تساءلت "واشنطن بوست" في افتتاحيتها اليوم الثلاثاء قائلة: "هل يمكن لخطط جون
كيري للسلام أن تنجح؟"..
وقالت الصحيفة: "بعد 10 زيارات إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية، والعديد من الاجتماعات مع قياداتهما، لم يحرز وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري أي تقدم ملموس نحو صفقة سلام شاملة، وهي قضية بعيدة المنال واستحوذت على اهتمامه ومتابعته في الوقت الذي عزفت أمريكا عن التفاعل مع أزمات أشد إلحاحا كالأزمة السورية والمصرية والعراقية، لكن كيري نجح في وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود
عباس على المحك".
وأضافت "مع اقتراب نهاية التسعة أشهر المحددة للمفاوضات في نيسان/ أبريل انتقل السيد كيري من محاولة دفع الطرفين نحو التوصل إلى اتفاق على شروط الدولة الفلسطينية إلى الضغط عليهما لدراسة مقترح أمريكي حول اتفاق إطار يحدد مبادئ حل ما يصفه كيري بالقضايا المركزية، بينما تترك التفاصيل الصعبة للمفاوضات المستقبلية".
وقد دفع ذلك الجانبين –كما تضيف الصحيفة- إلى "موقع خياراته قليلة، كما أنها حقيقية وصعبة؛ بحسب تعبير كيري، وحسب التقارير الإخبارية الإسرائيلية والعربية، فإن على عباس أن يقرر إن كان سيقبل فكرة وجود قوات إسرائيلية على الحدود الشرقية لدولة فلسطينية لفترة طويلة، وإن كان مستعدا للاعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي، وعلى نتنياهو أن يقرر ما إذا كان سيقابل التزامات تاريخية محتملة كهذه بالموافقة على إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967، وأن تكون عاصمتها في القدس الكبرى".
وتضيف الصحيفة "أغلب الظن أن أحد الرجلين أو كليهما سيرفض العرض الأمريكي، أو يبدي تحفظات وتردد بشأن الشروط سيكون لها نفس أثر الرفض، لكن كيري قد يتمكن من الضغط على نتنياهو وعباس من أجل التعامل بجدية مع شروط السلام؛ لأول مرة منذ أن وصل أوباما إلى كرسي الرئاسة قبل خمس سنوات. ومع أن كليهما يقعان تحت ضغوط داخلية لعدم قبول مبادئ الاتفاق إلا أن لدى كليهما ما يقلقه من إهدار الفرصة".
وترى الصحيفة أن على "نتنياهو تقدير مخاطر عزلة دولية أكبر لإسرائيل، بما في ذلك حركات المقاطعة الأوروبية، والمزيد من القرارات في المؤسسات التابعة للأمم المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية".
وبالقدر نفسه، تضيف الصحيفة "لا يستطيع الفلسطينيون بدورهم الظهور بمظهر الرافضين للمبادرة الأمريكية – بعد أن رفضوا اتفاقات إطار مشابهة عامي 2000 و 2008- حيث سيفقد عباس ما تبقى له من مصداقية في واشنطن. وهذا قد يعتمد كثيرا على دفع الحكومات العربية للرئيس الفلسطيني نحو الموافقة ومنحه غطاءً سياسيا، وهو ما جعل كيري يزور بذكاء كلا من الأردن والسعودية".
وتختم الصحيفة بالقول "بعد أن بذل (كيري) الكثير من الوقت والمكانة الشخصية لتحقيق حلمه بالتوصل إلى اتفاقية سلام في الشرق الأوسط بوساطته، فقد يرضى بأن يفعل ما فعل من سبقه من الوسطاء الأمريكيين، ويقبل بنتيجة ملتبسة تسمح للطرفين بتجنب أية تنازلات ذات معنى. وهذا ما يجب عليه عدم فعله، فإن لم يوافق الإسرائيليون والفلسطينيون خلال الأسابيع القليلة القادمة على الالتزام بتنازلات واسعة من أجل السلام، فعليه أن يقبل بالهزيمة ويعطي وقتا أكبر للحروب والانقلابات والإرهاب الذي يجتاح بقية المنطقة".