حقوق وحريات

"أدوات قمع عابرة للحدود".. تقرير يتهم "الإنتربول" بالتعاون مع النظام المصري

تعتبر الدول العربية الأكثر تعاونا مع مصر في تسليم المعارضين السياسيين إلى مصر- الأناضول
تعتبر الدول العربية الأكثر تعاونا مع مصر في تسليم المعارضين السياسيين إلى مصر- الأناضول
حذرت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، الثلاثاء، من المخاطر التي تهدد مئات المعارضين السياسيين المصريين الذين صدرت بحقهم أحكام غيابية بالسجن.

وأشارت المنظمة إلى أن الاتفاقيات الأمنية الثنائية، بالإضافة إلى التعاون مع الشرطة الدولية (الإنتربول)، تمثل خطرا كبيرا على هؤلاء المعارضين. 

ولفتت الشبكة إلى أن هذه الاتفاقيات قد تؤدي إلى ملاحقة المعارضين وتسليمهم، ما يعرضهم لانتهاكات حقوقية محتملة. ودعت إلى مراجعة هذه الترتيبات الأمنية لضمان حماية حقوق الأفراد وحرية التعبير.

توقيف طبيب بالمغرب
وأصدرت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، تقريرا بعنوان "أدوات قمع عابرة للحدود"، انتقدت فيه توقيف السلطات المغربية للطبيب المصري عبد الباسط الإمام، الذي يحمل الجنسية التركية، أثناء إنهاء إجراءات وصوله إلى مطار محمد الخامس في الدار البيضاء، في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري. 

وأعربت الشبكة عن قلقها البالغ إزاء المخاطر التي تواجه مئات المعارضين السياسيين المصريين، لا سيما أولئك الذين صدرت بحقهم أحكام غيابية في قضايا سياسية، واضطروا لمغادرة مصر بعد أحداث 3 تموز/ يوليو 2013. 

وأكد التقرير أن هذه الحوادث تعكس خطورة الاتفاقيات الأمنية الثنائية والدولية، التي قد تؤدي إلى ملاحقة وتسليم معارضين، مما يعرضهم لانتهاكات حقوقية جسيمة، داعيةً إلى احترام حقوق اللاجئين السياسيين وضمان حمايتهم.

اظهار أخبار متعلقة


وسلط تقرير الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، الضوء على قضية الطبيب المصري الذي صدر بحقه حكم غيابي بالسجن عام 2017 في قضية ذات طابع سياسي. ولا يزال الإمام الذي يحمل الجنسية التركية، رهن الاحتجاز في المغرب، حيث ينتظر قرار القضاء المغربي الذي سيحدد مصيره، إما بالترحيل إلى مصر بناءً على طلب السلطات المصرية، أو السماح له بالعودة إلى تركيا، حيث يقيم حاليًا. 

وأشارت الشبكة إلى أن تسليم المعارضين السياسيين ليس ظاهرة جديدة، وشهدت حالات مشابهة في الماضي، ولم تقتصر على الدول العربية فقط، بل سجلت في دول أخرى أيضًا. ودعت الشبكة إلى ضمان احترام حقوق الإنسان في قضايا التسليم، لا سيما المتعلقة بمعارضين سياسيين قد يواجهون مخاطر جسيمة حال إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية.

تسليم المعارضين إلى مصر
أفاد التقرير بأن دولا مثل الكويت، الإمارات، السعودية، البحرين، لبنان، الأردن، والسودان قامت بتسليم معارضين إلى مصر. وعلى النهج نفسه، اتخذت دول غير عربية مثل ماليزيا، تركيا، إسبانيا، والسويد إجراءات مماثلة، رغم التحقق من حالة الخطر المنصوص عليها في المادة سالفة الذكر وثبوتها بشكل قاطع في حالات سابقة مماثلة.

اظهار أخبار متعلقة


وأفاد التقرير بأن السلطات البحرينية رحلت رجل الأعمال السيد محمد محمود عاجز في آب/أغسطس 2023. ويقيم عاجز في البحرين بصفة شرعية منذ 2015، ويحمل الجنسيتين المصرية والتركية. ألقي القبض عليه في الثاني من نفس الشهر بناءً على مطالبة مصر بتسليمه على خلفية صدور أحكام ضده في قضايا ذات طابع سياسي.

وفي كانون الأول/ديسمبر 2001، رحّلت السويد المعارض السياسي المصري أحمد عجيزة إلى مصر. ورغم الضمانات بعدم تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحقه، إلا أنه تعرض للتعذيب وحُكم عليه بالسجن المؤبد لاحقًا. وفي حزيران/يونيو 2018، رحلت إسبانيا الداعية المصري علاء محمد سعيد محمد إلى مصر، رغم إقامته الشرعية في إسبانيا وعدم وجود أحكام ضده وقتها، ما أدى إلى اعتقاله فور وصوله إلى مصر.

وأشار التقرير إلى أن المعارضين المرحلين قسراً إلى مصر غالبًا ما يتعرضون للتعذيب والانتهاكات الجسيمة داخل السجون، خاصة أولئك الذين صدرت بحقهم أحكام غيابية بالسجن المؤبد أو الإعدام. وتعتمد السلطات المصرية في ملاحقة المعارضين السياسيين على آلية "النشرة الحمراء" التي تصدرها الشرطة الدولية (إنتربول) بناءً على طلب الدول الأعضاء، وتهدف هذه النشرة إلى توقيف المطلوبين المتهمين بجرائم خطيرة.

اظهار أخبار متعلقة


إعلاميون معارضون بالنشرة الحمراء
ذكر التقرير أن محكمة جنايات القاهرة أدرجت في كانون الأول/ديسمبر 2022 أسماء خمسة إعلاميين معارضين ضمن النشرة الحمراء، وهم عبد الله الشريف، ومحمد ناصر، وحمزة زوبع، ومعتز مطر، وسيد توكل، عقب صدور أحكام غيابية ضدهم بالسجن المؤبد في القضية رقم 26 لعام 2021 أمن دولة عليا.

كما رصد التقرير تعرض عدد من المعارضين السياسيين المصريين المقيمين في الخارج لخطر الاعتقال في السنوات الأخيرة بسبب استخدام السلطات المصرية نظام النشرات الحمراء الصادرة عن "الإنتربول".

وأكدت الشبكة أنه رغم أن النظام الأساسي الذي يحكم عمل "الإنتربول" يمنع استخدام أدواته لأغراض سياسية (المادة 3) ورغم التزام "الإنتربول" بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إلا أن العديد من الحكومات، بما فيها الحكومة المصرية، قد تستغل النظام لملاحقة معارضين خارج أراضيها.

ولفت التقرير إلى المخاطر القانونية المرتبطة بـ "الإنتربول"، مشيراً إلى اختلاف استجابة الدول لطلباته بناءً على قوانينها المحلية ومدى استقلالية نظامها القضائي.

اظهار أخبار متعلقة


نصائح لتجنب الإيقاف والترحيل
قدم التقرير نصائح قانونية وعملية لتجنب الإيقاف والترحيل، منها التحرك القانوني الاستباقي بطلب نسخة من ملف "الإنتربول" الشخصي، والطعن في النشرات الحمراء، وتقديم طلب لإلغاء النشرات الحمراء إلى لجنة الرقابة إذا كان الدافع وراءها سياسيا أو ينتهك المادة 3 من دستور "الإنتربول".

كما نصح التقرير باختيار بلد الإقامة بعناية، مفضلا الإقامة في دول تتمتع بأنظمة قانونية قوية ومستقلة، والحصول على حماية قانونية دولية من خلال وضع اللاجئ، والتقدم بطلب للحصول عليه فورا في البلد المضيف، إذ يوفر حماية من الترحيل القسري بموجب اتفاقية اللاجئين لعام 1951.

كما أوصى التقرير بتجنب السفر إلى دول خطرة معروفة بالتعاون الأمني مع مصر أو التي لديها أنظمة قانونية ضعيفة، والتحقق دائمًا من سياسات الدول تجاه "الإنتربول" قبل السفر.

وأكدت الشبكة أن الدول العربية تعد الأكثر تعاونا مع مصر في تسليم المطلوبين السياسيين، بسبب العلاقات الأمنية الوثيقة والاتفاقيات الثنائية أو الإقليمية مثل الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب.

اظهار أخبار متعلقة


السعودية والإمارات في المقدمة
وتأتي السعودية على رأس هذه الدول، حيث تُعتبر من أكثر الدول التي سلمت معارضين مصريين، خاصة العاملين أو المقيمين فيها، بالإضافة إلى الإمارات التي لديها سجل بتسليم معارضين سياسيين أو أفراد من جماعة الإخوان المسلمين للحكومة المصرية، وكذلك الأردن والكويت والبحرين.

وفيما يتعلق بالدول الأفريقية الأكثر تعاونا مع مصر في تسليم المطلوبين السياسيين، رصد التقرير حالات في السودان وإريتريا وليبيا، والدول الآسيوية مثل الصين وماليزيا وتركيا، والدول الأوروبية الشرقية مثل روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا.
التعليقات (0)