سياسة عربية

احتجاجات جماعية في سجن بدر 3 بمصر بعد تزايد الوفيات نتيجة الإهمال الطبي

معتقلون يغطون كاميرات المراقبة رفضا  للانتهاكات المتواصلة في سجن بدر - جيتي
معتقلون يغطون كاميرات المراقبة رفضا للانتهاكات المتواصلة في سجن بدر - جيتي
شارك الخبر
تشهد الأوضاع داخل سجن بدر 3 حالة احتقان غير مسبوقة، في ظل تصاعد التوتر بين المعتقلين وإدارة السجن، عقب سلسلة من الوقائع التي بدأت باعتداءات لفظية وإجراءات وصفت بالتعسفية، وانتهت بوفاة معتقلين نتيجة الإهمال الطبي وسوء المعاملة، ما فجر احتجاجات جماعية لا تزال مستمرة حتى الآن.

وبحسب معلومات متطابقة، اندلعت شرارة الأزمة عقب قيام الرائد أحمد صبحي بالاعتداء اللفظي وإهانة أحد المعتقلين في قطاع 4، الأمر الذي دفع المعتقلين إلى تغطية كاميرات المراقبة داخل القطاع، في خطوة احتجاجية على ما وصفوه بالإساءة والانتهاك. وعلى إثر ذلك، تدخل عدد من أفراد الأمن ووجهوا تهديدات مباشرة للمعتقلين، أعقبتها إجراءات عقابية مشددة اعتبرت تعسفية.

وردا على تلك التطورات، أعلن معتقلو جميع قطاعات سجن بدر 3 تعميم خطوة تغطية كاميرات المراقبة، احتجاجا على ما قالوا إنه نمط متواصل من الانتهاكات، إلى جانب الإهمال الطبي الذي تسبب، في وفاة أكثر من أربعة معتقلين خلال عام واحد.

وتزامن هذا التصعيد مع تغييرات إدارية شهدها السجن مؤخرا، بعد تولي إدارة جديدة مهامها، حيث جرى تعديل مواعيد التريض وتقليص مدته الأسبوعية، إلى جانب فرض قيود مشددة على الزيارات. واحتجاجا على هذه الإجراءات، أعلن المعتقلون رفضهم الخروج للتريض بشكل كامل، مؤكدين أن القرارات الجديدة فاقمت أوضاعهم الصحية والنفسية.

وفي سياق متصل، تفاقمت الحالة الصحية للدكتور عطا يوسف عبد اللطيف، أستاذ الفيزياء بكلية العلوم في جامعة أسيوط، البالغ من العمر 70 عاما، حيث نقل إلى المركز الطبي بسجن بدر في 27 تشرين الأول/أكتوبر الماضي٬ بعد تدهور وضعه الصحي. 

ومع استمرار ما وصف بالإهمال الطبي، جرى نقله لاحقا إلى مستشفى قصر العيني، حيث توفي يوم الجمعة الماضي، عقب اكتشاف إصابته بورم في مرحلة متقدمة.

وتأتي وفاة الدكتور عطا يوسف بعد فترة قصيرة من وفاة الدكتور علاء العزب داخل السجن ذاته، إثر تشخيص متأخر لإصابته بورم أيضا، ما أعاد إلى الواجهة ملف الإهمال الطبي داخل سجن بدر 3.

اظهار أخبار متعلقة


وتعيد هذه الأحداث تسليط الضوء على أوضاع قطاع 2 بالسجن، الذي يضم عددا من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، والذين يتعرضون، بحسب منظمات حقوقية، لتنكيل مضاعف يتمثل في منع الزيارات والتريض، ومنع إدخال الأطعمة أو الرسائل من ذويهم منذ أكثر من 13 عاما، رغم خوضهم عدة إضرابات عن الطعام، ومحاولات انتحار سابقة لم تفض إلى تغيير سياسات إدارة السجن.

ولا تزال حالة الاحتقان مستمرة داخل سجن بدر 3، حيث يواصل المعتقلون طرق أبواب الزنازين عقب كل أذان، وترديد هتافات تطالب بالحرية واحترام الحقوق الإنسانية، إلى جانب تعليق لافتات على أبواب بعض الزنازين تؤكد استمرار الاحتجاج والتصعيد إلى حين الاستجابة لمطالبهم.

وفي تطور لافت، دخل الدكتور رضا المحمدي في إضراب مفتوح عن الطعام، احتجاجا على الأوضاع داخل السجن، والتي وصفها ناشطون بأنها تمثل انتهاكا صارخا للمواثيق الدولية والالتزامات القانونية المتعلقة بحقوق السجناء.



من جهتها، وجهت منظمة «عدالة لحقوق الإنسان» اتهامات مباشرة لإدارة السجون بممارسة ما وصفته بـ«الإهمال الطبي الممنهج» بحق الدكتور عطا يوسف. وقالت المنظمة، في تقرير لها، إن الفقيد تعرض لسلسلة من الانتهاكات داخل سجن بدر 3، شملت الحرمان من التريض والزيارات، ومنع الرعاية الطبية الملائمة والمتابعة المنتظمة، رغم المطالبات المتكررة من أسرته بتوفير العلاج اللازم.

واعتبرت المنظمة أن الوفاة تمثل «انتهاكا جسيما للحق في الحياة»، مشددة على أنها تأتي ضمن نمط متكرر للوفيات داخل أماكن الاحتجاز نتيجة غياب الرقابة والمساءلة، وطالبت بفتح تحقيق مستقل وشفاف لمحاسبة المسؤولين عن حرمان السجناء من الرعاية الطبية.

وتأتي وفاة الدكتور عطا يوسف في سياق تقارير حقوقية تشير إلى تفاقم أزمة الرعاية الصحية داخل السجون المصرية. ووفقا لبيانات صادرة عن منظمة «لجنة العدالة – كوميتي فور جستس»، جرى توثيق نحو 917 حالة وفاة داخل أماكن الاحتجاز خلال الفترة من تموز/يوليو 2013 وحتى تشرين الثاني/نوفمبر 2019، منها 677 حالة نتيجة الإهمال الطبي.



كما تشير الإحصاءات المحدثة لعام 2024 إلى تسجيل 50 حالة وفاة إضافية، ليرتفع إجمالي الوفيات الموثقة منذ عام 2013 إلى أكثر من 1160 حالة، تسببت السياسات القمعية والحرمان من العلاج في نحو 74% منها، وفق تقارير منظمات حقوقية مصرية ودولية.

وخلال العام الجاري، رصدت منظمة «هيومن رايتس إيجيبت» ما وصفته بـ«استمرار نزيف الأرواح داخل مقار الاحتجاز المصرية خلال عام 2025»، حيث وثقت وفاة 54 سجينا على الأقل حتى منتصف كانون الأول/ديسمبر الجاري، تنوعت أسباب وفاتهم بين الإهمال الطبي المتعمد والتعذيب.
التعليقات (0)