سياسة دولية

أردوغان: تركيا تتعرض لحملة غير مسبوقة لتحجيمها

أردوغان يرفع شغار "رابعة" في كلمة ألقاها في مدينة أوردو التركية السبت - الأناضول
أردوغان يرفع شغار "رابعة" في كلمة ألقاها في مدينة أوردو التركية السبت - الأناضول
قال رئيس الوزراء التركي "رجب طيب أردوغان" أن تركيا لم تتعرض في تاريخها إلى حملة غير أخلاقية وغير قانونية، مشابهة للحملة التي تتعرض لها اليوم، والتحالف ضد تركيا يضم بين جنباته أيدٍ قذرة، تعمل على تحجيم تركيا وتقليل دورها الفعال، واضاف في كلمة ألقاها في مدينة أوردو التركية السبت، إن حكومته لم تتسامح مع الفساد طيلة 11 عاماً، ولن تتسامح معه لاحقاً، وإنها لم تبد أي تسامح مع الفاسدين، بغض النظر عن انتماءاتهم.

ولفت أردوغان إلى أن الجميع سيقوم بواجبه وفقاً للدستور والقانون، لافتاً إلى أن السلطات التشريعية والتنفيذي القضائية مستقلة عن بعضها، ويجب إنفاذ القوانين كما هي معرّفة.

وقال أردوغان أن هناك حملة بدأت تستهدف تشويه الحكومة في الآونة الأخيرة، تم تقديمها مؤخراً على شكل فخ قبيح، واصفاً إياها باللعبة القذرة، وأنها لعبة كبيرة تدار ضد تركيا، مؤكدأ أنها إضافة إلى كونها ضد حزب العدالة والتنمية، فهي أيضاً ضد الأمة، وإرادة الشعب، وسيادته، مشدداً أن حكومته ستحبط هذه اللعبة.

ولفت أردوغان إلى وجود تحالف سياسي قذر، قائم بين منظمات، وأنها تقوم بتنفيذ هذا التحالف القذر داخل تركيا، بتعليمات من أسيادهم في الخارج، على حد تعبيره، موضحاً أنها ليست المرة الأولى التي يقومون بذلك، وأنهم قاموا بذلك في 27 أيار/مايو، وفي 12 أيلول/سبتمبر، وكذلك في 28 شباط/فبراير، في إشارة إلى الإنقلابات العسكرية التي شهدتها تركيا، مؤكداً في الوقت ذاته أن الشعب أحبطها.

كما أشار أردوغان إلى أن اللعبة التي تمت صياغتها على مستوى دولي، ونفذت بأيد محلية داخل تركيا، أفقدت تركيا 642 مليار ليرة تركية، وكانت بمثابة عملية استثمار لأعداء تركيا. وقال أردوغان إن بنك "خلق" الذي كان عبئاً على الشعب قبل 11 عاماً تنامى 6 أضعاف، ورفعت الحكومة قيمته السوقية إلى 25 مليار دولار، مضيفًا: "ولكنهم استهدفوا هذا البنك الوطني، لأنه يزعج "لوبي الفائدة"، ولأنه يرعب أعداء تركيا".

وقال إن حزب العدالة والتنمية عانى منذ وصل إلى السلطة، من الإفتراءات التي كان يُرمى بها، إلا أن الحزب بقي على طهره ونقائه وسيواصل طريقه على ذلك النحو. 

وفي كلمة ألقاها "أردوغان" في منطقة "فطسة" التابعة لولاية "أوردو" المطلة على البحر الأسود شمال تركيا، شدد فيها على ضرورة قيام القضاء بترتيب أوراقه الداخلية وتنظيف نفسه من تلقاء نفسه، لأن الحكومة تقف على الوضع القضائي في البلاد، وتعرف أنه ليس على درجة عالية من المثالية، وأضاف "أردوغان"، أن بعض المنظمات داخل الدولة تسعى لخلق دولة أخرى داخل مؤسسات الدولة، وتهدف من ذلك إلى شل عمل الدولة، وإقصاء الإرادة الشعبية، وإعادة رسم السياسات الداخلية والخارجية، لذا فإن تلك القوى تعمل على اغتيال سمعة وهيبة حزب العدالة والتنمية كونه يشكل عائقاً أمام أهدافها وطموحاتها المنافية للإرادة الشعبية.

وعثر على قيادي بالشرطة التركية قتيلاً داخل سيارته في أنقرة، السبت، وذكرت وسائل إعلام تركية إن القيادي في الشرطة هاكان ي. الذي يعمل بقسم مكافحة التهريب والجريمة المنظمة، عثر عليه قتيلاً داخل سيارته في مقاطعة ديكمان بأنقرة، ورجحت تقارير إلى أنه ربما انتحر برصاصة في الرأس.

وقد أقر القضاء التركي ملاحقة ابني وزيرين قريبين من اردوغان وايداعهما السجن على ذمة التحقيق في اطار هذه الحملة، وبعد ليلة طويلة من الاستجواب في قصر العدل في اسطنبول اودع باريس غولر ابن وزير الداخلية عمر غولر وكنعان تشاغليان ابن وزير الاقتصاد ظافر تشاغليان في السجن الموقت صباح السبت طبقا لتوصيات المدعين المكلفين بالملف، وفضلا عن هاتين الشخصيتين المحسوبتين على اردوغان اودع السجن ايضا عشرون شخصا اخرين بمن فيهم رئيس مجلس ادارة مصرف "هالك بنكاسي" العام سليمان اصلان ورجل الاعمال المتحدر من اذربيجان رضا زراب، ويشتبه فيهم جميعا بالتورط في الفساد والتزوير وتبييض الاموال في اطار تحقيق اولي حول بيع ذهب وصفقات مالية بين تركيا وايران الخاضعة للحظر، فيما أخلي سبيل نجل وزير البيئة اردوغان بيرقدار، عبد الله اوغوز بيرقدار، وقطب الاشغال العامة علي اغاوغلو ومدير شركة تحمل اسمه ورئيس بلدية فاتح في اسطنبول مصطفى دمير العضو في حزب العدالة والتنمية الحاكم، حتى موعد محاكمتهم.

وواصلت الحكومة التركية الجمعة عملية التطهير في الشرطة وعاقبت 17 ضابطا آخرين، ويأخذ اردوغان على حوالى خمسين ضابطا اقيلوا من مهامهم منذ الثلاثاء "استغلال النفوذ" وعدم ابلاغ سلطة الوصاية السياسية بالتحقيق الذي كان يستهدفها.

في السياق نفسه، قال وزير الشؤون الاوروبية ايغمن باجيس الذي ورد اسمه ايضا في بعض وسائل الاعلام في هذه القضية "اننا نواجه مؤامرة مثيرة للاشمئزاز"، لكن لم يوضح رئيس الوزراء ولا وزراؤه اسماء المسؤولين عن هذه "المؤامرة" لكن جميع المراقبين توقعوا ان يكون المقصود جمعية فتح الله غولن النافذة جدا في الشرطة والقضاء، وبعد ان كانت لفترة طويلة تعتبر حليفة حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ 2002 اعلنت هذه الجماعة حربا على الحكومة بسبب مشروع الغاء مدارس خاصة تستمد منها قسما من مواردها المالية، ومنذ اربعة ايام تعرض الصحافة التركية تفاصيل عن هذه القضية ما يزيد في احراج الحكومة التي جعلت من مكافحة الفساد احد شعاراتها.

ودعا رئيس اكبر حزب معارض، حزب الشعب الجمهوري مجددا الجمعة اردوغان الذي وصفه ب"الديكتاتور" الى الاستقالة، وقال كمال كيليتشدار اوغلو ان "تركيا بحاجة الى طبقة سياسية ومجتمع نظيفين".

ويتوقع مراقبون أن يعلن اردوغان في محاولة لاحتواء الثمن السياسي لهذه القضية، سريعا اقالة الوزيرين اللذين اوقف ابناهما بمناسبة تعديل وزاري يعلن قبل نهاية الشهر لابدال الوزراء المرشحين الى الانتخابات البلدية وفق مصادر قريبة من الحكومة، كذلك اعربت الاوساط الاقتصادية والمالية التركية عن قلقها اذ ان العملة التركية الضعيفة اصلا في الاسواق المالية انخفضت الى ادنى مستوى تاريخي الجمعة حيث تم تبادلها ب2,089 ليرة مقابل الدولار و2,857 مقابل اليورو.

وكان اردوغان حذر السبت من انه قد يعمد الى ابعاد بعض السفراء الاجانب الذين يقومون بعمليات "تحريض" على خلفية التوترات الناجمة عن هذه القضية. وقال اردوغان في كلمة القاها في مدينة سامسون على البحر الاسود ونقلها التلفزيون التركي، ان "بعض السفراء يقومون بأعمال تحريض". واضاف "لسنا مستعدين لابقائكم في بلادنا".

واتهم اردوغان السبت بعض السفراء في تركيا بالقيام بـ"أعمال استفزازية" وقال لأنصاره في إقليم سامسون على البحر الأسود "في هذه الأيام الأخيرة وبطريقة غريبة تورط سفراء في بعض الأعمال الاستفزازية. أقول لهم من هنا قوموا بعملكم وإذا ابتعدتم عن نطاق وظيفتكم فقد يدخلكم ذلك في نطاق سلطاننا القضائي. لن نكون مضطرين للابقاء عليكم في بلادنا".

وأفاد أن العملية التي جرت دون إخبار قيادات الأمن والرتب العليا، كانت خطوة موجهة ضد الحكومة، مضيفًا: "لكن ما جرى لن يحبط عزائمنا، لأننا نعرف أن هناك أطراف منزعجة من تصاعد قوة تركيا وحزب العدالة والتنمية". 

من جانبها نفت السفارة الأمريكية أن يكون لها أي دور في التحقيقات وتأتي تصريحات اردوغان بمثابة تحذير ضمني للسفير الأميركي فرنسيس ريتشاردوني، الذي بحسب بعض وسائل الاعلام التركية، كان صرح لممثلين عن الاتحاد الأوروبي ان واشنطن طلبت من مصرف "هلك بنك" العام قطع جميع علاقاته مع ايران بسبب العقوبات على هذا البلد، علما بأن مدير عام "هلك بنك" سليمان اصلان، من بين الاشخاص المتهمين بالتورط بقضية الفساد، واتهم أصلان بقبول رشاوى وعمولات. ويتعرض مصرف "هلك بنك" لانتقادات في الولايات المتحدة لمشاركته في صفقات غير قانونية مع ايران، لكن المصرف نفى هذه الاتهامات، ووفقا لما نقلت عنه الصحف التركية فان السفير الاميركي ريتشاردوني كان قد صرح للسفراء الاوروبيين "طلبنا من "هلك بنك" قطع علاقاته مع ايران، ولكنه لم يستمع، ونحن نشهد انهيار امبراطورية"، ولكن ريتشاردوني نفى السبت في تغريدة باللغة التركية على موقع تويتر هذه التقارير الاخبارية، مؤكدا انها "مزاعم ليس لها أي اساس".واضاف "لا ينبغي لاحد ان يعرض العلاقات الأميركية التركية للخطر بناء على ادعاءات لا أساس لها من الصحة".

على صعيد متصل، أوضح نائب رئيس الوزراء التركي "بكر بوزداغ"، أن حملة الإفتراءات المثارة تحت تسمية الفساد هي عملية هندسة سياسية، تستهدف ضرب حزب العدالة والتنمية، وزرع الفرقة بينه وبين أبناء الشعب، إلا أن الشعب التركي قادر على رؤية تلك الحملة بكل أبعادها، ونحن كلنا ثقة بشعبنا، لأن أيدينا ناصعة ورؤوسنا شامخة.

جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده "بوزداغ" عقب مشاركته في حفل افتتاح معرض صور للفنان التركي "صلاح الدين قره" حمل اسم "صور اسطنبول" في قصر "دولمه باغجه" التاريخي بمدينة اسطنبول، وأضاف أن النجاحات التي حققتها الحكومة التركية على مدار 11 عاماً في جميع المجالات جاءت نتيجة التزامها بمكافحة الفساد والفقر، مشيراً إلى التطورات الاقتصادية التي شهدتها تركيا في عهد حزب العدالة والتنمية، وحجم الديون التي سددت لصندوق النقد الدولي.

ونوه "بوزداغ" أن الشعب التركي تعود على مثل تلك الفخاخ والألاعيب التي تثار قبيل كل انتخابات، وأن الحكومة التركية وأعضاءها وعائلاتهم يواجهون حملة لكي يضرب حزب العدالة والتنمية من خلالهم، مشدداً على أن حزب العدالة والتنمية يكتسب قوته من دعم الشعب التركي، وأن عناوين الصحف، وأشرطة الكاسيت التي يسعى البعض من ورائها إلى القيام بعمليات تهديد وابتزاز، والخطط التي رسمتها القوى الخارجية والداخلية والغرف المظلمة والتحالفات القذرة لم تمنع الشعب التركي من دعم الحزب، الذي استطاع الوصول إلى السلطة بدعم الشعب وتوفيق الله تعالى.
التعليقات (0)