اقتصاد عربي

حكومة لبنان تقر قانون "الفجوة المالية" وسط انقسام سياسي واحتجاجات المودعين

قانون بشروط صندوق النقد الدولي لفتح باب التمويل الخارجي - جيتي
قانون بشروط صندوق النقد الدولي لفتح باب التمويل الخارجي - جيتي
شارك الخبر
أقر مجلس الوزراء اللبناني، الجمعة، مشروع قانون «معالجة الفجوة المالية» أو ما يعرف بقانون «الانتظام المالي»، في خطوة وصفت بأنها الأكثر حساسية منذ اندلاع الأزمة المالية الخانقة التي ضربت البلاد عام 2019، رغم معارضة سياسية ومصرفية وشعبية واسعة للتشريع.

ويأتي إقرار القانون، الذي حاز موافقة 13 وزيرا مقابل اعتراض 9 من أصل 24، بعد ثلاث جلسات متتالية عقدها مجلس الوزراء منذ يوم الاثنين الماضي، وسط انقسام حاد داخل الحكومة، واحتجاجات متزامنة لعشرات المودعين في محيط السراي الحكومي وسط بيروت.

قانون مفصلي بشروط صندوق النقد
ويعد مشروع القانون جزءا أساسيا من حزمة الإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي، في إطار مساعي لبنان للحصول على تمويل خارجي يساهم في وقف الانهيار الاقتصادي غير المسبوق. 

ويهدف التشريع إلى وضع إطار قانوني لتوزيع الخسائر المالية الهائلة التي خلفها الانهيار بين الدولة ومصرف لبنان المركزي والمصارف التجارية والمودعين.

وكانت الحكومة اللبنانية قدرت حجم الخسائر الناجمة عن الأزمة عام 2022 بنحو 70 مليار دولار، فيما يرجح خبراء اقتصاديون أن يكون الرقم قد ارتفع خلال السنوات اللاحقة، في ظل استمرار الشلل المالي وتدهور العملة الوطنية.

استعادة تدريجية للودائع
وبحسب ما ورد في نص القانون، يسمح التشريع للمودعين الذين جمدت مدخراتهم منذ اندلاع الأزمة باستعادة أموالهم تدريجيا، وفق آليات تختلف باختلاف حجم الوديعة.

وفي مؤتمر صحفي أعقب جلسة مجلس الوزراء، أوضح رئيس الحكومة نواف سلام أن القانون يضمن للمودعين الذين تقل ودائعهم عن 100 ألف دولار استعادة أموالهم كاملة «من دون أي اقتطاع»، إضافة إلى الفوائد التي تراكمت خلال السنوات الأربع الماضية، مشيرا إلى أن هذه الفئة تمثل نحو 85 بالمئة من إجمالي المودعين في لبنان.

أما المودعون الذين تتجاوز ودائعهم هذا السقف، فسيحصلون، بحسب سلام، على مزيج من مبالغ نقدية وسندات مالية، مؤكدا أن هذه السندات «ليست وعودا على ورق»، بل «مدعومة بنحو 50 مليار دولار من موجودات مصرف لبنان».

اظهار أخبار متعلقة


مساءلة ومحاسبة لأول مرة
وأكد سلام أن القانون، رغم ما يحمله من نواقص، يشكل «خطوة منصفة على طريق استعادة الحقوق»، نافيا الاتهامات التي وجهت إليه باعتباره تشريعا يكرس الإفلات من المحاسبة.

وقال: «للمرة الأولى، يتضمن قانون الفجوة المالية مبدأ المساءلة والمحاسبة، وغير صحيح من يقول عنه ‘عفا الله عما مضى‘، فقد أدرجنا فيه شرط استكمال التدقيق الجنائي والمحاسبة».

وأضاف: «لا أريد أن تتآكل ودائع الناس، ولا أن تتآكل مصداقيتنا. نريد استعادة ثقة اللبنانيين، وثقة الأشقاء العرب والعالم، حتى نتمكن من جذب الاستثمارات المطلوبة».

اعتراضات سياسية ومصرفية وشعبية

ورغم إقرار القانون، واجه المشروع انتقادات واسعة، إذ أعربت جمعية مصارف لبنان، التي تمثل المصارف التجارية، عن رفضها للتشريع، معتبرة أنه لا يحمي القطاع المصرفي ولا يراعي حقوق المودعين بالشكل الكافي.

كما شهد محيط مقر الحكومة في ساحة رياض الصلح وقفة احتجاجية لعشرات المودعين، الذين رفعوا شعارات تندد بالقانون، مؤكدين أنه لا يضمن استعادة ودائعهم كاملة.

الطريق إلى البرلمان
ومن المتوقع، وفق مراقبين، أن يحال مشروع القانون إلى رئيس الجمهورية جوزاف عون لتوقيعه، قبل إرساله إلى مجلس النواب لمناقشته وإقراره في جلسة عامة، ليصبح نافذا رسميا.

وأعرب رئيس الحكومة عن أمله في أن يقر البرلمان القانون «بأسرع وقت»، مؤكدا استعداده لتقبل أي تحسينات قد تدخل عليه خلال النقاش النيابي.

أزمة غير مسبوقة
وتصنف المؤسسات الدولية، وفي مقدمتها البنك الدولي، الأزمة اللبنانية ضمن «أسوأ الأزمات الاقتصادية في العالم» منذ منتصف القرن التاسع عشر، بعدما أدت إلى تجميد حسابات الدولار، وفرض قيود قاسية على السحوبات المصرفية، وانهيار قيمة الليرة اللبنانية بأكثر من 95 بالمئة، في وقت لا يزال فيه اللبنانيون يدفعون ثمن الانهيار من مدخراتهم ومستوى معيشتهم.
التعليقات (0)