سياسة عربية

"هيومن رايتس": مقتل ثلاثة صحفيين لبنانيين بغارة إسرائيلية جريمة حرب

نُفذت الغارة في الصباح الباكر على منتجع "حاصبيا فيليج كلوب" في حاصبيا جنوب لبنان، حيث كان أكثر من 12 صحفيا يقيمون منذ أكثر من ثلاثة أسابيع. (هيومن رايتس ووتش)
نُفذت الغارة في الصباح الباكر على منتجع "حاصبيا فيليج كلوب" في حاصبيا جنوب لبنان، حيث كان أكثر من 12 صحفيا يقيمون منذ أكثر من ثلاثة أسابيع. (هيومن رايتس ووتش)
قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم، إن غارة شنتها إسرائيل على لبنان في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 أسفرت عن مقتل ثلاثة صحفيين وجرح أربعة آخرين،  شكّلت على الأرجح هجوما متعمدا ضد مدنيين وجريمة حرب واضحة.

ونُفذت الغارة في الصباح الباكر على منتجع "حاصبيا فيليج كلوب" في حاصبيا جنوب لبنان، حيث كان أكثر من 12 صحفيا يقيمون منذ أكثر من ثلاثة أسابيع.

وأكدت "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير لها اليوم نشرته في صفحتها على منصة "إكس"، أنها لم تجد أي دليل على وجود قوات عسكرية أو نشاطات قتالية أو عسكرية في المنطقة وقت الهجوم.

وتشير معلومات، تحققت منها "هيومن رايتس ووتش"، إلى أن الجيش الإسرائيلي كان يعلم، أو يُفترض أن يعلم، أن الصحفيين يقيمون في المنطقة وفي المبنى المستهدف. بعد إعلانه أن قواته قصفت مبنى "حيث يعمل إرهابيون"، قال الجيش الإسرائيلي بعد ساعات إن "الحادث قيد التحقيق".

وذكرت "هيومن رايتس ووتش" أنها التقت ثمانية أشخاص كانوا يقيمون في المنتجع أو في جواره، بينهم ثلاثة صحفيين مصابين ومالك المنتجع. وزارت "هيومن رايتس ووتش" أيضا الموقع في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني، وتحققت من ستة فيديوهات و22 صورة للغارة وآثارها، بالإضافة إلى صور الأقمار الصناعية.

وأكدت أنها لم تتلقّ أي رد على الرسائل الموجهة إلى الجيش الإسرائيلي في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني التي تضمنت نتائج التحقيق وأسئلة، وإلى الجيش اللبناني في 5 نوفمبر/تشرين الثاني التي تضمنت أسئلة.

وبحسب المقابلات وصور كاميرات المراقبة التي يظهر التوقيت عليها، شُنت الغارة على المبنى الذي يقيم فيه الصحفيون بُعيد الساعة الثالثة صباحا. وكان معظم الصحفيين نياما. قال زكريا فاضل (25 عاما)، وهو مساعد مصور في مؤسسة "إنترناشونال ستوديوز أوف ليبانون" (آيسول) التي تقدم خدمات البث الإذاعي والتلفزيوني في لبنان، إنه كان ينظف أسنانه عندما طار في الهواء جراء الانفجار.

سقطت قنبلة على المبنى المؤلف من طابق واحد، وانفجرت عند ارتطامها بالأرض. قتل الانفجار الصحفي والمصور التلفزيوني غسان نجار، ومهندس البث الفضائي محمد رضا، وكلاهما يعمل في قناة "الميادين"، ومصور قناة "المنار" التابعة لـ "حزب الله" وسام قاسم. "الميادين" قناة عربية تتخذ من لبنان مقرا وتؤيد حزب الله والحكومة السورية.

وتحققت "هيومن رايتس ووتش" من فيديوهات التُقطت بعد الغارة بدقائق، يظهر فيها المبنى المستهدف مدمَّرا بالكامل ومبانٍ متضررة في الجوار. وأوقعت الغارة جدارا في مبنى ملاصق، ما أدى إلى إصابة المصور التلفزيوني في آيسول حسن حطيط (48 عاما) إصابة خطيرة، وإلى تضرر مبنى صغير يبعد نحو 10 أمتار، وجرح صحفيون آخرون، بينهم المصور في قناة الجزيرة علي مرتضى (46 عاما).

وقال ريتشارد وير، وهو باحث أول في قسم الأزمات والنزاعات والأسلحة في "هيومن رايتس ووتش": "استخدام إسرائيل الأسلحة الأمريكية في هجوم غير قانوني وقتل الصحفيين بعيدا عن أي هدف عسكري هو وصمة عار للولايات المتحدة وإسرائيل على حد سواء. الغارات الإسرائيلية السابقة التي قتلت صحفيين بدون أي عواقب لا تبعث كثيرا على الأمل في محاسبة هذه الانتهاكات ضد الإعلام أو غيرها في المستقبل ".

ومنذ بدء الأعمال القتالية الحالية بين إسرائيل وحزب الله في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، هاجم الجيش الإسرائيلي صحفيين وقتلهم واستهدف قناة الميادين. في 23 أكتوبر/ تشرين الأول، أغار الجيش الإسرائيلي على مكتب تستخدمه الميادين في بيروت ودمره. كانت الميادين قد أخلت المبنى من الموظفين قبل الغارة.

وقالت "لجنة حماية الصحفيين" إن الغارات الإسرائيلية قتلت ستة صحفيين لبنانيين على الأقل بين 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و29 أكتوبر/ تشرين الأول 2024. ووجدت "هيومن رايتس ووتش" أن هجوم  13 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، الذي قتل مصور "رويترز" عصام عبد الله وجرح ستة صحفيين آخرين، كان جريمة حرب مفترضة. وفي 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، قتلت غارة إسرائيلية مراسلَيْن لبنانيَّيْن في الميادين، ربيع المعماري وفرح عمر، وسائقهما حسين عقيل، في طير حرفا جنوب لبنان.

وذكرت "هيومن رايتس ووتش" أنها وثّقت سابقا استخدام الجيش الإسرائيلي غير القانوني لأسلحة أمريكية الصنع في غارة في مارس/ آذار قتلت سبعة مسعفين في جنوب لبنان.

وقال البيان: "يحظر القانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب، الغارات على المدنيين والأهداف المدنية. يُعتبر الصحفيون مدنيين ويتمتعون بحماية ضد الغارات طالما أنهم لا يشاركون مباشرة في الأعمال العسكرية. لا يمكن استهداف الصحفيين بسبب عملهم الصحفي، حتى لو اعتبر الفريق المعادي أنهم منحازون ويُستخدمون للدعاية. عند شن أي هجوم، على الأطراف المتحاربة اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الأذى بالمدنيين والأضرار اللاحقة بالأعيان المدنية. هذا يشمل اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية للتحقق من أن الأهدافَ عسكريةٌ".

وأشارت إلى  أن "الأفراد الذين يرتكبون انتهاكات جسيمة لقانون الحرب بنيّة إجرامية ـ عمدا أو بتهور ـ يمكن مقاضاتهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب. يمكن اعتبار الأفراد مسؤولين جنائيا إذا ساعدوا في ارتكاب جرائم حرب أو سهّلوها أو حرّضوا عليها".

وأكدت أن "على لبنان أن يقبل فورا اختصاص المحكمة الجنائية الدولية من أجل تفويض مدعي عام المحكمة للتحقيق في الجرائم الدولية الجسيمة المرتكبة على أراضيه".

وأضافت: "على حلفاء إسرائيل الرئيسيين ـ الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، وألمانيا ـ تعليق الدعم العسكري وبيع الأسلحة لإسرائيل، نظرا إلى الخطر الفعلي في أنها ستُستخدم لارتكاب انتهاكات جسيمة. كما أن سياسات الولايات المتحدة تحظر نقل الأسلحة إلى دول "يُرجّح جدا" أنها ستستخدمها لخرق القانون الدولي".

وقال ريتشارد وير، وهو باحث أول في قسم الأزمات والنزاعات والأسلحة في "هيومن رايتس ووتش": "استخدام إسرائيل الأسلحة الأمريكية في هجوم غير قانوني وقتل الصحفيين بعيدا عن أي هدف عسكري هو وصمة عار للولايات المتحدة وإسرائيل على حد سواء. الغارات الإسرائيلية السابقة التي قتلت صحفيين بدون أي عواقب لا تبعث كثيرا على الأمل في محاسبة هذه الانتهاكات ضد الإعلام أو غيرها في المستقبل ".

وأضاف: "مع تزايد الأدلة على استخدام إسرائيل غير القانوني للأسلحة الأمريكية، في أفعال تشمل ارتكاب جرائم حرب مفترضة، فإن على المسؤولين الأمريكيين أن يقرروا ما إذا كانوا سيلتزمون بالقوانين الأمريكية والدولية عبر وقف عمليات بيع الأسلحة إلى إسرائيل، أو سيخاطرون باعتبارهم متواطئين بحكم القانون في ارتكاب انتهاكات جسيمة".
التعليقات (0)