صُمّمت مسيّرة "إكس- بات" لتكون مقاتلة ذاتية التشغيل بالكامل قادرة على العمل من أي مساحة مفتوحة- موقع "شيناري إيكونومتشي"
نشر موقع "شيناري إيكونومتشي" الإيطالي تقريرا سلّط فيه الضوء على مسيّرة "إكس-بات" من ابتكار شركة "شيلد إيه آي" الأمريكية التي تُعدّ نقلة في مفهوم القتال الجوي. وبإمكان المسيرة الإقلاع عموديًا مثل الصاروخ والهبوط "عكسياً" على ذيلها دون الحاجة إلى مدرجات ما يجعلها مثاليًة لمواجهة التحدي الصيني في المحيط الهادئ حيث تُعدّ قواعد الطيران الأمريكية أهدافًا هشة أمام الضربات الصاروخية.
وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن تكلفة هذه الطائرة المسيّرة تبلغ عُشر سعر المقاتلة إف-35، ولا تحتاج إلى أي مدارج للإقلاع أو الهبوط ما يمنحها مرونة عملياتية استثنائية، وتهدف هذه الخطوةمن شركة "شيلد إيه آي"، التي يقودها مهندسون سابقون في "سبيس إكس"، إلى تغيير قواعد الحرب في المحيط الهادئ.
اظهار أخبار متعلقة
وفي الوقت الذي تتركّز فيه أنظار الجمهور على المقاتلات من الجيلين الخامس والسادس التي يقودها طيارون بشريون، تنشأ ثورة صامتة في مجال ما يُعرف بالطائرات القتالية التعاونية، وبينما كان يُنظر إلى هذه الطائرات بدون طيار حتى الآن على أنها مجرد امتداد للمقاتلات المأهولة، وعلى ما يبدوا، قلبت الشركة الأمريكية "شيلد إيه آي" الموازين تمامًا بالكشف عن مفهوم ثوري جديد تمثل في ابتكار مسيّرة "إكس-بات".
وصُمّمت مسيّرة "إكس-بات" لتكون مقاتلة ذاتية التشغيل بالكامل، قادرة على العمل من أي مساحة مفتوحة أو من سفينة أو مقطورة دون الحاجة إلى مدارج، ولحلّ المشكلة الاستراتيجية الأولى للولايات المتحدة في المحيط الهادئ: هشاشة قواعدها الجوية.
من يقف وراء المشروع وما هي المشكلة؟ أوضح الموقع أن شركة "شيلد إيه آي" ليست واحدة من "عمالقة" الدفاع التقليديين بل هي شركة معروفة أساسًا ببرنامجها للقيادة الذاتية "هايفمايند" والمسيّرة العمودية الأصغر حجماً في-بات، لكن من خلال إكس-بات، تهدف هذه الشركة إلى قلب المشهد التكتيكي رأساً على عقب.
قدّم هذه الرؤية آرمور هاريس، النائب الأول لرئيس قسم الطيران في شركة "شيلد إيه آي"، وقبل انتقاله إلى مجال الدفاع، كان هاريس مهندساً رئيسياً في سبيس إكس، ولعب دوراً محورياً في تطوير قدرة الصاروخ القابل لإعادة الاستخدام فالكون-9 على الهبوط العمودي.
وفي مقابلة حديثة مع موقع "تي دابليو زي"، شرح هاريس بوضوح المشكلة التي يسعى مشروع إكس-بات إلى حلّها، قائلاً: "كيف نواجه صعود خصومنا من القوى الموازية، أي الصين، وقدرتهم على الإنفاق والإنتاج العسكري بما يفوقنا؟ الطريقة الوحيدة لفعل ذلك هي عبر الميزة الجوهرية لأمريكا: الابتكار".
وحسب هاريس، الابتكار ليس مجرد تصميم مقاتلة أكثر تخفياً أو أسرع، بل نظام يكسر "منحنى التكاليف" (يعدون بتكلفة حياة تساوي عُشر تكلفة مقاتلة من الجيل الخامس مثل إف-35) وقبل كل شيء يحلّ كعب أخيل الاستراتيجي لأميركا: مدارج الإقلاع".
وأشار الموقع إلى أن حل الإقلاع والهبوط العمودي في "إكس-بات" يتجاوز مشكلتين معًا هما البقاء على الأرض: يمكن نشرها في أي مكان، مما يجعل من المستحيل توجيه هجوم وقائي مركز ضد المدارج، والاستقلال اللوجستي: يمكن أن تتمركز أقرب بكثير إلى الجبهة (على جزر صغيرة، أو سفن هجوم برمائي، أو حتى محمولة داخل حاويات)، مما يلغي أو يقلّل الاعتماد على صهاريج الوقود الضعيفة.
وقد تقلع "طائرة قتالية تعاونية" ذات الإقلاع العمودي مباشرةً، على سبيل المثال، من منصات بحرية أو تتخفى بسهولة في غابات أو مناطق وعرة بعيدًا عن مدارج الإقلاع بينما تظل جاهزة للالتحاق بالمقاتلات الأم.
كيف يعمل: "تايل-سيتر" على طريقة "سبيس إكس" وفقا للموقع فإن إكس-بات ليست إف-35بي ذات المراوح المعقدة، ولا أوسبري ذات المراوح القابلة للإمالة وإنما "تايل-سيتر" (التي تعني الجلوس على الذيل)، لا يعد هذا المفهوم جديدًا (إذ يعود لخمسينات القرن الماضي) لكنه فشل آنذاك لسببين: محركات ضعيفة وعدم قدرة طيّار بشري على الهبوط "خلفيًا" بأمان، واليوم، ساهمت الاستقلالية وقوة المحركات الحديثة في قلب الموازين.
إقلاع عنيف ترتفع إكس-بات عموديًا باستخدام ما بعد الاحتراق لمحركها النفاث الواحد، محرك من فئة إف100/إف110 (نفس محركات إف-16 وإف-15). وهذا الدفع كافٍ لرفع الطائرة مثل الصاروخ، بفضل نسبة دفع/وزن محسّنة أيضًا.
الهبوط
يعتبر الهبوط الجزء الأكثر تعقيدًا وجاذبية، وهنا تدخل خبرة سبيس إكس حيّز الفعل، إذ لا تهبط إكس-بات باستخدام محرك ما بعد الاحتراق (لأن ذلك سيُتلف موقع الهبوط) عند العودة، وبعد استهلاك الوقود وإسقاط الأسلحة، تصبح خفيفة بما يكفي لتهبط بـ "قوة جافة" (دفع دون استعمال محرك ما بعد الاحتراق). وللانتقال من الطيران الأفقي إلى العمودي، تنفذ الطائرة نوعًا من "مناورة كوبرا" ثم تتحوّل ببطء نحو الأسفل ما يتحكّم في الهبوط عبر دفع المحرك وفوهة ذات دفع متجه ثلاثي الأبعاد (تكنولوجيا مشتقّة من برامج تجريبية مثل إف-15 أكتيف)، يقوم الطيار الآلي بتولي إدارة المنحنى كله، وهو ما يستحيل على طيّار بشري. مناورَة مذهلة بلا شك، وسيكون من المثير مشاهدتها تُنفَّذ بواسطة منصة من دون طيار.
عقلٌ مستقل، لا مجرّد تابع يُبرز هاريس اختلافًا جوهريًا بين إكس-بات وسائر طائرات سي سي إيه (مثل واي إف كيو-42إيه التابعة لشركة جنرال أتوميكس) التي يجري تطويرها حاليًا لصالح سلاح الجو الأمريكي. فهذه المسيّرات صُمِّمت كمرحلة أولى تُعرف باسم "الزيادة الأولى"، أي أنها مرتبطة بمقاتلة مأهولة تؤدّي دور "قائد الميدان" أو "العقل المركزي" الذي يوجّهها ويتحكّم في عملياتها، أما إكس-بات فصُمّمت من الصفر لتكون ذاتية التشغيل ومستقلة بالكامل مع امتلاك حجم ووزن وقدرة كافية لحمل الحساسات اللازمة لـ "للصيد بمفردها". ويمكنها التعاون مع أصول أخرى، لكنها لا تحتاج إليها.
وأشار الموقع إلى أن هذا الابتكار يفتح آفاقًا جديدة ومعقدة تتعلق بمفهوم "سلسلة القيادة"، فشركة "شيلد إيه آي" ترى أنه في العمليات الهجومية يجب أن يبقى العنصر البشري جزءًا من دائرة اتخاذ القرار لمنح الإذن النهائي، بينما في المهام الدفاعية — مثل حماية منطقة أو سفينة — يمكن لـ إكس-بات أن تعمل باستقلالية تامة على غرار أنظمة "سي آي دبليو إس فالانكس" البحرية التي تتولى إسقاط الصواريخ المهاجمة تلقائيًا دون انتظار أوامر بشرية.
الخصائص الرئيسية · التصميم: "كرانكد كايت" (جناح دلتا مقطّع) — مُحسّن للتخفي (ستيلث) وذو كفاءة عالية في نسبة الرفع إلى السحب (إل-دي).
· الأبعاد: طول 7.9 م، امتداد جناحي 11.9 م — حوالي 1/3 حجم طائرة إف/إيه-18.
· الدفع: 1 × محرك نفاث فئة إف100/إف110 مع ما بعد الاحتراق.
· السرعة: إبحار شبه صوتي عالٍ (أسرع من قطع سي سي إيه الحالية) — ليست مقاتلة مناورة تتحمّل مناورات 9جي، بل مُعترِضة ومخترِقة.
· المدى: 2,000 ميل بحري (المدى الأقصى للانطلاق) — ونحو 1,000 ميل بحري (≈1,852 كم) كمدى قتالي تقريبي.
· العلو التشغيلي: ~50,000 قدم.
· التسليح: فتحتان داخليتان للتسليح + حوامل خارجية — متعدد المهام: جو-جو (إيه-آي-إم-120) وجو-سطح (إيه-إيه-آر-جي-إم-إي-آر).
شكوك ورهانات رغم الوعود الطموحة، لم يفلت هذا الابتكار من نقد المتشككين.
مدى العمل كيف لطائرة صغيرة بهذا الحجم، ومحرك إف100 (المعروف بأنه "عطشان" للوقود)، أن تصل إلى مدى 1,000 ميل بحري؟ يؤكد هاريس أن التصميم يحقق نسبة رفع/سحب (L/D) استثنائية، إنها ليست مقاتلة مناورة، بل "طائرة شراعية" فعّالة تطير "عالياً وسريعاً" خلال طور الإبحار.
التخفي (LO) يبدو أن التصميم مُعتنى به بدقّة (محاذاة السطوح ومداخل الهواء). لكن هناك مقايضة: الفوهة ذات الدفع المتجه اللازمة للـVTOL لا يمكن "إخفاؤها" كما في بي-2. يعترف هاريس بوجود نقائص، لكنه يقول إن المسيرة "أكثر قابلية للبقاء" بكثير من بقية قطع الطائرات القتالية التعاونية، في النهاية هو حل وسط، لكن على الأقل ليس هناك طيارون على الخط.
التكاليف حجة "عُشر تكلفة-الحياة" لمقاتلة مثل إف-35 هي النقطة المحورية؛ فغياب الطيار يخفّض تكاليف التدريب وأنظمة الدعم الحيوي المعقّدة، إضافة إلى ذلك، تراهن شيلد إيه آي على سرعة إدخال الخدمة عبر اعتماد تصميم هيكلي عملي لإنتاجه بكميات كبيرة وبسرعة.
هل إكس-بات حقيقية أم مجرد مشروع على الورق؟
هذه المسيّرة في مرحلة متقدمة من التطوير، فقد عرضت شركة "شيلد إيه آي" نماذج بالحجم الكامل وخضعت عدة "نماذج اختبار" للتجربة فعليًا، سواء في نفق الرياح (للتحقق من الديناميكا الهوائية أثناء الانتقال من الطيران الأفقي إلى العمودي) أو في الغرفة عديمة الصدى (لاختبار خصائص التخفي)، ولم تدخل في الخدمة التشغيلية، لكن الشركة، المستفيدة من خبرة إدارتها القادمة من سبيس إكس، تستهدف إنتاجًا سريعًا باستخدام تصميم هيكلي تقليدي نسبيًا، من دون مواد غريبة أو معقدة، بهدف تسريع الجداول الزمنية والدخول إلى الخدمة بأقرب وقت ممكن.
بأي معنى تبلغ كلفتها "عُشر تكلفة إف-35"؟ يبدو ذلك جيدًا لدرجة يصعب تصديقها. يُشير هذا التقدير إلى "تكلفة دورة الحياة" وليس إلى سعر الشراء فقط، فالتكلفة الكاملة تشمل الصيانة، والوقود، والتحديثات، والكوادر البشرية طوال العمر التشغيلي للطائرة. تخفض إكس-بات التكاليف أساسًا لأنها طائرة مسيّرة: لا يوجد طيار (أي لا ساعات تدريب، ولا أجهزة محاكاة، ولا أنظمة دعم حيوي، ولا قمرة قيادة معقّدة).
كما أن المحرك من فئة إف100/إف110 ناضج ومُنتَج بأعداد ضخمة. وأخيرًا، هي غير مصمَّمة لخوض قتال جوي عنيف وبذلك يقلّ الإجهاد الهيكلي، وبالتالي تنخفض تكاليف الصيانة مقارنةً بالمقاتلات التقليدية.
اظهار أخبار متعلقة
إذا كانت تعمل باستقلالية، فمن يقرر متى يتم إطلاق النار؟ تتبنى شركة "شيلد إيه آي" نهجًا متدرّجًا تماشيًا مع الجدل الأخلاقي الدائر، تؤكد الشركة أنه بالنسبة لقرارات شنّ الضربة الهجومية لا بدّ من بقاء مشغّل بشري داخل حلقة اتخاذ القرار لإعطاء الإذن النهائي. ومع ذلك، في السيناريوهات الدفاعية يُقبَل العمل باستقلالية أكبر (مثال: نظام سي آي دبليو إس فالانكس على السفن الذي يطلق النار تلقائيًا على الصواريخ الواردة). قد تعمل إكس-بات بشكل مستقل داخل مساحات دفاعية مرخّصة مسبقًا أو بوصفها مستشعرًا متقدّمًا يحدد الأهداف ويعرض "قائمة خيارات" على المشغّل البشري، مع الالتزام الصارم بقواعد الاشتباك.