قال أقارب ومحامون لعدد من النشطاء العلمانيين الذين اعتقلوا الشهر الماضي في ذكرى مرور ثلاث سنوات على الانتفاضة الشعبية على حكم حسني مبارك إن النشطاء تعرضوا للتعذيب بأساليب من بينها الصدمات الكهربائية، والاعتداءات الجنسية.
ونفت وزارة الداخلية سوء معاملة المحتجزين، وإذا أكد طرف مستقل هذه الاتهامات فانها ستظهر أن الشرطة عادت لبعض الممارسات التي كانت سببا في اطلاق شرارة انتفاضة عام 2011.
وأدى القبض على النشطاء إلى زيادة الانتقادات الموجهة للسلطات المدعومة من الجيش من الليبراليين واليساريين الذين أيدوا الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي المنتمي وتجاهلوا الحملة التي شنتها السلطات على أنصار، وهي تتضمن انتهاكات تفوق في شراستها اتهامات هؤلاء، وفق منظمات حقوقية وروايات شهود عيان ومعتقلين.
ويقول محامون إن الشرطة اعتقلت نحو ألف شخص من بينهم صبيان في سن المراهقة في 25 يناير كانون الثاني وهو اليوم الذي قتلت قوات الأمن فيه 49 شخصا أغلبهم من الاسلاميين خلال مسيرات مناهضة للحكومة المؤقتة، فيما خرج الآلاف للشوارع تأييدا للحكومة في ذلك اليوم.
وقال الآقارب والمحامون لرويترز إن
التعذيب بدأ في مراكز الشرطة واستمر في بعض من أسوأ السجون ومراكز الاعتقال
المصرية سمعة، وقالت هدى محمود في إشارة إلى اعتقال زوجها خالد السيد: "قال لي إنه تم تعليقه من ذراعيه متدليا من السقف وتعرض للضرب الشديد، ونقل إلى حجرة وعصبت عيناه حتى يسمع صراخ رجال كانوا يتعرضون للتعذيب." وأضافت: "تعرض البعض لانتهاكات جنسية. وتم نزع ملابسه بالكامل وألقي ماء بارد عليه. كما قيد إلى مقعد وتعرض للضرب لساعات."
وعندما أعلن المشير عبد الفتاح السيسي الانقلاب على مرسي أول رئيس مصري منتخب في انتخابات حرة، وعد باعادة الديمقراطية لمصر (...) التي تحصل على مساعدات أمريكية قيمتها نحو 1.5 مليار دولار سنويا أغلبها للقوات المسلحة، وقد حجبت واشنطن بعض المساعدات لحين إحراز تقدم في التحول الديمقراطي.
ويقول منتقدون للحكومة الجديدة أن السلطات تعمل على سحق أشكال المعارضة بسجن الاسلاميين ثم النشطاء العلمانيين الآن، وتقول الحكومة المؤقتة المعينة من الإنقلابيين إنها ملتزمة بصيانة حقوق الانسان.
ووجهت السلطات إلى كثيرين من الاسلاميين المحتجزين وعددهم بالآلاف اتهامات بارتكاب أعمال عنف أو التحريض عليها. ووجهت للنشطاء العلمانيين الذين احتجزتهم السلطات بأعداد أقل اتهامات بارتكاب جرائم من بينها مخالفة قانون جديد يجرم التظاهر دون الحصول على إذن.
وقال الأقارب والمحامون إن الاتهامات الموجهة إلى من احتجزوا في 25 يناير كانون الثاني تتباين من مخالفة قانون التظاهر إلى الانتماء لجماعة إرهابية.
وسئل هاني صلاح المتحدث باسم مجلس الوزراء المؤقت عن اتهامات التعذيب فقال إن الحكومة ملتزمة بحماية حقوق الانسان وسيادة القانون وإنه ليس من سياسة مصر تعذيب المحتجزين أو اضطهادهم لاي سبب من الأسباب.
ونفي المسؤول الاعلامي بوزارة الداخلية أحمد حلمي حدوث أي انتهاكات وقال إن مسؤولي السلطة القضائية والمدعي العام يتفقدون السجون بانتظام.
وأضاف "أي مسجون لديه شكوى من حقه تقديم التماس للوزارة والوزارة ملزمة بفحصه والتحقيق فيه." وبدأ الحديث عن التعذيب في مطلع الاسبوع عندما ظهر المحتجزون أمام النيابة لحضور التحقيقات التي حضرها المحامون والاقارب. وتقرر مد فترة حبسهم.
وقال المحامون والأقارب إن المحقق الذي لم يمكن الاتصال به على الفور أبلغ المحتجزين أن شكاواهم تتجاوز اختصاصه وهو النظر في مسألة تمديد حبسهم أو الافراج عنهم، وقال الناشط الليبرالي خالد داود إن ثلاثة على الاقل من المحتجزين قالوا إنهم تعرضوا لصدمات كهربائية. ونقل في تغريدات أثناء الجلسة عن أحد المحتجزين قوله إنه تعرض للتعذيب بالكهرباء في مناطق حساسة من جسده، وقال داود لرويترز "هذه عودة إلى سياسات عهد مبارك بطريقة أشد عدوانية. هذه علامة مقلقة لما يحمله المستقبل." ولا يصدق اقارب المحتجزين أن الحكومة ستتحرك فيما يتعلق بهذه الشكاوى.
وقالت هبة محمد زوجة المحتجز ناجي كامل: "عندما اعتقل زوجي وآخرون في البداية قالوا إنهم وضعوا في حجرة صغيرة وأرغموا على الركوع معصوبي الاعين وأيديهم خلف رؤوسهم لمدة 16 ساعة"، وأضافت إنه "قال إنهم تعرضوا للتعذيب بالكهرباء وقيل لهم من يريد أن يتبول فليتبول على نفسه. وكلما سمعوا كلمة صباح الخير كان معناها أن وقت التعذيب حان."
وكتب الروائي المصري علاء الأسواني في مقال بصحيفة نيويورك تايمز ان من العار أن تستهدف قوات الامن نشطاء ثوريين من أمثال خالد السيد وناجي كامل ووصف ذلك بأنه "تحول مأساوي في الاحداث".
وكان الأسواني أيد خطوة الجيش بالانقلاب على مرسي في الثالث من يوليو تموز بعد احتجاجات على حكمه، وقال محتجزون للأقارب والمحامين إن الانتهاكات ارتكبها رجال شرطة.
وكانت مثل هذه التقارير عن سلوك الشرطة تقلصت في أعقاب انتفاضة 2011 لكن وزارة الداخلية لم تشهد حركة اصلاح في السنوات التي أعقبتها بما في ذلك فترة حكم مرسي.
وقال جو ستورك نائب مدير منظمة هيومن رايتس ووتش لمنطقة الشرق الاوسط: "هذه الاتهامات تتسق جدا مع ما سمعناه مؤخرا وما يحدث في مثل هذه المواقف. الانتهاكات في أقسام الشرطة روتينية."
وتضفي وسائل الاعلام الرسمية والخاصة صفة البطولة على الشرطة في الوقت الحالي وتصف كل من ينتقد الشرطة بالخيانة.
وتقول جماعات لحقوق الانسان ومنتقدو الحكومة إن وزارة الداخلية أطلقت العنان من جديد رغم أن أساليبها أخفقت في سحق المسلحين الذين قتلوا أعدادا من رجال الشرطة وجنود الجيش منذ الإنقلاب على مرسي.
وقالت المحامية ياسمين حسام الدين "كان لدي آمال في الديمقراطية والعدالة من قبل. أما الآن فهذه أكثر الأوقات سوادا على الاطلاق. فأنت تعمل 24 ساعة ومع ذلك لا يمكنك مجارات عدد المقبوض عليهم. وزارة الداخلية أصبحت وحشا. الآن هي غير مسؤولة أمام أحد. والدولة تقول ’افعلوا ما شئتم’."
وذكر عدد من المحامين انهم سمعوا رجال شرطة يهددون المحتجزين باستمرار التعذيب إذا اشتكوا للسلطات.
وقالت المحامية ياسمين "أحد الرجال قال ’اضربوني بالنار هنا. أموت ولا أعود للسجن’."
واوضح أقارب عبود صبري (17 عاما) انه لا علاقة له بالسياسة وان كل ما حدث أنه كان في المكان الخطأ في التوقيت الخاطيء عندما هجمت قوات الشرطة في 25 يناير كانون الثاني.
وقال شقيقه أحمد "قال لي إنهم أرعبوه هو ونزلاء اخرين بالكلاب في مركز احتجاز للشرطة اسمه الكيلو 10.5." وأضاف "وقال لي إنهم عصبوا عينيه وكان يسمع شخصا يقول ’جهزوا عدة
الكهرباء’. عنده 17 سنة فقط فبكى. ضربوه وسألوه إن كان ينتمي للاخوان المسلمين. فقال ’سأقول أي شيء تريدون مني قوله’."