شن مندوب
الصومال الدائم لدى
الأمم المتحدة، أبو بكر عثمان، هجوما حادا على الاحتلال
الإسرائيلي داخل مجلس الأمن الدولي، متهما إياها بارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، وبارتكاب ما وصفه بـ«إبادة جماعية» بحق الشعب الفلسطيني، فضلا عن الاعتداء على سيادة الصومال ووحدة أراضيه عبر الاعتراف بإقليم «أرض الصومال» الانفصالي.
وخلال كلمة بلاده في جلسة طارئة لمجلس الأمن، رد عثمان على ما وصفها بـ«الادعاءات التي قدمها ممثل إسرائيل»، مؤكدا أنه سيطرح ثلاث نقاط رئيسية في هذا السياق.
وأوضح أن تصرفات سلطة الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، بل وفي المنطقة الأوسع، «موثقة جيدا»، وتشكل «انتهاكات واضحة للقانون الدولي»، مشيرا إلى أن ما يجري على الأرض يتمثل في «أعمال ممنهجة تهدف إلى ترهيب السكان المدنيين، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، والتهجير القسري لمجتمعات بأكملها، وتجويع الأبرياء، وقتل وتشويه مئات الآلاف».
وأضاف مندوب الصومال: «من يقوم بكل هذه الأفعال يحاضرنا اليوم عما يسمونه إبادة جماعية. إنني مصدوم من الاستماع إلى هذه التعليقات المشينة من الممثل الإسرائيلي»، معتبرا أن الاتهامات التي يوجهها الاحتلال للآخرين تفتقر إلى أي مصداقية.
وشدد عثمان على أنه «إذا أردنا التحدث عن الإبادة الجماعية، فإن إسرائيل هي من ترتكبها أمام أعيننا كل يوم»، موضحا أن الحكومة الإسرائيلية «قتلت أكثر من 71 ألف مدني، من بينهم أطفال ونساء وكبار سن، إضافة إلى أطباء وعاملين صحيين ومرضى داخل المستشفيات»، فضلا عن تدمير البنى التحتية واتباع سياسة «التجويع المتعمد» بحق سكان قطاع غزة.
واعتبر أن اتهام الاحتلال للصومال بارتكاب إبادة جماعية «أمر مثير للسخرية ولا يصدق»، مضيفا أن ممثل الاحتلال «لا يملك أدنى معرفة بالصومال، ولا بتاريخ شعبه، ولا بما ترمز إليه الدولة الصومالية»، واصفا ما استند إليه من وقائع تاريخية بأنه «تاريخ انتقائي صنع في مخيلته».
وفي رده على الادعاءات المتعلقة بإقليم «أرض الصومال»، قال عثمان إن الصومال «بلد واحد، وشعب واحد، ودين واحد»، خاض نضالا مشتركا ضد الاستعمار، ويواصل اليوم مواجهة التنظيمات الإرهابية في القرن الإفريقي بوصفه كيانا موحداً.
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح أن ما يعرف بـ«صوماليلاند» كانت في الأصل «صوماليلاند البريطانية»، التي ضمت منطقتين: الشمالية الشرقية والشمالية الغربية، مشيرا إلى أن المنطقة الشمالية الشرقية، التي تمثل نحو 45% من الأرض والسكان، هي اليوم جزء لا يتجزأ من الحكومة الفيدرالية الصومالية.
وأضاف أن الخلاف يتمحور حول الجزء الشمالي الغربي فقط، مؤكدا أن «نصف سكان هذا الإقليم، وجميع المناطق القريبة من حدود جيبوتي، يعارضون تماما الادعاءات المتعلقة بوجود إبادة بحق شعب إسحاق»، نافيا بشكل قاطع وقوع أي إبادة جماعية في الصومال.
وأشار إلى أن الصومال شهد بالفعل حربا أهلية لها آثارها المعروفة، مرجحا أن تكون قد «مُوّلت من الخارج»، لكنه شدد على أن استخدام هذه الأحداث لإلقاء دروس في الإنسانية وحقوق الإنسان والديمقراطية «يمثل إهانة لا يمكن قبولها»، في ظل ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلس يوميا بحق الفلسطينيين.
كما أدان مندوب الصومال ما وصفه بـ«الاعتداء السافر من إسرائيل على سلامة الأراضي الصومالية» عبر اعترافها بسيادة واستقلال كيان «أرض الصومال»، مؤكدا أن الاعتراف بأي أراض تخضع لسيادة دولة أخرى «أمر غير مقبول»، ويشكل انتهاكا غير مباشر لميثاق الأمم المتحدة ولمبادئ الاتحاد الإفريقي، فضلا عن تقويضه أسس القانون الدولي.
وحذر من أن هذه الخطوة تهدف إلى «شرذمة الأراضي الصومالية وتقسيمها وزعزعة الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي»، داعيا الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى إدانة هذه الإجراءات بشكل واضح، واتخاذ موقف موحد وقوي ضد ما وصفه بـ«العمل غير القانوني الذي يقوض أسس النظام العالمي».
كما أعلن عثمان رفض الصومال القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين إلى إقليم «أرض الصومال»، قائلا: «نرفض بشكل قاطع أي مساع لجعل الفلسطينيين يغادرون بلادهم إلى دول أخرى، بما في ذلك محاولات إعادة توطين فلسطينيي غزة في الإقليم الغربي من الصومال»، مؤكدا أن بلاده «لن تقبل أو تتسامح مع أي استخدام غير قانوني لأراضي دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة».
وأكد أن «مستقبل الشعب الفلسطيني وأمن وسلامة الأراضي الصومالية خطان أحمران لا يمكن المساس بهما»، معربا عن الدعم الراسخ للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حق تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة.
ودعا في ختام كلمته إلى الالتزام الصارم بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ووقف أي إجراءات من شأنها تقويض السيادة الصومالية، إضافة إلى إنهاء الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد أعلن، يوم الجمعة الماضي، اعترافه بإقليم «أرض الصومال»، لتصبح أول دولة تقوم بهذه الخطوة منذ إعلان الإقليم انفصاله أحاديا عن الصومال عام 1991 عقب اندلاع الحرب الأهلية. ورغم ذلك، لم يحظ الإقليم بأي اعتراف رسمي من أي دولة عضو في الأمم المتحدة حتى الآن.