تعتبر الأوساط
الإسرائيلية أن الهجوم الكبير لجيش
الاحتلال الإسرائيلي ضد
حزب الله اللبناني أدى إلى إضعاف قوة الحزب ليس فقط في لبنان وصولا إلى اتفاق وقف إطلاق النار الحالي، بل بإجباره على تقليص قواته في
سوريا.
وقال المستشرق الصهيوني والمحاضر ومدرّس اللغة العربية في جامعة حيفا يارون فريدمان: "نذكر أن حزب الله تلقى تعليمات من إيران قبل نحو عقد من الزمان لإرسال آلاف المقاتلين إلى سوريا للقتال إلى جانب جيش
الأسد، واستفادت إيران جيدًا من الحرب الأهلية في سوريا لإرسال عشرات الآلاف من المقاتلين، من خلال الميليشيات الشيعية من العراق ولبنان".
وأضاف فريدمان في مقال نشره عبر صحيفة "
معاريف" أن "التدخل العسكري المباشر للطيران الروسي في عام 2015، بمساندة البحرية الروسية، ساعد في قلب مجريات القتال لصالح الأسد، وتمكنت تحالفات روسيا، والميليشيات الموالية لإيران، وجيش النظام من استعادة السيطرة على نحو 70 بالمئة من الأراضي السورية".
وأوضح: "الآن بدأ الاستقرار الذي تحقق في سوريا على مدى ثماني سنوات في التزعزع، لماذا تراجع الدعم للأسد؟ تعرض جيش الأسد للتآكل الكبير خلال سنوات الحرب من 2012 إلى 2017، وأصبح الرئيس يعتمد تمامًا على الدعم الروسي من خلال القواعد الجوية والبحرية في منطقتي طرطوس واللاذقية ووجود الميليشيات الشيعية المنتشرة في أنحاء البلاد، بما في ذلك العاصمة دمشق".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار إلى أنه "منذ عام 2022 تراجعت مشاركة روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، والآن نتيجة الحرب في لبنان، تراجع دعم حزب الله لنظام الأسد، وهناك شك كبير حول ما إذا كانت الميليشيات الشيعية من العراق يمكنها ملء الفراغ في ظل ضعفها العسكري".
واعتبر أن "الأزمة الاقتصادية في سوريا تعكس تأثيرًا سلبيًا على معنويات جيش النظام، حيث أن رواتب جنوده بالكاد تكفي للعيش، تركز معظم اهتمامات الرئيس السوري في الشمال، حيث لا يزال هناك إقليم كامل (إدلب في شمال غرب سوريا) تحت سيطرة المعارضة منذ عشر سنوات، هذا الإقليم يقع تحت رعاية تركيا، وتشهد جبهته مع مناطق النظام حرب استنزاف مستمرة منذ أكثر من ثماني سنوات.. ويُحتمل أن إيران تتجنب حسم الأمور في المنطقة لتبرير استمرار وجودها في سوريا".
واعتبر أنه "من المهم أن نعرف أن أقوى فصيل معارض في إدلب هو "هيئة تحرير الشام" (جبهة تحرير سوريا)، وهو النسخة الحديثة من "جبهة النصرة"، وهي فرع لتنظيم القاعدة في سوريا، ويفرض هذا التنظيم إرهابًا داخليًا على جميع مناطق إدلب ويحظى بدعم من تركيا بالأسلحة والمال. ومن المحتمل أن المنظمات الإسلامية في المنطقة تتلقى أيضًا دعمًا من قطر".
وقال فريدمان إن "استغلال الحرب في لبنان خلال الحرب الأخيرة للجيش الإسرائيلي في لبنان، انتشرت العديد من مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر نشطاء معارضة في إدلب وهم يحتفلون ويشمتون بالضربات القاسية التي وجهها الجيش الإسرائيلي لحزب الله، وهذا ليس فرحًا لانتصارات إسرائيل، بل فرح لمصائب العدو الشيعي الذي دعم نظام الأسد وشارك في المجازر ضد المدنيين في سوريا قبل عشر سنوات".
وبين أن "الضربات الإسرائيلية لم تقتصر على لبنان فقط؛ فقد تم قصف أهداف لحزب الله أيضًا داخل سوريا، بهدف ضرب قواته خارج لبنان ولوقف إمدادات الأسلحة عبر الحدود، والهجوم في إدلب في الأسبوع الأخير من تشرين الثاني/ نوفمبر، استغل المعارضون في إدلب ضعف "محور المقاومة" الموالي لإيران، واخترقوا حدود إدلب جنوبًا نحو مدينة حلب - عاصمة شمال سوريا الاقتصادية".
وأضاف أن "المعارضة وحّدت فصائلها وأسست غرفة عمليات مشتركة، في الأسبوع الأخير، هاجمت هذه القوات القرى في أطراف شمال غرب حلب، ويبدو أنهم حفروا أيضًا أنفاقًا للتهريب، حيث انتشرت لقطات في مقاطع الفيديو تظهر مقاتلين يختبئون داخل الأنفاق بينما يحاول الطيران الروسي وقف تقدمهم عبر غارات جوية مكثفة".
في هجوم المعارضة الذي أُطلق عليه "ردع العدوان"، تم احتلال 32 قرية وبلدة في مسار إدلب - حلب، وتم إغلاق العديد من الطرق بما في ذلك الطريق 5M - الطريق الرئيسي إلى حلب، كما تم احتلال قاعدة قيادة فوج رقم 46 من جيش النظام السوري التي تحتوي على دبابات.
وفي مقطع فيديو نشر على الإنترنت، ظهرت العديد من الجثث الممزقة لجنود سوريين وأسرى خائفين، بينما وصلت المعارضة إلى بلدة المنصورة، على بعد حوالي 8 كم من مركز مدينة حلب.
وأجاب الكاتب على سؤال "من هم المتمردون أو المعارضة؟ بالقول: تتكون المعارضة في الغالب من متشددين سنيين من التيار السلفي الجهادي، هؤلاء المقاتلون يشبهون من حيث المظهر مقاتلي حماس مع لحى طويلة وأشرطة على الجبهة، هم مزودون بأسلحة خفيفة في معظمها، ولكن يبدو أنهم تلقوا تعزيزات من أسلحة مضادة للطائرات وصواريخ موجهة".
واتهم الكاتب تركيا بتزويد المعارضة بهذه الأسلحة، قائلا إنها "تسعى إلى مواصلة السيطرة التدريجية على شمال سوريا، في الفترة الأخيرة، كثفت القوات التركية هجماتها على الحكم الذاتي الكردي، ونذكر أن تركيا، مثل إيران، استغلت الحرب الأهلية السورية للسيطرة على مناطق واسعة من البلاد".
اظهار أخبار متعلقة
واعتبر أنه "قبل نحو عقد من الزمان، غزت تركيا شمال محافظة حلب، ثم توجهت إلى عفرين ومنطقة الحسكة في الشرق، واحتلت آلاف الكيلومترات تحت ذريعة إنشاء "حزام أمني" ضد "الإرهاب الكردي".
وأوضح أن آثار ذلك على "إسرائيل" تتركز بـ"تهديد المتمردين للسيطرة على مدينة حلب، التي تعد نقطة استراتيجية هامة، لا تزال فرص ذلك غير واضحة، ويبدو أن جيش الأسد والطيران الروسي سيبذلون قصارى جهدهم لمنع ذلك.. وسقوط حلب في يد المعارضة سيكون كارثة وتحولًا كبيرًا لصالح قوات المعارضة لأول مرة منذ 2017".
وحذر من أنه "إذا سقطت المدينة، ستتقسم سوريا إلى منطقتين تحت سيطرة مختلفة (سوريا - حلب وسوريا - دمشق)، وسيضعف النظام بشكل كبير، وقد يبعد أيضًا عودة المعارضة فرص إعادة إعمار سوريا، إذا شعرت دول الخليج أن البلاد تعود إلى حرب أهلية جديدة".
وأشار إلى أنه "رغم بعد الأسد عن كونه صديقًا لإسرائيل، إلا أنه العدو القديم والمألوف، إضافة إلى أن سوريا لم تشن حربًا ضد إسرائيل منذ أكثر من خمسين عامًا، ولم يقم بشار الأسد بأي عمل لصالح حماس أو حزب الله منذ بداية الحرب في غزة".
وختم أنه "من المهم أن نوضح طبيعة المعارضة السورية، فهي لا تتبنى الديمقراطية على الإطلاق، وسيطرة المتمردين، وخاصة المنظمات الجهادية المتطرفة، ليست بشرى جيدة للمنطقة، والأسد هو ديكتاتور وقاتل جماعي، ولكنه أيضًا عدو مرير للإسلام السياسي السني، في حالة سوريا، المثل القائل "عدو عدوي هو صديقي" غير صحيح على الإطلاق، بل على العكس، فإن المعارضة الإسلامية التي تسعى لتحويل سوريا إلى مركز جهاد عالمي هي عدو أخطر بكثير، الخيار الذي يبقى لسوريا تحت حكم الأسد برعاية روسية هو أقل الشرين بالنسبة لإسرائيل".