ملفات وتقارير

ما هي وحدة "نيلي" التي تأسست بعد 7 أكتوبر؟.. "تفاخرت بإنجازات كاذبة"

شهدت عمليات تسلم الأسرى الإسرائيليين ظهورا واسعا لقيادة وعناصر كتائب القسام من وحدات "النخبة" و"الظل" وغيرها- الإعلام العسكري
شهدت عمليات تسلم الأسرى الإسرائيليين ظهورا واسعا لقيادة وعناصر كتائب القسام من وحدات "النخبة" و"الظل" وغيرها- الإعلام العسكري
بعد انطلاق عملية طوفان الأقصى، عمل جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" على تشكيل وحدة "حباك نيلي"، بهدف اغتيال جميع عناصر المقاومة الفلسطينية الذين شاركوا في عملية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

ورغم الضجة التي أثيرت حول الوحدة منذ بدء حرب الإبادة، إلا أنها لم تفشل فقط في القضاء على العديد من أبرز قيادات وعناصر المقاومة، بل إنها نسبت لنفسها "إنجازات" غير حقيقية تكشفت خلال الأيام التالية من التوصل إلى اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.

أصل التسمية 
يتكون اسم الوحدة بالعبرية من كلمتين، ولكل جزء منها معنى محدّد، فكلمة "حباك" هي اختصار لعبارة "غرفة القيادة المتقدّمة"، وهي تسمية تعود لحرب السادس من تشرين الأول/ أكتوبر 1973، أما "نيلي" فهي اختصار لما ورد في التوراة "نصر إسرائيل لا يكذب" ضمن "سفر صموئيل".

وفي أعقاب حرب 1973 والإخفاق الاستخباراتي الذي تسبّب بالفشل العسكري الكبير في تلك الحرب، وفي أعقاب توصيات "لجنة أغرانات" التي حقّقت في هذا "القصور" والتي كان من أهمها إعادة صياغة وتعريف العلاقة من جديد بين المستويين العسكري والأمني والمستوى السياسي.

وفي ذلك الوقت تم إنشاء ما يُعرف بـالـ "حباك" لأول مرة وبصلاحيات واسعة في اتخاذ القرار وفقا لمعطيات الميدان ودون العودة إلى القيادة العليا سواء السياسية أو العسكرية والأمنية، للحصول على موافقة قرارات عسكرية، بحسب ما ذكر "المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية - مدار".

 وهذه الصلاحيات منحت الوحدة سلطة مختلفة عن القوى الأخرى العاملة في الميدان، كما أن تسمية "نيلي" ترجع أيضا إلى منظمة التجسّس اليهودية التي أُقيمت خلال الحرب العالمية الأولى في فلسطين، والتي كانت مهمتها التجسّس على الدولة العثمانية لصالح القوات البريطانية من أجل الحصول على مكاسب سياسية لليهود، إلى جانب تهريب الأموال لصالح اقتصاد المستوطنات والتي بدأت في التكون.

وقال موقع "والا": إنه "ليس من قبيل الصدفة أن يحمل الاسم المركّب لهذه الوحدة هذه الدلالات، فالهدف منها واضح: جمع المعلومات الاستخباراتية عن كل المشاركين في هجوم السابع من أكتوبر، ومن ثم القيام بتصفيتهم واغتيالهم فرداً فرداً- بعد أن حصلت بشكل ضمني على تفويضٍ كامل- بدون الحاجة للعودة إلى المستويات القيادية".


وأضاف الموقع أن للوحدة طاقما قياديا متقدّما، ويعمل بشكل منفرد عن بقية الوحدات في "الشاباك" لتنفيذ المهام الموكلة إليها، ودون الالتزام بإطار زمني محدد.

فشل متكرر
رغم المشاهد الواسعة لتواجد عناصر وقيادة كتائب القسام وظهور العديد من عناصر وحدات "النخبة" و"الظل" وغيرها، التي تكشفت خلال عمليات الإفراج عن الأسرى، ورغم أن الاحتلال أعلن مرارا القضاء عليها، إلا أن فشل الوحدة الجديدة تمثل بإعلانها بيانات كاذبة أو غير دقيقة.


وأقر جيش الاحتلال الإسرائيلي، السبت، بفشله في اغتيال قائد كتيبة الشاطئ التابعة لكتائب القسام هيثم الحواجري الذي كان أعلن أنه اغتاله في كانون الأول/ ديسمبر 2023.


جاء ذلك في بيان للمتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" و"القناة 12" الإسرائيلية الخاصة.

وقال هاغاري إنه في 3 كانون الأول/ ديسمبر 2023، تعرض هيثم الحواجري، قائد كتيبة الشاطئ التابعة لحركة حماس، لهجوم.

و"بعد الهجوم، قرر جهاز الأمن العام (الشاباك) والجيش الإسرائيلي بدرجة عالية من الاحتمال أنه تم القضاء عليه، وأصدر الجيش الإسرائيلي بيانا حول الموضوع"، وفق هاغاري.

وأضاف: "يظهر الفحص الإضافي أن الدليل الاستخباراتي الذي اعتمد عليه الشاباك والمخابرات العسكرية والقيادة الجنوبية كان غير صحيح"، مشيرا إلى أن الحواجري لم يتم القضاء عليه في الهجوم.

والسبت، ظهر الحواجري، وهو يسلم الأسير الإسرائيلي كيث سيغال إلى الصليب الأحمر، رغم أن "إسرائيل" كانت قد أعلنت سابقا عن اغتياله.

وفي 22 كانون الثاني/ يناير الماضي ظهر حسين فياض، وهو قائد كتيبة بيت حانون في كتائب القسام في مقطع فيديو بعد 8 أشهر من إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي اغتياله في شمال قطاع غزة.


وتضمّن الفيديو لقطات لفياض خلال لقائه مع مواطنين بقطاع غزة، وسط مشاهد الدمار الذي خلّفته الإبادة الإسرائيلية في القطاع.

وتحدث القيادي عن الحرب، مشيرا إلى الخسائر التي تكبدها الجيش الإسرائيلي وفشله في هزيمة غزة، مؤكدا أن الاحتلال لم يحقق أهدافه التي أعلنها، ما يظهر فشله الاستراتيجي.

وفي أيار/ مايو الماضي ادعى جيش الاحتلال أنه تمكن من اغتيال فياض بمخيم جباليا شمال قطاع غزة، وأوضح في حينه أن "فياض كان مسؤولا عن الكثير من عمليات إطلاق القذائف المضادة للدروع نحو إسرائيل خلال الحرب وعن الكثير من عمليات إطلاق قذائف الهاون نحو بلدات شمال غلاف غزة".

وفي أيلول/ سبتمبر 2024، أعلن متحدث باسم جيش الاحتلال نجاح جهاز "الشاباك" في عملية مشتركة مع الجيش في التوصل لمحمود حمدان الذي يقود كتيبة تل السلطان في كتائب القسام ومعه قيادة الكتيبة وتصفيتهم.


واحتفى الاحتلال بهذا المنجز، معتبرا أن اغتيال حمدان ورفاقه هو ضربة لعمل الكتيبة بشكل كامل، لكن حركة حماس التي ينتمي إليها حمدان لم تعلق على ادعاءات جيش الاحتلال في حينه.

وبعد ذلك بشهر تقريبا، أصدرت حماس بيانا تنعى فيه حمدان الذي أكدت أنه استشهد برفقة رئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار في معركته الأخيرة في حي تل السلطان في رفح.

وعددت الحركة حينها مناقبه في الجناح العسكري للحركة كتائب القسام أي أنه لم يستشهد قبل أكثر من شهر كما ادعى جيش الاحتلال.

وفي وقت سابق ظهر أحد أبرز أعضاء المجلس العسكري العام لكتائب القسام وقائد لواء غزة عز الدين الحداد في برنامج "ما خفي أعظم" في إشارة إلى فشل الاحتلال في اغتياله طيلة الحرب التي امتدت 15 شهرا.


عرف عن الحداد وكنيته "أبو صهيب"، أنه كان يشغل منصب قائد لواء مدينة غزة قبل انطلاق الحرب الحالية، وهو عضو بارز في المجلس العسكري المُصَغَّر لكتائب القسام، ويعتبر أحد الشخصيات المركزية في حركة حماس بشكل عام. 

وتعمل تحت قيادة "الشبح" ست كتائب على الأقل، ومن ضمنها كتيبة النخبة المسؤولة عن الاقتحام الأول للمستوطنات المحيطة بقطاع غزة صباح 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وسبق أن نجا من عدة محاولات اغتيال، بما في ذلك واحدة خلال شهور حرب الإبادة الأولى.

وخلال خدمته، عمل الحداد كحلقة وصل مهمة بين مختلف قادة "حماس"، وشارك في تخطيط وتنفيذ العديد من العمليات العسكرية، ونشأ "من الأسفل" في لواء غزة وشغل منصب قائد سرية وقائد كتيبة، وأخيرا تم تعيينه قائدا للواء.

وعلى مدار 15 شهرا من الحرب والإبادة، كانت المنظومة الأمنية والسياسية للاحتلال تتحدث عن تفكيك كتائب الذراع العسكرية لحركة حماس البالغة 24 كتيبة، وتحولها من كتائب نظامية إلى مجموعات عشوائية تعمل بشكل منفرد وهو ما كذبته المراسم المتعلقة بعمليات تسليم الأسرى منذ اليوم الأول.

قديمة جديدة 
تعد وحدة "نيلي" جديدة من حيث التأسيس، إلّا أنها تعكس سياسة قديمة ومستمرّة وصفة ملازمة للعقلية الإسرائيلية في الانتقام و"إغلاق الحساب"، كما هو معروف في القاموس العسكري الإسرائيلي ضد كل فلسطيني أو عربي يُشارك في عمليات ضدّها.

وأكد مركز "مدار" أن هذه "سياسة تمأسست عبر المحطّات التاريخية المختلفة وأخذت أشكالا متعدّدة، كان أبرزها عملية "غضب الرب" التي أطلقتها رئيسة الحكومة الإسرائيلية غولدا مائير ضد منظمة أيلول الأسود في أعقاب عملية ميونيخ في العام  1972، والتي استمرّت لسنوات طويلة في كل أنحاء العالم وتضمنّت عمليات مطاردة واغتيال لعشرات من قيادات وأعضاء المنظمة والمشاركين في تلك العملية نفذها جهاز "الموساد" انتهت مطلع ثمانينيات القرن الماضي".

وأضاف المركز: "لا يُمكن فصل استحداث هذه الوحدة عن الجهد الإسرائيلي الدعائي (الهسبراه) الساعي للانفراد في رواية أحداث صبيحة السابع من أكتوبر؛ إذ أن عقلية الانتقام مدفوعة أيضا بسعي محموم لاحتكار "رواية" الهجوم للعالم الغربي تحديدا، بما يُمكّنها من الاستمرار في عملية نزع الشرعية والإنسانية عن الفلسطينيين لتبرير عمليات القتل والإبادة الجماعية في حربها على قطاع غزة، والتي يتم ارتكابها بحجّة الدفاع عن النفس في ظل شرعية وغطاء دولي واضح".
التعليقات (0)

خبر عاجل