كتبت سارة خورشيد، الصحافية
المصرية والمحررة السابقة في "إسلام أون لاين" مقالا تحت عنوان "الثورة المصرية المضادة".
وبدأت مقالها بالإشارة للضريبة التي يدفعها أصحاب السيارات المارة على الطريق الصحراوي بين القاهرة والإسكندرية، والتي تذهب لوزارة الدفاع المصرية. والسبب هو منح وزارة النقل
الجيش حقوق تطوير الطريق لمدة 50 عاما، حيث أعلن عن هذا وزير النقل في مؤتمر صحافي عقده شهر تشرين الثاني/ نوفمبر.
وقالت خورشيد في مقالها الذي نشرته "نيويورك تايمز" إن "الجيش الذي يُعتبر دولة داخل الدولة وكان عادة ما يحمي مصالحه في الظل، يقوم الآن باتخاذ الخطوات الواضحة لتعزيز سلطته، والتأكيد وبشكل متزايد على أنه لا يخضع لرقابة أحد".
وتضيف أن "الحفلة من أجل تحقيق الدمقرطة، والتي بشرت بها ثورة كانون الثاني/يناير قد انتهت، فلم يتم تحقيق أي من مطالب الثورة، ولم تتوقف أي من ممارسات وزارة الداخلية سيئة السمعة، ويبدو أن الوزارة تقوم بمهمة لإسكات كل صوت معارض".
وترى أن الجيش تعززت قوته من خلال الدعم الذي يلقاه من قطاع واسع من الشعب، حيث تجتاح البلاد موجة من الحماسة الوطنية. وتضيف أن سلطة الجيش المطلقة ستتعزز أكثر حال مررت النسخة المعدلة لعام 2013 من الدستور في كانون الثاني/ يناير "كما يتوقع الجميع".
وتقول "يمكن للمعلقين السياسيين مناقشة مواد الدستور الـ 240 بالطريقة التي يريدونها، لكن كل التفاصيل الواردة فيه غطت عليها المواد التي أضفت حماية على الميزات الخاصة التي يتمتع بها الجيش. فالمادة 234 مثلا تعطي الجيش القرار النهائي حول من سيعيَّن وزيرا للدفاع. أما المواد الأخرى فتقضي بأن يكون للجيش ميزانيته الخاصة المفصولة عن ميزانية الدولة العامة، وتعطي الجيش صلاحية محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية إذا هاجموا أفرادا من الجيش في محاور قتال أو داخل مراكز يملكها الجيش، والتي تضم كل شيء؛ من محطات الوقود إلى قاعات الإحتفالات".
وتقول الكاتب إن الجيش يدير "اقتصاد ظل" يمثل كما تقول تقارير ربع اقتصاد البلاد، "ولا توجد شفافية" تنظم عمله، وهذا يثيرالمخاوف خاصة بعد تصنيف "منظمة الشفافية الدولية" مصر في المرتبة رقم 114 من مجموع 177 دولة في مؤشر الفساد الذي تعده كل عام.
وتشير الكاتبة إلى أن المواد التي وردت في الدستور والمتعلقة بالحقوق، بما فيها حقوق المرأة قد أثارت زوبعة في الإعلام لكن "هذه المواد لا قيمة لها في بلد يدفع فيه الجوع بعض العائلات لبيع بناتهن القاصرات في عقود زواج مؤقت مع أصحاب الملايين من الخليج العربي".
وتقول الكاتبة إن "الجيش حافظ على استقلاليته منذ عقود، بما في ذلك مرحلة محمد مرسي الذي تودد للجيش على أمل حماية حكمه (وهو ما لم يحدث). وينص دستور عام 2012 الذي دعمه مرسي والإخوان المسلمين على مأسسة المحاكم العسكرية للمدنيين وتحصين ميزانية الجيش من الرقابة المدنية عليها" .
وترى الكاتبة أن الجيش قام منذ 3 تموز/ يوليو بتحصين قوته بطريقة لم تكن بهذا الوضوح منذ عبدالناصر في ذروة حكمه. وعلى خلاف آمال قطاع من الديمقراطيين، فالجماهير التي خرجت إلى الشوارع ضد مرسي رحبت بدور قوي للجيش في السياسة المصرية. وبدل التأكيد على القيم الديموقراطة والحكم المدني كإطار للمرحلة الانتقالية، يحمل الكثير من المصريين على ما يبدو صورة رومانسية عن الجيش كمنقذ وحيد للشعب من "المؤامرات الأجنبية".
وأكثر من كل ذاك، تقول الكاتبة إن الجيش استثمر مخاوف الشعب من الإخوان المسلمين وبنى عليها و"فجأة كشف الكثير من اللذين نصّبوا أنفسهم كليبراليين وكانوا لا يترددون في التعبير عن مواقفهم أثناء حكم مرسي عن وجه آخر، ويقولون إنهم لا يهتمون بالديكتاتورية أو انتهاكات حقوق إنسان طالما لم تأت من الإسلاميين".
وتتوقع الكاتبة أن يصوت "غالبية المصريين بنعم على الدستور الجديد، ربما على أمل أن يجلب لهم الاستقرار، وسيعزز انتصار الجيش على جماعة الإخوان المسلمين التي أصبح يُنظر إليها كمصدر للشر، وشكرا للحملة الحماسية المعادية للإسلاميين التي قادها الإعلام وللأخطاء التي ارتكبها الإخوان أنفسهم".
وتشير إلى أن " قوىً سياسية أخرى فقدت مصداقيتها، فالمصريون يبدو أنهم تعبوا من مراقبة قادتها وهم يتنافسون فيما بينهم بدون الاهتمام بالبلد الذي جفت منابعه بعد 3 أعوام من المصاعب والتراجع الاقتصادي".
وتضيف "مع مرور الوقت، ومع امتلاء السجون بالإخوان المسلمين سيكتشف المصريون المصدر الحقيقي للشر، وأنه هيمنة الجيش، والفساد وغياب الشفافية وحكم القانون والعدالة الإجتماعية والحرية وحقوق الإنسان".
وفي النهاية ومع "كل الميزات والسلطات التي يتمتع بها الجيش، فقد فشل في جلب الاستقرار للبلد، فقد ذكّر انفجار الأسبوع الماضي في المنصورة (..) بعنف الإسلاميين الذي شهدته مصر في فترات الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي".
وتقول أخيرا "هناك نخب تعتقد أنه سيتم ضمان مصالحها من خلال هيمنة الجيش، وهؤلاء أبناء الطبقة المتوسطة العالية ممن يرون في استمرار حياتهم المريحة أولوية. وقد انضم إليهم رجال الأعمال الفاسدون الذين يخشون من تجذر ديمقراطية حقيقية في البلاد مما يعني فرض معايير الشفافية عليهم".
اولئك جميعا تختم الكاتبة، والذين "رأوا في الجيش خيارا أفضل من الإخوان المسلمين، سيكتشفون حجم الظلم الذي ستجلبه السلطات الواسعة التي يتمتع بها الجيش على كل ملامح الحياة في مصر".