في تطور جديد،
حث زعيم
التيار الوطني مقتدى الصدر، أتباعه على تحديث سجلات الناخبين، مؤكدا أنه
"أمر لا بد منه"، وذلك بعدما قرر في حزيران/ يونيو 2022 الانسحاب من
العملية السياسية في
العراق بشكل نهائي، وعدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة.
وبرر الصدر
الانسحاب في وقتها هو بعدم رغبته في الاشتراك مع الساسة "الفاسدين"،
وذلك بعد دعوته لاستقالة كتلته البرلمانية والبالغ عددها 73 نائبا، بعدما اخفاقهم
في تشكيل حكومة "أغلبية سياسية" مع قوى سنية وأخرى كردية فائزة في
انتخابات عام 2021.
وخلال الأسبوع
الماضي، أمر الصدر أتباعه بتحديث سجل الناخبين، مؤكدا أن "ذلك أمر لا بد منه.
هو نافع لكم سواء دخلتم
الانتخابات أم قاطعتموها.. فالتفتوا إلى ذلك رجاء
أكيدا"، وذلك قبل نحو 8 أشهر من الانتخابات البرلمانية المقررة في تشرين
الأول المقبل.
مشاركة محتملة
وعن مدى مشاركة
الصدريين في الانتخابات البرلمانية المقبلة، قال مناف الموسوي رئيس مركز
"بغداد" للدراسات الإستراتيجية لـ"عربي21"، إن "الصدر
ترك الباب مفتوحا على النصف وليس كاملا عندما حث الجمهور على تحديث السجلات".
لكن الموسوي أكد
أنه "حتى الآن لا يوجد تصريح مباشر من الصدر عن المشاركة في الانتخابات،
وإنما طلب التحديث سواء شارك التيار فيها أو قاطعها، خصوصا أن المؤسسات المعنية
داخل التيار لم تعاود عملها مثل، الهيئة السياسية، والماكنة الانتخابية".
وتابع:
"كذلك، المفوضية العليا للانتخابات لم تفتح باب تسجيل الأحزاب حتى الآن،
بالتالي فإن التيار الوطني الشيعي (تسمية جديدة للتيار الصدري) لم يتم تسجيله بشكل
رسمي، حتى نتحدث عن عنوانه الجديد وحالته الجديدة خلال المرحلة المقبلة".
ورأى الموسوي أن
"عملية الدعوة إلى التحديث هي بالنتيجة رسالة أن التيار الصدري عائد للعملية
السياسية لكن بشروط حاضرة يريدها الصدر، وهي مدى تقبل باقي الكتل لمشروع الإصلاح
المقدّم من الأخير، والذي إذا عاد فإنه سيعمل على تطبيقه بشكل كامل".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار الخبير
إلى "وجود تعاطف كبير من الأغلبية الصامتة في الشارع العراقي وترغب في دعم
مشاركة التيار الصدري، خصوصا تلك التي لم تشارك في الانتخابات السابقة، والمتضررة
من مواقف الأحزاب السياسية والمحاصصة والفساد الكبير".
وبحسب الموسوي،
فإن "كل هذه المعطيات تشير إلى أن التيار الصدري قد يحصل على نحو مئة مقعد في
الانتخابات البرلمانية المقبلة، وبهذا يكون قد تجاوز ما حققه في انتخابات عام 2021".
وأردف: "الأغلبية
الصامتة ستكون داعمة لحصول التيار الصدري على عدد مقاعد يسمح لها بتشكيل حكومة
أغلبية سياسية، ولا يجعلها عرضة لتشكيل حكومة محاصصة أو عرضة للعرف السياسي السيئ
الذي تم إنتاجه بعد 2003".
ولفت إلى أن
"التيار الصدري يعمل على إيجاد إصلاحات حقيقية في النظام السياسي، وهذا هدف
الصدر من المشاركة، بمعنى أنه إذا لم يشترك في الانتخابات، فهذا لا يعني له شيء
لأن جمهوره عقائدي ينفذ ما يُطلب منه، وليس جمهورا انتهازيا يبحث عن المغانم".
وكان المحلل
السياسي القريب من التيار الصدري، رافد العطوان، قد رأى خلال مقابلة تلفزيونية،
السبت، أن "الانقسامات داخل ائتلاف الإطار التنسيقي (الحاكم) وتراجعه في
الشارع، ربما يجعل من إيران تترك المجال للتيار الصدري بأن يكون بديلا عن قوى
الإطار في تشكيل الحكومة المقبلة".
وأوضح العطواني:
إيران تريد الحفاظ على نفوذها في العراق، وأن الإطار التنسيقي قد يشهد اعتراضا من
الغرب ويبعد من السلطة على غرار ما جرى مع حزب الله اللبناني، بالتالي الفرصة
سانحة أمام التيار الصدري لأن يكون البديل المحتمل في تشكيل الحكومة المقبلة.
مرحلة خطيرة
من جهته، قال
المحلل السياسي العراقي، عائد الهلالي، لـ"عربي21" إن "توجه التيار
الصدري لتحديث سجلات الناخبين، لا يعني أنهم قد حسموا أمرهم للمشاركة في
الانتخابات البرلمانية المقبلة، وأن الأمر حتى الآن لايزال مبهما ومجهولا بالنسبة
لنا".
وأضاف: "قد
يفسر حث الصدر أبتاعه على تحديث سجلات الناخبين، بأنها السماح للصدريين المشاركة
في الانتخابات بشكل أفراد وليس بتشكيل كتلة انتخابية، وهذا بالتالي يعني زيادة
نسبة المشاركين في الانتخابات بعدما شهدنا تراجعها مؤخرا".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار إلى أن
"جمهور التيار الصدري ثابت ولا يتغير، وأن حظوظهم موجودة، وهذا الشيء يأتي من
عملية التنظيم العالية للصدريين ودفع جمهورهم للمشاركة في الانتخابات من أجل تحقيق
فارق يتيح لهم تشكيل الحكومة المقبلة".
الهلالي أكد أن
"التيار الصدري يعتقد أنه يمتلك فرصة وإمكانيات تجعله قادرا على أن يُغيّر من
واقع العملية السياسية، لذلك يطمح إلى تشكيل حكومة أغلبية سياسية، وهو ربما اتفق
مع بعض القوى السياسية التحالف بعد الانتخابات من أجل ذلك".
وبخصوص مدى
موافقة إيران على تشكيل الصدر لحكومة أغلبية سياسية على اعتبار أن هناك اتهامات
لها بإجهاض هذه المساعي في الدورة السابقة، علق الهلالي، قائلا "لم نلمس وجود
قطيعة بين التيار الصدري وإيران، وإنما يوجد اختلاف في الرؤى على أقل تقدير".
وتابع:
"لكن تبقى إيران تنظر إلى المكون الشيعي في العراق على أنه كتلة واحدة، رغم
حالة التشرذم والتشظي ووجود كتل سياسية تطمح للسيطرة على البيت السياسي الشيعي
وفرض إرادتها على باقي الكتل السياسية".
ورأى الهلالي أن
"الظروف والتحديات الحالية ربما تجعل إيران تضغط بشكل كبير جدا على المكونات
السياسية الشيعية من أجل عدم التشظي أو الاستفراد، لأنهم يعتقدون أن هذا الشيء
يضعف المكون الشيعي ويفقده الكثير من الامتيازات ونقاط القوة".
اظهار أخبار متعلقة
وأردف:
"سواء كان التيار الصدري هو من سيحصل على الأغلبية البرلمانية أو أي كتلة
سياسية شيعية، فإنهم لن يخرجوا عن نطاق الدائرة التي رسمت لهم بعد عام 2003، وهي
تشكيل تحالف شيعي كبير، يؤسس للكتلة الأكبر في البرلمان من أجل تشكيل الحكومة".
وخلص الهلالي
إلى أن "الكل يدرك خطورة المرحلة الحالية، وأن إيران لا تريد أي إضعاف للمكون
الشيعي في العراق، لأنه بالتالي سيخسر الكثير".
ويعاني واقع
الإطار التنسيقي في الوقت الحالي من انقسامات حادة خصوصا مع مساعي رئيس الوزراء،
محمد شياع السوداني، تشكيل تحالف انتخابي، من المحتمل أن يأتلف معه، هادي العامري
رئيس منظمة "بدر"، وفالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي وزعيم قائمة
"العقد الوطني".
وفي المقابل،
فإن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وقيس الخزعلي زعيم مليشيا
"عصائب أهل الحق"، هما الأقرب إلى بعضهما داخل الإطار التنسيقي، بينما
حالة التحالف قائمة، بين تيار الحكومة بقيادة عمار الحكيم، وائتلاف النصير برئاسة
حيدر العبادي.