لا يمكن أن يتعرض أحد لإهانة في تركيا بسبب انتمائه العرقي أو العقائدي وسنشكل لجنة خاصة لمكافحة التمييز، سنسمح بالتعليم بكافة اللغات واللهجات في المدارس الخاصة، وسنتيح إمكانية تعليم اللغات المختلفة كمادة اختيارية في المدارس والجامعات، سنرفع حظر استخدام الأسماء القديمة للقرى والتجمعات السكانية، سنرفع حظر ارتداء الحجاب في المؤسسات الحكومية، باستثناء القضاء والقوات المسلحة، سنقوم بإعادة الممتلكات الوقفية للأقلية السريانية، سنفتتح معهداً للدراسات الثقافية للمواطنين الأتراك من أصول غجرية، لا نتدخل في الحياة الشخصية لأحد وندافع عنها، ونحترم جميع القيم دون تمييز، نقترح توسيع دعم الدولة للأحزاب السياسية التي تنال 3 % فقط من الأصوات، نفتح باب الدعاية بكافة اللغات خلال الحملات الانتخابية، سنزيد العقوبات على جرائم الكراهية والجرائم الواقعة على أساس عنصري أوجنسي..
هذه كانت أبرز عناوين ثورة
أردوغان الهادئة، التي وعد بها مواطنيه، وناخبيه، ومن يراقبه في العالم أجمع، حقدا أو حسدا أو تربصا وتصيدا، حينما زرت اسطنبول قبل أشهر قليلة سمعت كثيرا مصطلح الثورة الهادئة من كبار صناع القرار في تركيا، وكنت اظن أنها تتمثل فقط فيما تحقق لتركيا حتى حينه، في المجالات الاقتصادية والسياسية والصناعية، ولم يكن يخطر ببالي وبال الكثير من الأتراك أن القضايا التي لم يكونوا يجرؤون على الحديث فيها، ستكون جزءا من هذه الثورة الأردوغانية، وإن بدت ردود الفعل من بعض الجهات المتربصة بتركيا حذرة وغير مرحبة بشكل كبير، فهم يقولون – كأكراد تركيا وعلوييها مثلا- حسنا، هي إصلاحات جيدة ولكنها لا تكفي، علما بان أردوغان نفسه قال، إنها لا تكفي، وإن ثمة ما هو قادم، لأن جعبته لم تفرغ بعد من سهامها، رغم الهجمة الشرسة عليه خاصة من قبل بعض العرب الذين يتهمونه بمحاولة تتريك المنطقة وإعادة الهيمنة العثمانية، وكل هذا كلام فارغ من أي مضمون!
أهم ما في هذه الإصلاحات أنها جاءت بقرار تركي محلي، وليس استجابة إلى ضغوط أو مفاوضات، إنما كانت استجابة لرغبة شعبية، كما يقول أردوغان، فجميع الاصلاحات التي تنجزها الحكومة متناغمة ومنسجمة ومستندة إلى اقتراحات لجنة الحكماء التركية ومعايير الاتحاد الأوروبي، فضلا عن أنها تمثل في مجملها «طبعة تركية» من الربيع العربي، دون تشويه أو تخريب، كونها تعالج خلاصة المشاكل التي واجهت تركيا في الـ «30» سنة الأخيرة، وهي تستند إلى تلبية مطالب شعبية و»تأدية الأمانة التي أوكلها إلينا الشعب من خلال التصويت لنا» والكلام هنا لأردوغان نفسه، الذي قال أيضا، إنه «بعد 11 سنة أصبحت هذه الحزمة الاصلاحية حقيقة بعد أن كانت حلما يمنع الحديث به» وصولا إلى المصالحة الداخلية والوحدة الوطنية واستقلالية الجمهورية التركية، وهي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة!
ربيع تركيا جاء ترجمة لتطلعات القواعد الشعبية، التقطها القائد وحوّلها إلى واقع وتشريعات، وقوانين؛ لأنه يستمع جيدا لنبض الشارع، ويهتدي به، لا يدوسه ولا يكتمه ولا يجتهد في معاكسته، كما يفعل الآخرون، الذي ناصبوا ربيع العرب العداء فتآمروا عليه ولطخوه بالدم، وحولوه إلى مذابح وانقلابات ومؤامرات!
تحية حميمة للطيب أردوغان، ملهم المستضعفين، ورمز ربيع تركيا وثورتها الهادئة..