حقوق وحريات

إخلاء سبيل علاء عبد الفتاح يفتح باب المطالبات بإنقاذ 60 ألف معتقل

نشطاء وكتاب أكدوا أن الأوضاع الإقليمية التي تشهدها المنطقة والأزمات الاقتصادية والسياسية بالداخل، تستوجب حل أزمة المعتقلين- الأناضول
نشطاء وكتاب أكدوا أن الأوضاع الإقليمية التي تشهدها المنطقة والأزمات الاقتصادية والسياسية بالداخل، تستوجب حل أزمة المعتقلين- الأناضول
 فتح قرار رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، الاثنين الماضي، بإخلاء سبيل الناشط علاء عبدالفتاح، باب الأمل أمام 60 ألف معتقل مصري، وأسرهم للمطالبة بإجراء مماثل، خاصة وأن كثيرين منهم تعدت مدد سجنه فترات عقوبته وجرى تدويره على ذمة قضايا جديدة، أو يعاني من وضع صحي مذري.


وطالبت أسر معتقلين وحقوقيين بوقف عمليات التنكيل بأبنائهم وإخلاء سبيل من قضى مدة محكوميته، ومن على ذمة الحبس الاحتياطي، ووقف تدوير المعتقلين وعدم اعتقال آخرين، وإنقاذ المرضى وكبار السن عبر إفراج صحي من موت بطيء يقترب من قيادات وأعضاء وأنصار جماعة الإخوان المسلمين المعتقل أغلبهم منذ منتصف العام 2013.

اظهار أخبار متعلقة


‏منظمة "هيومن رايتس إيجيبت"، كتبت تقول: "خرج علاء، وباقي في السجون 60 ألف علاء"، مطالبة عبر "فيسبوك"، بـ"الحرية لكل السجناء"، فيما ثمنت "هيومن رايتس ووتش"، القرار، آملة أن يكون خطوة لإطلاق سراح معتقلين آخرين كثيرين.



"مطالب 100 ألف"
وعن خروج علاء عبد الفتاح و5 معتقلين آخرين قالت الناشطة شرين عرفة: "يتبقى 100 ألف معتقل ظُلم، 100 ألف إلا 5 معتقلين"، منتقدة سياسات "التنكيل بالمصريين، وسجنهم وقتلهم، وتنغيص حياتهم، وتكدير معايشهم وإفقارهم وتدمير بلادهم وإذلالهم وظلمهم".

وفي السياق، قال الكاتب علاء عمر، إن فرحة خروج علاء عبد الفتاح تقول لك كيف ستكون فرحة البلاد والعباد حال خروج المعتقلين بعفو رئاسي، مؤكدا عبر "فيسبوك"، أنها "ستكون خطوة هائلة للدولة والنظام والرئيس والشعب".

وعبر صفحته بـ"فيسبوك"، تمنى الداعية خالد حمدي، أن تعود لشوارع مصر وجامعاتها ومساجدها ومرابضها ومؤسساتها المطاردين خارج البلاد، والمعتقلين من أمثال: "باسم عودة، ومحمد البلتاجي، وحازم إسماعيل، وحسام أبوالبخاري، وأيمن عبدالرحيم، وعصام سلطان، وصفوت حجازي، وعشرات الآلاف ممن خلفهم من علماء، وصلحاء، وبسطاء".



أهمية الإجراء وتوقيته
نشطاء وكتاب، أكدوا أن الأوضاع الإقليمية التي تشهدها المنطقة والأزمات الاقتصادية والسياسية بالداخل، تستوجب حل أزمة المعتقلين، وإنهاء الخلافات السياسية، وتهدئة جبهة الداخل، وعمل مصالحة مجتمعية، خاصة مع خطط إسرائيلية وأمركية بتهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء.

وفي حين تحتجز السلطات نحو 180 مصريا منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، على خلفية دعمهم المقاومة الفلسطينية في غزة، دعت منظمة "العفو الدولية" في تموز/ يوليو الماضي، لإخلاء سبيلهم، دون استجابة السلطات، التي تعلن من آن إلى آخر قائمة عفو قصيرة تُتبعها بقوائم معتقلين جديدة، وفق منظمات حقوقية.

اظهار أخبار متعلقة


وبعد يومين من الاحتفاء بخروج علاء عبدالفتاح، أعلن الباحث المصري والمعتقل السابق إسماعيل الإسكندراني، الأربعاء، توقيف السلطات الأمنية المصرية له في كمين "مرسى مطروح"، (شمال غرب) البلاد، فيما لم يتم الكشف عن مصير الإسكندراني، حتى كتابة هذا التقرير.


تنكيل على الجانب الآخر
وفي مقابل الآمال بحدوث انفراجة، ومطالبات إخلاء سبيل المعتقلين، تواصل السلطات عمليات التنكيل بحق المعتقلين السياسيين، وخاصة في سجون "بدر3"، وفق ما توثقه منظمات حقوقية بشكل متواصل.

وتزامن مع قرار إخلاء سبيل علاء عبدالفتاح، تسريب من سجن "بدر3" عن تعرض وزير التموين الأسبق باسم عودة، للتعذيب البدني، وعدد آخر من المعتقلين على يد ضباط أمن السجون، متوعدينهم بتعذيب على طريقة "سجن العقرب" سيئ السمعة قبل غلقه (جنوب القاهرة).

وبحسب ما وثقته "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان"، الاثنين الماضي، فإن العقيد أحمد فكري، ضابط الأمن الوطني والمسؤول عن قطاع (2) بالسجن، اقتحم زنزانة عودة، واعتدى على الوزير السابق بالضرب والتهديد، لإنهاء إضرابه عن الطعام.



إلى ذلك، أكدت أسرة القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، محمد البلتاجي، تعرضه إلى تعذيب نفسي وبدني وضغوط بينها عزله في عنبر منفصل لإثنائه عن إضرابه عن الطعام الذي يدخل شهره الثالث، مشيرة لتعرض نجله أنس البلتاجي، إلى الاعتداء بالضرب بغرفة الحجز قبل جلسة محاكمته.

وتشير تقارير المركز "المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، ومؤسسة "عدالة"، ومنصة "جوار"، إلى وضع صحي سيء لكل من الصحفي المعتقل سيد صابر في سجن "العاشر"، والمعتقل السياسي أمين الصيرفي الذي يخوض إضرابا عن الطعام، وأيضا، جهاد الحداد الذي يعاني عجزا مع ظروف الحبس والإهمال الطبي المتعمد بـ"بدر 3".

اظهار أخبار متعلقة


أمر التنكيل يطال النساء المعتقلات مع ما يواجهونه من أوضاع غير إنسانية وصحية صعبة وسط مخاوف على حياة السجينات، وبينها المعتقلة السياسية عائشة الشاطر التي تعاني صحيا، ونورهان السيد دراز، المصابة بورم في الرحم يستدعي تدخلا جراحيا عاجلا.



وقضائيا تتواصل محاكمات المعارضين والصحفيين والنشطاء، في قضايا وصفتها منظمات حقوقية بأنها مسيسة، والتي كان آخرها محاكمة 29 صحفيا وسياسيا الثلاثاء، بقضية "مكملين 2"، والتي تضم السياسي محمد القصاص، والصحفيين جمال الجمل، وأحمد الطنوبي، وأحمد بيومي، وحسام السويفي، وغيرهم.

تشير منظمات حقوقية إلى تقديرات متباينة حول عدد المعتقلين في عهد السيسي، بين 60 و65 ألف مصري، صدر بحقهم آلاف الأحكام القضائية بينها أحكام بالمؤبد، والإعدام والتي نفذت منها 32 حكما عام 2019، و57 آخرين عام 2020.

وطبقا لتقرير "لجنة العدالة"، ومقرها واشنطن هناك 1056 حالة وفاة داخل السجون ومراكز الاحتجاز بين 2013، و2020،  في حين يوثق ائتلاف "المادة 55"، 296 وفاة لمعتقلين بين 2020 ومنتصف 2024، فيما شهد العام الماضي وحده نحو 50 حالة، و15 وفاة في الشهور الخمس الأولى من العام الجاري.

ومنذ مطلع تموز/ يوليو الماضي، دخل عدد من المعتقلين في سجن بدر3 في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجا على: "العزل الانفرادي، المنع من الزيارات، الحرمان من العلاج الطبي، وقطع تواصلهم مع أسرهم ومحاميهم".

اظهار أخبار متعلقة


أوراقنا بالية

وحول إمكانية اتخاذ آلاف المعتقلين مسلك أسرة علاء عبدالفتاح بتقديم طلب بـ"العفو الرئاسي"، للمجلس الأعلى لحقوق الإنسان، الذي يقدم بدوره طلبا للرئاسة، يقول نجل أحد المعتقلين، وهو محامي في أسرة بها 5 معتقلين: "ليس مسموحا لبسطاء المعتقلين ممن لا يعرف الإعلام عن معاناتهم شيئا تقديم هذا الطلب".

وفي حديثه لـ"عربي21"، يرى أن "ما جرى في ملف علاء من ضغط إعلامي وحقوقي محلي وخارجي ثم إعلان الرئاسة دراسة الموقف ثم الإفراج عنه، هي في إطار رسائل سياسية للخارج".

ويوضح أنه "ليس بيد أسر المعتقلين وسائل للضغط على الدولة، وأوراقنا صارت بالية، ولا يمكننا تنظيم تظاهرات أو سلاسل بشرية كما جرى بأعوام 2013 وحتى 2015 نتج عنها اعتقال آلاف الشباب والفتيات"، متخوفا من أن "يكون مصير كل من يحاول إنقاذ المعتقلين الاعتقال".

خيارات أربعة ممكنة
وحول الطرق التي يمكن أن تتبعها أسر المعتقلين ومحاميهم لفتح الملف المغلق منذ 12 عاما، يقول الحقوقي عبدالرحمن البدراوي، لـ"عربي21"، بـ"ضرورة عودة التدوين على نطاق واسع، وكتابة الأهالى عن معاناة معتقليهم مرة أخرى".

المدير التنفيذي لمؤسسة "جوار"، يشدد على أهمية "تنظيم ورش عمل، وإجراء تنسيق بين الحقوقيين لتنظيم خطة مشتركة بينهم للضغط وإثارة الرأي العام لتبني قضايا المعتقلين مرة أخرى"، مشيرا إلى أهمية "تكوين كتلة معارضة في الخارج، تتحد في مساندة قضايا المعتقلين على المستوى الدولي".

ويلمح إلى أن "اتخاذ أسر المعتقلين ذات مسلك أسرة علاء عبدالفتاح بالتقدم بالتماسات لمؤسسة الرئاسة والمجلس القومي لحقوق الإنسان والمؤسسات الدولية، أمر يرجع لقناعة كل أسرة".

ويبين أن "المعتقلين لا يملكون خيار التحرك أو القدرة على تغيير وضعهم، وأسرهم طالما قدمت شكاوى ونشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكن طول المدة جعل وضعهم الآن بلا خيارات أو أمل في التغيير؛ ومنهم مازال يقاوم فكرة اليأس ويسعى ويحاول، ومنهم من ركن وارتضى الوضع".

اظهار أخبار متعلقة


التدويل هو الحل
وفي رؤيته، يقول السياسي والحقوقي المصري الدكتور أشرف عبدالغفار: "في اعتقادي موضوع علاء عبدالفتاح، يختلف عن باقي المعتقلين، وأرى أن نظام السيسي لن يُخرج المعتقلين إلا إذا كانت له مصلحة فوق مصلحته وهي: (الإدعاء أمام العالم أنه يكافح الإرهاب)".

القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، يوضح لـ"عربي21"، أن "الطريق الصحيح الذي يجب أن يتبعه المعتقلون وذووهم هو محاولة تدويل القضية إعلاميا وقضائيا"، ملمحا إلى "حجم تعاطف الشعوب الغربية (لا الحكومات) وجرائم الإبادة في غزة بعد أن كشفها الإعلام".

ويؤكد أن "العالم لا يعرف حجم معاناة المصريين في ظل حكم السيسي، ولا يدرك أن هناك عشرات آلاف معتقلين قضوا أكثر من 12 عاما بسجون رديئة وحبس انفرادي، وبينهم وزراء سابقين ورئيس برلمان ومحافظين، ومن يعرف يتساءل لماذا يسكت الشعب؟".

ويضيف: "هذا الوضع قائم لأن القضية غير مثارة أمام الإعلام العالمي والقضاء الدولي، ولذا فالحل في تدويل القضية إعلاميا وقضائيا"، ملمحا لوجود "جهود سابقة توقفت لعدم وجود تمويل لإقامة قضايا أمام المحاكم الدولية عبر مكاتب محاماة دولية".

ويشير إلى "عمل سابق في هذا الإطار من خلال منظمة (هيومن رايتس مونيتور)، ومكاتب محاماة دولي، ومع المحكمة الجنائية الدولية، وتبين لنا أن الحل من خلال المحاكم الأوروبية، مع احتمال اللجوء للجنائية الدولية".

وفي نهاية حديثه يقترح عبدالغفار، على أسر المعتقلين "تشكيل فريق منهم لمتابعة وإحياء هذا المسار".
التعليقات (0)