سياسة عربية

نيويورك تايمز: الجيش المصري يصنع "قاعدة" ثانية

الأمن المصري يعتقل متظاهرين بمسيرة "الشعب يشعل ثورته" (أرشيفية) - الأناضول
الأمن المصري يعتقل متظاهرين بمسيرة "الشعب يشعل ثورته" (أرشيفية) - الأناضول

حذّر دانيال بنجامين وستيفن سايمون في مقال نشراه الاثنين في صحيفة "نيويورك تايمز"؛ حذرا النظام المصري المدعوم من الجيش المصري من تهيئة الظروف لولادة تنظيم قاعدة جديدة في مصر مثلما حدث في أفغانستان.



وقال الكاتبان إن "قادة الجيش المصري شنوا حربا شاملة على الإخوان المسلمين، فيما راقب قادة الولايات المتحدة والقادة الأوروبيون عمليات القمع بحس من اللامبالاة، لفقدانهم الوسائل الكافية للتأثير على قرارات العسكر ولأن الصراع بدا وكأنه شأن داخلي".



وتابعا أن "الاعتقاد بأن هذا النزاع المتصاعد سيظل مقتصرا داخل حدود مصر هو اعتقاد خاطيء، فمع تزايد العنف وتعمق التشدد في صفوف الإسلاميين، فإن أزمة مصر تهدد بإشعال النشاطات الإرهابية في شمال إفريقيا، ما سيؤدي إلى موجة جديدة من الهجمات ضد الأهداف الغربية مثلما أدى قمع الإسلاميين في نهاية السبعينيات من القرن الماضي إلى صعود القاعدة" على حد قولهم.



 ويرى الكاتبان أن "قمع الإسلاميين في مصر كان مرحلة مهمة وضرورية في ظهور الجهادية المعاصرة كجماعات منشقة كانت راديكالية على نحو أكثر من الإخوان المسلمين، حيث أصبح الإسلاميون أكثر عنفا، ففي السبعينيات من القرن الماضي قام الزعيم الجذاب والعضو السابق في الإخوان المسلمين، شكري مصطفى بإنشاء جماعة التكفير والهجرة التي كانت واحدة من الجماعات التي سبقت وأسست لظهور القاعدة".



وأضافا أنه في ذلك الوقت نفسه "خطط محمد عبد السلام فرج ووضع أيديولوجية جماعة الجهاد، وكانت  هذه الجماعة هي التي قامت باغتيال الرئيس أنور السادات، وقدمت في مرحلة لاحقة الكثير من قيادات القاعدة بمن فيهم زعيمها الحالي أيمن الظواهري".



 ويقول الكاتبان إن "الوضع في مصر مرشح للتدهور وبشكل واضح، مع أن البعض من العسكر يخادع نفسه ويقول إن الوحشية ستؤدي إلى تركيع الإخوان".



ويشير الكاتبان إلى الخطوة الأخيرة التي قامت بها الحكومة المدعومة من العسكر حيث قامت بتصنيف جماعة الإخوان كجماعة "إرهابية" وقالا إن "تجريم جماعة الإخوان التي تخلت عن العنف في السبعينات ووفت بتعهدها طوال فترة حكم الرئيس غير الكفؤ محمد حسني مبارك يظهر أنه تم تجاوز الخطوط وأن وعود العسكر بعودة الديمقراطية وعود فارغة".



ويعلق الكاتبان بالقول إن "الحملة المعادية للإخوان هي خطأ قاتل، لأن القمع المقرون بالعزل السياسي كان يدفع نحو التشدد كما هو معروف، خاصة أن أمل الربيع العربي الأكبر كان يرى نهاية الأنظمة الدكتاتورية ونهاية للأحكام العشوائية والوحشية. وبدلا من ذلك فالحرب ضد الإخوان ستجعل من العنف خيارا عقلانيا لمن كانوا يقفون على السياج".



ويحذر الكاتبان من توسع الحملة التي يقوم بها إسلاميون من استهداف قوات الأمن لتشمل المدنيين حيث "أشار بعض المحللين إلى المحنة الجزائرية في التسعينات من القرن الماضي، عندما قام الجيش بإلغاء الانتخابات التي كانت ستجلب الإسلاميين إلى السلطة، مما أدى لاشتعال حرب قتلت أكثر من 200 ألف شخص. لكن حربا طويلة في مصر ستكون آثارها الإقليمية أكثر سوءا".



ويعود السبب برأيهما إلى "ضعف بنية قوات الأمن الداخلية في المنطقة مما يسهل علينا تخيل كيف سيهدد ضخ المال والمواد والرجال كل شمال إفريقيا، فالأسلحة المؤلفة من الترسانة الضخمة التي كانت بحوزة رجل ليبيا القوي، معمر القذافي قد تتدفق إلى مصر ما سيجلب العنف، في وقت سيجتاز فيه المقاتلون -كما يفعلون الآن- الحدود إلى داخل ليبيا لتعزيز قوة الجهاديين هناك، وستتعرض تونس التي لا تزال الأمل الباقي للربيع العربي للخطر. وفي الإتجاه الآخر ستصبح سيناء أكثر فوضوية ومحفوفة بالمخاطر بشكل يهدد أمن إسرائيل". 



وإزاء هذه المخاطر يرى الكاتبان أنه "يجب على الدول الغربية الاعتراف بالإمكانية الحقيقة لولادة دورة جديدة من الصراع التي قد تنتج إرهابيين أكثر ممن لديهم الرغبة باستهداف أمريكا والغرب".



وأضاف الكاتبان أن "رأي الإسلاميين هو أن الوضع القائم تدعمه الولايات المتحدة -وهي التي هندسته- وعليه فزيارة مثل زيارة النائب ميشيل باكمان لمصر لا تساعد في هذا، خاصة عندما تقوم بالثناء على الجيش وتنتقد الإخوان المسلمين كما فعلت أخيرا".



ويعتقد الكاتبان أن الولايات المتحدة لا تملك خيارا جيدا في الوقت الحاضر "فلا يوجد خيار للمواجهة مع الجيش إلا من منظور فقدان النفوذ عليه، لأن السياسة الناجعة  للرد على الوضع تقتضي التعاون الوثيق مع الخدمات الأمنية المصرية التي كانت سببا في الأزمة، كما تتقدم الحاجة الأمريكية للمرور عبر قناة السويس واستمرار الدعم المصري لاتفاقية السلام مع إسرائيل أي قرار للتخلي عن مصر".



ويرى الكاتبان أن الولايات المتحدة ستكون في وضع مشابه للوضع الذي واجهته أثناء نظام مبارك خلال عقوده الثلاث، أي "العمل معه بشكل وثيق في قضايا مكافحة الإرهاب وفي الوقت نفسه الضغط عليه لتحقيق نوع من الإصلاحات الليبرالية".



وعلى الولايات المتحدة العثور على مغريات تدفع من خلالها حكاما للانفتاح، بناء على احتياجات البلد الإقتصادية، وهذا الأمر صعب، على حد قولهما.



وعمل بنجامين منسقا لشؤون مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأمريكية وعمل سايمون مديرا في قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجلس الأمن القومي.
التعليقات (0)