسلحة التي تمارس العنف، بأنها مخيبة للآمال، وتهدد بضياع هيبة الدولة، بينما يذهب آخرون في القول إن هادي يحكم بقميص سلفه صالح.
وكان أعضاء من البرلمان اليمني قد شنوا هجوما عنيفا على
السياسة التي ينتهجها هادي إزاء تحركات الجماعات المسلحة من خلال التحكيم القبلي، والنأي بالجيش من بسط نفوذ الدولة، معتبرين ذلك بأنه يهدد كيانها، ويشجع على ممارسة العنف على نطاق واسع.
ويرى رئيس تحرير صحيفة الأهالي المحلية أحمد شبح أن "الرئيس عبدربه منصور هادي يتعامل مع قوى العنف في الشمال والجنوب بقاعدة "عين الرضا"، ويقدم الجيش كبش فداء لسياسته، ويحول الدولة إلى مؤسسة قبلية، ويتحول هو إلى "شيخ قبيلة" يقدم التحكيم للجناة" مشيرا إلى أنه "يتجاهل تضحيات آلاف الضباط والجنود الذين لا يجدون من يقوم بدفنهم وانتشال جثثهم".
وأضاف شبح لــ"عربي21" أن "هادي يعمل على تفكيك وإضعاف القوى الوطنية والقبلية في المحافظات الشمالية على اعتبار أنها صانعة التحولات، وصانعة الرؤساء، ويراهن على تنويم الحالة الشبابية، وتخدير "الثعابين"، في سبيل المضي في بناء قوته الخاصة التي تتمدد في مؤسسات الدولة بشقيها العسكري والمدني وسلطاتها المختلفة".
وأشار شبح أن" الرئيس عبدربه منصور هادي يتبع "التكتيك الحربي" واستراتيجيات "الدروع" وهي تخصصه العسكري، في إدارة الصراع بين قوى الثورة السلمية و"الثورة المضادة" في إشارة إلى الثورة المضادة التي تقودها قيادات من النظام السابق المتحالفة مع الحوثيين لإسقاط رموز ثورة 11 فبراير".
واتهم الرئيس هادي بـأنه "يحكم بـ "قميص عفاش" ـوعفاش هو لقب الرئيس السابق علي صالح كما تعارف عليه اليمنيون مؤخراً- ويستند، بحسب شبح، إلى "سحرة المؤتمر الشعبي"، ولم يتنكر هادي لجميل الرئيس السابق الذي لا يزال رئيساً له تنظيمياً في حزب المؤتمر الشعبي العام".
وأوضح أنه "من المؤسف أن هادي يبدو كمن يتنكر لقوى الثورة التي تعد غطاءه السياسي وسنده الاستراتيجي ووضعت مصير ومستقبل البلاد في عهدته، ويعاملها بنظرية "العصا والجزرة" ويحتفظ معها بـ"شعرة معاوية" التي خلقت له بيئة شجعته على الاستبداد بالقرار، ومصادرة صلاحيات رئيس وأعضاء الحكومة والخروج عن دائرة التوافق التي فرضتها المرحلة".
من جهته اعتبر عضو البرلمان اليمني الدكتور عبد الباري دغيش أن "تصرفات الرئيس هادي خلال هذه الفترة التي تنتهج حل المشاكل عن طريق تشكيل لجان الوساطة، هي خطوات حكيمة وحليمة، من أجل الحفاظ على السلم الاجتماعي".
لكنه في الوقت نفسه، حذر الرئيس هادي "من الاستمرار في هذه الخطوات، التي قد تساعد على تطور الأحداث، وتفرز معطيات أخرى".
وأضاف لـ"عربي 21" أن "هيبة الدولة تكمن أساسا في القدرة على حل المشاكل بأي طريقة كانت". مشيرا إلى أن "العبرة في النهاية بمدى قدرتها على بسط سيطرتها على كل المناطق".
وأشار دغيش إلى أنه "من السهل إشعال فتيل الحرب، لكنه من الصعب إخماد الحروب، ويجب أن يكون خيار الحرب ضد جماعات العنف المسلحة في البلاد هو الأخير".
وبيّن أن "جميع القوى السياسية توافقت في مؤتمر الحوار الوطني على نبذ العنف، وعدم استخدامه من أجل مآرب سياسية".
داعيا الرئيس هادي إلى بسط نفوذ الدولة في كل المناطق، مطالبا "الجماعات المسلحة بتسليم أسلحتها".
وأوضح أن "المشهد اليمني مليء بالتعقيدات، خاصة في هذه المرحلة والتوافقات السياسية تكتنفها خطوات حذرة من قبل كل القوى في البلاد".
وعبّر دغيش عن "رفضه لما تقوم به بعض الجماعات المسلحة من ممارسات لفرض أجندتها وتسويق أفكارها بالقوة". في إشارة منه لما يقوم به الحوثيون في الشمال، والحراك المسلح في الجنوب، مخاطبا تلك الجماعات أن "المراهنة على العنف لن تحقق أي مكاسب لها".
وطالب في ختام حديثه بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، لإخراج البلاد من الوضع الحرج التي تمر به.
هذا وقد دافع الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في حوار مع صحيفة "الحياة" اللندنية عن سياسته في التعامل مع الجماعات المسلحة من خلال تشكيل لجان الوساطة، مؤكداً بأنه يهدف من وراء ذلك تجنيب البلاد الدخول في صراعات داخلية.