تمر
الدول العربية في مأزق كبير بسبب تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، وخطته من أجل قطاع
غزة وتهجير سكانه ونقلهم إلى دول عربية أعلنت رفضها السابق لهذا المخطط وأكدت أنه يمس بأمنها القومي.
وجاء في تقرير بصحيفة "الغارديان" البريطانية إن "الملك عبد الله ملك الأردن كان في موقف حرج في المكتب البيضاوي الأسبوع الماضي، عندما سألته الصحافة ودونالد ترامب عن خطة الأخير بشأن غزة.. فهو يريد إبقاء ترامب إلى جانبه وفي نفس الوقت عدم الموافقة على التطهير العرقي في غزة".
وأكد التقرير أنه "بعد ذلك مباشرة، قالت مصادر أمنية مصرية مجهولة - ليست أطرافا عرضة للتسريب دون توجيه استراتيجي من السيسي، وأنه لن يقبل دعوة لزيارة واشنطن طالما كانت خطة تهجير غزة على جدول الأعمال، وربما كان هذا أكثر لاستهلاك الجمهور المصري من مصلحة ترامب - فمصر ليست في وضع يسمح لها بجعل الإدارة الجديدة عدوا - لكنه مع ذلك يُظهر مدى صعوبة حصول ترامب على موافقة أقرب حلفاء
الولايات المتحدة".
وأوضح أن "السعودية أرجأت زيارة للولايات المتحدة بمجرد أن أعلن ترامب عن نواياه بشأن غزة.. وفي تغيير ملحوظ في النبرة، فقدت السعودية، التي كانت قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 في طريقها إلى التطبيع مع إسرائيل وليست دولة عادة ما تدلي بتصريحات حادة، صبرها، عندما قال بنيامين نتنياهو ساخرا إنه ربما ترغب الرياض في استيعاب الفلسطينيين من غزة فلديهم الكثير من الأراضي، أطلقت وسائل الإعلام الرسمية السعودية عاصفة من الشتائم ضده".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف التقرير أنه "عندما أعلن ترامب عن خطته، أصدرت السلطات السعودية على الفور بيانا يرفضها، وكانت الحكومة حريصة جدا على الإشارة إلى هذا الرفض لدرجة أنها أصدرت البيان في الساعة الرابعة صباحا بالتوقيت المحلي".
وأكد أن "القادة يحاولون جاهدين معايرة ردودهم في قمة طارئة عقدت على عجل يوم الخميس في السعودية. ولكنهم سيجدون صعوبة في القيام بذلك دون الوقوع في مأزق مع ترامب، أو أعضاء الجمهور العربي أو الرأي العام العالمي بشأن عدم شرعية الخطة".
وقال سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة عندما سُئل عما إذا كانت حكومته قادرة على إيجاد "أرضية مشتركة" مع ترامب بشأن غزة: "النهج الحالي سيكون صعبا"، وذلك ربما كان ليتمكن من الإفلات من ذلك. ولكن ربما شعر أن الأمر كان قويا بعض الشيء، فاستمر في القول: "نحن جميعا في مجال البحث عن الحلول" ولا "أرى في الحقيقة بديلا لما يتم اقتراحه".
وأكد التقرير أن "المقطع بدأ على الفور في الانتشار على وسائل التواصل الاجتماعي كدليل على تأييد الإمارات للتطهير العرقي، ومن الواضح أنه لا يوجد إجماع على نهج ترامب في غزة، أو حتى كيفية الرد عليه، بين البلدان التي تشكل كتلة سياسية ولكن لديها مصالح متباينة".
والأحد، بدأ ماركو روبيو رحلة إلى "إسرائيل" والشرق الأوسط، والمحادثات التي كان البعض يتجنبها على أرض ترامب يجب أن تتم هناك، والحاجة إلى التوصل إلى خط واستراتيجية مشتركة نيابة عن الدول العربية أصبحت ملحة الآن.
وأضاف أن "المهمة تتلخص في إيجاد حل وسط: فالتملق لترامب ورفض خطته بشأن غزة أمران لا يمكن التوفيق بينهما، وفي كل مرة يتفاعل فيها رئيس دولة واحد مع ترامب أو يُسأل عن غزة، هناك خطر التعليق الذي قد يؤجج المشاعر أو يثير غضب الإمبراطور الأمريكي. ويبدو أن القمة العربية أصبحت بعيدة للغاية في حين يحمل كل يوم مناورة أو تهديدات أخرى من جانب ترامب بإنهاء وقف إطلاق النار في غزة".
وقال إن "هذا التدافع هو جزء من مشكلة أكبر. فالدول العربية غير قادرة على الاتفاق على موقف بشأن فلسطين. فقبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، نجحت بعض الدول العربية في تأمين اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، وكانت جارية مع دول أخرى، وكانت الدولة الفلسطينية احتمالا معقولا ظاهريا يخضع لأسئلة فنية، على الرغم من أن الجميع في الواقع كانوا يعلمون أنها أصبحت بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى. لكن الحرب قتلت هذا الاحتمال، ودفنه ترامب".
ومع ارتفاع المخاطر إلى هذا الحد، فمن المستحيل على الدول العربية أن تتعاون مع "إسرائيل" والولايات المتحدة بشأن غزة وفلسطين بطريقة أو بأخرى دون التراجع عن شيء كبير، والمشهد السياسي متوازن بشكل دقيق.
وأوضح تقرير الصحيفة أن "مصر والأردن هما الطرفان الأكثر أهمية عندما يتعلق الأمر بأي نزوح للفلسطينيين من غزة بسبب قربهما، وسوف يتأثران أكثر من أي حملة لإعادة التوطين. كما أنهما من كبار المتلقين للمساعدات الخارجية الأمريكية مع اقتصادات ضعيفة وحكومات ذات تفويضات غير مستقرة. إن هذه المدفوعات والمساعدات العسكرية هي في جزء منها مكافأة لهذه الدول على كونها أطرافا "مستقرة" في المنطقة، وتعمل كحواجز بين إسرائيل وإيران وحماس وجميع الوكلاء، وتستوعب اللاجئين وتسهل حركة الأصول العسكرية الأمريكية عبر المنطقة. إن فقدان المساعدات الأمريكية لا يضعف اقتصادات هذه الدول فحسب، بل وأيضا جيوشها وأجهزتها الأمنية وقدرتها على الحفاظ على الرعاية والقمع اللازمين لاستقرار السياسة".
وبين: "لكن هناك حسابات أخرى. إن الموافقة على خطة تتضمن طرد الفلسطينيين في جوهرها تحول جميع الدول المستقبلة والميسرة إلى أطراف في ما سيكون ببساطة صراعا أوسع نطاقا ومختلفا بين إسرائيل وفلسطين. وبدلا من أن يكون إبعاد الفلسطينيين من غزة نهاية لشيء ما، فإنه سيكون بداية لشيء آخر، مع رعب النزوح الجماعي على القمة".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف: "أمر لا يمكن فهمه ليس فقط من حيث القسوة والإجرام، ولكن أيضا من حيث التطبيق العملي: بالفعل، 35 بالمئة من سكان الأردن لاجئون. كما أن هناك الملايين من الناس يعيشون في هذه البلدان ــ وربما لا يكون لهم رأي في كيفية إدارة سياستهم، ولكن لديهم رأي. وقد تم إدارة هذا الرأي تاريخيا ولكن لم يتم محوه بأي حال من الأحوال. وليس من الآمن أن نفترض أن التهجير الجماعي للفلسطينيين لن يؤدي إلى انفجار شيء ما، سواء من حيث الخلاف الشعبي، أو استغلاله من قبل اللاعبين السياسيين المتنافسين أو حتى المتطرفين".
وأوضح: "تُرغَم الحكومات العربية على مواجهة وتسوية مسألة تمس روح المنطقة المعاصرة ــ ماذا تعني الهوية العربية بعد الآن؟ هل هي مجرد مجموعة من البلدان التي تتحدث نفس اللغة وتتقاسم الحدود، ولكن مع أنظمة ونخب أصبحت متشابكة للغاية مع الغرب بحيث لا يمكن أن تكون قابلة للاستمرار بشروطها الخاصة؟ أم أن هناك بعض الشعور المتبقي بالقدرة على التصرف في تلك الأنظمة، وبعض صدى النزاهة السياسية والواجب تجاه العرب الآخرين".
وقال: "لكن إلى جانب الجانب الوجودي، إليكم ما ينبغي للقادة العرب أن يتعلموه من أوامر ترامب لهم بشأن أراضيهم وشعوبهم: إن ثمن الوضع الراهن الذي استقرت فيه الولايات المتحدة أصبح الآن مرتفعا للغاية لدرجة أنه أصبح أقل منطقية على أساس عملي. إن الخضوع لترامب يعني قبول وضع التبعية الكاملة واستدعاء تحديات محلية جديدة، وكل هذا من أجل محسن غير موثوق به. إن تحديه يستلزم إعادة تشكيل كاملة للسياسة في المنطقة قد تبدو هائلة للغاية بحيث لا يمكن التفكير فيها".
وختم بالقول: "تجد النخب السياسية العربية نفسها في هذا الموقف المهين بسبب ضعفها التاريخي بشأن فلسطين: إنه تعبير مركّز عن ضعفها واستيلائها ومصالحها الذاتية قصيرة النظر. لم يعد مستقبل غزة قضية يمكن التعامل معها بمهارة مع حفظ ماء الوجه إلى أجل غير مسمى. إن
خطة ترامب هي بوابة للتآكل النهائي لسلامة وسيادة الشرق الأوسط الأوسع".