مقالات مختارة

أثاروا مع "الحزب" "الوزير الملك" فقط

سركيس نعوم
1300x600
1300x600
"تدوير الزوايا"، لا يتعلق بالمداورة في الحقائب، كما يقول العارفون والمتابعون. ذلك أن الاتفاق عليها، بين فريقي 8 و14 آذار قد تمّ، بعد قليل من فتح باب حل الأزمة الحكومية، وذلك بعد تبني الرئيس نبيه بري لها، والزعيم الدرزي الأبرز وليد جنبلاط. علماً أن التبني المذكور، ما كان ليتم لولا معرفة أن "حزب الله" مقتنع به. وهو اقتناع يعكس رغبة عنده في "حكومة جامعة" من حيث المبدأ، تجنّب البلاد مرحلة المجهول – المعلوم الخطيرة جداً. طبعاً.

 كان رئيس "التيار الوطني الحر" العماد ميشال عون المعارض جدياً المداورة المذكورة، ومتمسكاً ببقاء الوزير جبران باسيل، نسيبه والأقرب اليه في وزارة الطاقة. وقد دافع بقوة عن موقفه، معتبراً أن باسيل قام بعمل جبار على صعيد الإعداد لاستخراج النفط والغاز، وأنه الأكثر كفاءة لإدارة هذا الملف في هذه المرحلة.

لكن يبدو من اسماء المرشحين للوزارة، المتداولة في الأوساط السياسية انه تخلى عن تمسكه به. لكن ما لم يُتَّفق عليه هو جعل المداورة في الحقائب عرفاً دائماً. وحصل اتفاق على درسها عند تأليف كل حكومة. ويعكس ذلك في رأي العارفين والمتابعين، أمراً لم يلاحظه الإعلام في وضوح هو أن التشاور بين "حزب الله" وحليفه "التيار الوطني"، كان مستمراً حول الموضوع الحكومي منذ البداية، سواء التقى زعيماهما أو لم يلتقيا ورغم انزعاجه من المداورة.

 لكن عون كان يتساءل كيف يُقرِّر موقفاً حكومياً ما، اذا لم يحكِ معه أحدٌ، وكان "الحزب" يرد على تساؤله بالقول "أن أحداً لم يحكِ معي مباشرة في الموضوع الحكومي أيضاً. وكان المقصود هنا الرئيس المكلف تمام سلام والرئيس ميشال سليمان. ويعكس التشاور الدائم، أن "الحزب" حريص على تحالفه مع عون، وعلى مشاركته في الحكومة إذا أُلِّفت، ويذهب البعض من هؤلاء إلى القول إن غياب "التيار" عن الحكومة، سيجر إلى غياب "الحزب" عنها. علماً أن الاقتناع عند السيد نصر الله، كما عند القيادات المعاونة له، كان أن عون مُتفهّم، وقادر على اختيار مصلحة البلاد في المفاصل الخطرة.

بماذا يتعلّق "تدوير الزوايا" إذاً؟

بالبيان الوزاري، يجيب العارفون والمتابعون إياهم، وتحديداً بالقضايا الأساسية التي سيتضمنها، والتي يختلف عليها فريقا 8 و14 آذار في صورة جذرية. وأبرزها "إعلان بعبدا"، وانسحاب "حزب الله" من الحرب في سوريا، وثلاثية الجيش والشعب والمقاومة... ويعتمد الرئيس بري لنجاح "التدوير"، على غِنى اللغة العربية.

 وهذا الموضوع يثير سؤالاً مهمّاً هو: هل تتألف الحكومة قبل الاتفاق على تدوير الزوايا، وتالياً قبل "وضع" نص البيان الوزاري في شكل مبدئي؟ والجواب عنه يختلف باختلاف هوية الاطراف السياسيين. ففريق 14 آذار يصرّ، حتى الآن على الأقل، على الاتفاق على نصّ موحّد للقضايا الخلافية في البيان، قبل تأليف الحكومة. وفريق 8 آذار يتمسّك، حتى الآن، بعدم حرق المراحل، وبالقيام بكل شيء في وقته.

أي نص البيان يوضع بعد صدور مرسوم التأليف. وحتى الآن لم يُحل الخلاف، علماً ان الرئيس بري، وربما جنبلاط، يعتبران أن عجز الحكومة الصادرة مراسيمها عن الاتفاق على بيان وزاري، وتالياً عدم قدرة مجلس النواب على منحها الثقة (أو حجبها عنها) جراء ذلك، على أهميته ليس خطيراً. ذلك ان الأكثر أهمية هو أن "طرابيش" البلاد وفريقيها الأكثر تمثيلاً سياسياً وشعبياً، سيكونون داخل الحكومة، وقادرين تبعاً لذلك على ضبط الوضع غير المستقر السائد، وتحديداً على منعه من التحوّل انفجاراً. وهذا أمر يجب أن يؤخذ في الحسبان لأن في لبنان اليوم سباقاً، بين العاملين على تأليف الحكومة، والعاملين لتفجير الوضع على نحو شامل. وتزايد وتيرة القصف والسيارات المفخخة وما إلى ذلك، مؤشر مهم. علماً أن حكومة كهذه، تقدر على ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية.

هل يأخذ فريق 14 آذار بالرأي المشروح أعلاه؟

لا أحد يعرف، فالقضايا الخلافية المذكورة أعلاه ليست بأهمية المداورة على أهميتها. لكن لا بد من الانتباه إلى الكلام الحكومي الايجابي للرئيس سعد الحريري، رئيس تيار "المستقبل"، ومن ملاحظة خلفيات سعودية ما له، وربطها باستعداد "حزب الله" "للتدوير"، والخلفيات الاقليمية لهذا الاستعداد. إذ إن كل ذلك يجعل الايجابيات الحكومية واضحة. لكن لا "تقول فول حتى يصير في المكيول".

علماً ان الدقة هنا تقتضي الإشارة إلى أن أحداً لم يفاتح "حزب الله" بجوهر "تدوير الزوايا" ومعناه الفعلي، على الأقل حتى الأسبوع الماضي، وأن كل ما أقتُرح عليه كان "الوزير الملك". فهل يبدّد ذلك الايجابيات؟

(النهار اللبنانية)
التعليقات (0)