لا زال السجال الإسرائيلي قائماً بشأن خطة الرئيس الأمريكي
دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة، بين من يراها قابلة للتحقق، ويدعمها،
ويطالب بتوفير أسباب نجاحها، ومن يعتبرها فكرة عشوائية ليس لها رصيد من الواقع،
صحيح أن ساحل غزة قد يصبح مليئا بالفنادق ذات الخمس نجوم، لكن طالما يتمّ تعليم
الأطفال الفلسطينيين على كراهية الاحتلال وقتل جنوده، فلن يتغير شيء، ولن يكتب
النجاح لهذه الخطة.
وكشف مايكل أورن السفير الأسبق في واشطن، عن "عريضة وقعها
350 من الحاخامات والزعماء اليهود الأمريكيين في صحيفة نيويورك تايمز تدين خطة
ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة، وعنوانها "الشعب اليهودي يقول لا للتطهير
العرقي!"، معربين عن قلقهم العميق أن تؤدي خطته لتصنيف دولة الاحتلال مرة
أخرى كدولة عنصرية لا يمكن الدفاع عنها في نظر أميركا الليبرالية، وأنا أشاطرهم
هذه المخاوف بكل تأكيد".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة
يديعوت أحرونوت، وترجمته
"عربي21" أن "
تهجير أكثر من مليوني فلسطيني من غزة قد لا يكون
تحدّياً أخلاقياً فحسب، بل غير عملي من الناحية المادية أيضاً، وقد تدفع دولة الاحتلال
ثمناً دبلوماسياً مؤلماً لدعمها خطة لا يمكن تحقيقها واقعياً على الإطلاق، ورغم
ذلك فإنه يمكن إزاحة تحفظاتي وإدانة الحاخامات الأميركيين جانبا، وطرح السؤال
الرئيسي: كيف يمكن إزالة التهديد المستمر الذي تشكله غزة؟ مع أن هذا الخطر لا ينبع
من وجود حماس، بل من المجتمع الذي أوجدها".
وأشار أن "حماس انعكاس للمجتمع الفلسطيني وقيمه وأساليبه
ونظرته للعالم، وبالتالي فإن الظروف التي أدت لظهور الحركة يجب أن تتغير جذرياً،
وفيما رأت إدارة بايدن السابقة أن القضاء على تهديد حماس يكون بإنشاء دولة
فلسطينية في الضفة الغربية وغزة، فإن هذه الدولة قد تسقط بأيدي الحركة في غضون
أسابيع، لكن في الوقت ذاته، فإن رؤية إدارة ترامب الحالية بتهجير الفلسطينيين،
وتحويل غزة إلى ريفييرا شرق أوسطية، لن تعالج جذور الصراع، غير المقتصرة على
الأسباب الاجتماعية والاقتصادية".
اظهار أخبار متعلقة
وأكد أن "ساحل غزة قد يكون مليئاً بالفنادق ذات الخمس
نجوم، ولكن ما دام الأطفال الفلسطينيون يتربون على كراهية الاحتلال وقتل جنوده،
فلن يتغير شيء بشكل أساسي، ما دام الزعماء الفلسطينيون يمتدحون هجوم حماس في
السابع من أكتوبر باعتبارها عملاً بطولياً، ويدعمون احتجاز المختطفين، وما دام
المجتمع الفلسطيني يمجّد المقاومين، ويصفّق لهم".
عكيفا لام الكاتب السياسي بصحيفة
يديعوت أحرونوت، دافع عن خطة
تهجير الفلسطينيين من غزة بزعم أن "التغييرات الديموغرافية المتعمدة كانت
أداة رئيسية في الحدّ من الصراعات المطولة، لأن الاحتلال لا يستطيع تحمّل
الاستمرار بالحفاظ على نهج يسمح لحماس بالبقاء تهديدًا مستمرًا، مما يجعل رفض
الخطة تفسيرا طبيعياً لعدم تعلّم أي درس من هجوم حماس في السابع من أكتوبر".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "ردود الفعل
الإسرائيلية فور وقوع الهجوم أظهرت أن الدولة قد تغيّرت، وظهرت الرؤى حادة، ولا
لبس فيها، وردّت بقوة على غزة بعدم تسليمها مساعدات إنسانية، وقطع الكهرباء
والمياه، وبقاؤها تحت حصار الطاقة، ودعوة البعض لإطلاق صفة "النازية"
على غزة، حتى خطة ترامب الحالية للتهجير طُرحت بالفعل نهاية 2023 من قبل عضوي
الكنيست داني دانون ورام بن باراك، ولكن بعد توقف للحرب مؤقتاً، ها هي حماس تواصل
فرض توازن الرعب على الاحتلال".
ونقل عن "جنود الاحتلال الذين اقتحموا منازل الفلسطينيين
خلال اجتياح القطاع أنهم وجدوا في كل مدرسة مواد تعليمية تمجّد المسلّحين، وفي كل
منزل دعاية معادية للاحتلال، وأدركت شبكة التعليم الفلسطينية أن إمكانية التوصل
للسلام أصبحت غير واقعية على مدى أجيال، فدفنت البذور التي انفجرت أمام أعين
الاحتلال، وليس من قبيل الصدفة أن يتم مؤخراً نشر تقارير تفيد بأن حماس جندت آلاف
المقاتلين الشباب الجدد، وحتى لو هُزمت الحركة عسكرياً، فإن الفلسطينيين أنفسهم
يظلون قاعدة دعم لبناها التحتية المستقبلية".
وأوضح أن "هذا الدعم للمقاومة تغلغل في أحداث إطلاق سراح
المختطفين، حيث نرى حشوداً فلسطينية تتجمع حولهم، تماماً كما حدث في السابع من
أكتوبر، وعلى هذه الخلفية، فإن أي معارضة لخطة ترامب بإخلاء غزة، ولو مؤقتاً، تبدو
وكأنها مؤامرة، وتكشف عن تناقض حجج المعارضين أكثر مما تقدم حجة متماسكة حقا".
اظهار أخبار متعلقة
واعتبر أن "أمنية الاسرائيليين قديما وحديثا بأن تغرق
غزة في البحر لم تتحقق، وبينما يقدم ترامب حلّا بدا ذات يوم مستحيلاً، يرفض
معارضوه الاعتراف بالواقع التاريخي وتداعياته على مستقبل المنطقة، مع أن التاريخ
يقدم تجارب على أن التغييرات الديموغرافية المتعمدة كانت أداة رئيسية في الحدّ من
الصراعات المطولة، لأن الاحتلال لا يستطيع تحمّل الاستمرار في الحفاظ على نهج يسمح
لحماس بالبقاء كتهديد دائم في غزة".
وأكد أن "الحدّ الأقصى من الأراضي، يقابله الحدّ الأدنى
من الفلسطينيين، كان مبدأً صهيونياً أساسياً على الدوام، وهو أيضاً اعتبار أمني
حيوي، لأن التاريخ يثبت أن المناطق المكتظة بالسكان المعادين تظل بؤراً للصراع
المتكرر، وتفويت الفرصة الحالية من شأنه أن يعرّض الاحتلال لخطر مستمر، وإذا ظل
فلسطينيو غزة حيث هم، فسيهددوننا مرة أخرى، وفوق كل ذلك، سيكون من الصعب للغاية
انهيار حماس".
وزعم أن "أي معارضة لخطة ترامب تشكل حماقة سياسية، صحيح
أن المجتمع الدولي سيعارضها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه ما هو البديل، في ضوء أن
العالم كله لم يقدم حلاً عملياً لغزة، والمطالبات بوقف الحرب لا تدعمها اقتراحات
عملية حول كيفية منع حماس من العودة للسلطة، وكيفية وقف التحريض للأجيال القادمة،
وكيفية ضمان أمن الاحتلال، وإلا فإننا نحتضن هذه الخطة، ونعتبر نجاحها هو نجاحنا".