تظل سعودية تظل
عاملا مؤثرا في الإدارة الأمريكية الجديدة عقب الانتخابات الرئاسية، خصوصا مع التطورات المتعلقة
بعلاقاتها مع الولايات المتحدة، حيث تأثرت
العلاقات بين الرياض وواشنطن بشكل ملحوظ
خلال السنوات الأخيرة بسبب الملفات الإقليمية.
ونشرت صحيفة
"
فايننشال تايمز" تقريرا، أشارت فيه إلى أن دول شرق أوسطية تتطلع لتخفيف دعم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد
ترامب لإسرائيل من خلال
علاقاته مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن دولا عربية تعول على
السعودية وعلاقاتها مع دونالد ترامب وثقلها السياسي في
المنطقة لكي تخفف من سياسات الرئيس المنتخب وسط مخاوف من سعيه لتنفيذ سياسة مؤيدة
لإسرائيل.
وبعد التوليفة
المؤيدة لإسرائيل التي أعلن عنها ترامب لإدارته القادمة، يخشى المسؤولون العرب من
دعم ترامب سياسات إسرائيل لضم الضفة الغربية واحتلال غزة وشن حرب ضد إيران.
وأشارت الصحيفة إلى أنهم يأملون في
أن تتمكن الرياض من تعديل سياسات الإدارة القادمة في المنطقة من خلال الاستفادة من
علاقة بن سلمان مع ترامب، وشهية الرئيس المنتخب للصفقات المالية ورغبته المتوقعة
في التوصل إلى "صفقة كبرى" من شأنها أن تقود إلى تطبيع العلاقات بين
السعودية وإسرائيل.
اظهار أخبار متعلقة
ونقلت الصحيفة
عن دبلوماسي عربي قوله: "اللاعب الرئيسي في المنطقة هي السعودية، بسبب
علاقاتها معه، ولهذا ستكون المحور الرئيسي لأي تحركات تريد الولايات المتحدة
القيام بها". وقال مسؤول عربي آخر إن الأمير محمد بن سلمان سيكون
"مفتاحا" رئيسيا للتأثير على سياسات ترامب لوقف الحرب الإسرائيلية في
غزة، وبشكل عام الموضوعات المتعلقة بفلسطين، حيث سيستخدم التطبيع المحتمل مع
إسرائيل كورقة نفوذ. وقال المسؤول: " قد تؤثر السعودية وبقوة على كيفية تعامل
ترامب مع غزة وفلسطين"، مضيفا أن "الكثير من دول المنطقة قلقة مما سيأتي
بعد". وفي ولاية ترامب الأولى، تبنت السعودية الأسلوب المعاملاتي لترامب
وسياسة "أقصى ضغط" من إيران.
كما ووقف ترامب
مع ولي العهد في قضية مقتل الصحافي السعودي، جمال خاشقجي في اسطنبول عام 2018.
وتفاخر ترامب بأنه سيحقق "الصفقة الكبرى" لحل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني،
لكن الجهود التي أشرف عليها صهره جاريد كوشنر فشلت لأن الفلسطينيين والدول العربية
رأوها متحيزة بالكامل لإسرائيل.
ولفتت الصحيفة إلى أن ترامب عاقب الفلسطينيين وأغلقت بعثتهم في واشنطن،
كما ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان
السورية المحتلة. وقام بالإشراف على اتفاقيات تطبيع مع دول عربية، عرفت باتفاقيات
إبراهيم، حيث أقامت دول مثل الإمارات العربية المتحدة والسودان والبحرين والمغرب
علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وفي مقابلة اجرتها معه قناة "العربية"
السعودية الشهر الماضي قال ترامب إن العلاقات الأمريكية السعودية هي
"عظيمة" وبحروف كبيرة. وقال "احترام كبير للملك واحترام كبير لمحمد
الذي عمل أمورا عظيمة فلديه رؤية".
اظهار أخبار متعلقة
وذكرت الصحيفة أنه بعد وصول جو
بايدن إلى البيت الأبيض، حافظت السعودية على علاقات مع ترامب من خلال هيئة
الاستثمار العامة التي يترأسها ولي العهد، الأمير محمد، واستثمرت ملياري دولار في
شركة لكوشنر. وكان ياسر الرميان، مدير الهيئة حاضرا في الصف الأول مع ترامب
لمشاهدة مباراة يو أف سي بنيويورك نهاية الأسبوع، كما واستقبلت ملاعب غولف التابعة
لترامب مناسبات عقدتها ليف غولف، التي تعتبر واحدة من أهم استثمارات هيئة الاستثمار
السعودية في الرياضة.
لكن السعودية
أعادت تعديل سياساتها الإقليمية ومنذ تولي بايدن السلطة. فقد استأنفت الرياض
علاقاتها الدبلوماسية مع طهران في 2023. وهي محاولة للتقارب مستمرة منذ هجمات حماس
على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
ومع أن النزاع
عطل خطة إدارة بايدن لدفع السعودية التطبيع مع إسرائيل، وتشمل على معاهدة دفاعية
إلا أن واشنطن لا تزال تتعامل مع السعودية، كحليف مهم وفي الجهود الإقليمية لتسوية
الأزمة. وقد شددت الرياض من انتقاداتها لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
وحكومته المتطرفة. وفي تشرين الأول/أكتوبر قال وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان
إن التطبيع مع إسرائيل "غير مطروح على الطاولة حتى يتم التوصل إلى حل لإقامة
دولة فلسطينية".
وانتهز ولي
العهد فرصة عقد قمة عربية- إسلامية في الرياض واتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية
في غزة، كما وشجب حربها في لبنان وضرباتها على إيران. وفسر الدبلوماسيون والمحللون
تصريحات ولي العهد بأنها رسالة لإسرائيل حول وحدة العالم الإسلامي في شجبه للهجمات
الإسرائيلية ودعمه للدولة الفلسطينية.
اظهار أخبار متعلقة
وأكدت الصحيفة أن الرياض شجبت ما
وصفته "التصريحات الإسرائيلية المتطرفة لفرض السيادة على الضفة الغربية".
ووعد ترامب أثناء حملته الانتخابية بتحقيق السلام في الشرق الأوسط ووقف الحرب. لكن
الكثير من المرشحين الذين اختارهم لتولي مناصب مهمة في إدارته يعتبرون من المؤيدين
المتحمسين لإسرائيل، مثل مايك هاكبي، المرشح لتولي السفير في إسرائيل وستيفن
ويتكوف، مبعوثه الخاص للشرق الأوسط.
لكن ترامب قال
إنه يريد توسيع اتفاقيات إبراهيم، وقال لقناة العربية إن "الإطار موجود، وكل
ما عليهم فعله هو إعادة إدراجه وهذا سيحدث بسرعة كبيرة". وأضاف: "إذا
فزت، فستكون أولوية مطلقة، فقط إحلال السلام في الشرق الأوسط للجميع. هذا سيحدث".
وبالتأكيد ستكون
السعودية مهمة في محاولات إعادة اتفاقيات إبراهيم، إلا أن ترامب لن ينجح بإقناعها
بدون الضغط على نتنياهو تقديم تنازلات للفلسطينيين بشأن الدولة الفلسطينية، وهو
أمر يرفضه نتنياهو بالمطلق.
وأضافت الصحيفة أن دبلوماسي
عربي ثاني قال إن هذا يعني أن "ترامب ليس في حاجة إلى أي لاعب آخر في الشرق
الأوسط الآن أكثر من السعودية"، مضيفا "ترامب هو شخص يحب أن تقدم له
صفقات جاهزة ينسبها لنفسه"، ولو قدم له محمد بن سلمان "صفقة، فهناك
احتمال، وربما كان الاحتمال الوحيد".
ويأمل
المسؤولون العرب أن يكون من الصعب على ترامب تهميش الفلسطينيين في ظل مستوى الغضب
الناجم عن الدمار في غزة الذي أعاد قضيتهم إلى قمة الأجندة الإقليمية. ويشعر
القادة بالقلق إزاء الصراع الذي قد يؤدي إلى تطرف شرائح من سكانهم، وبخاصة بين
الشباب ومنهم الشباب السعودي.
وقال الدبلوماسي
العربي: "يحتاج ترامب لوقف الحرب في غزة، ولكي يحدث هذا، فهو بحاجة لمعالجة
اليوم التالي" للحرب. و "هو بحاجة للتركيز على مسار فلسطيني وإلا فلن
ينجح العنصر الإقليمي. وكانت السعودية واضحة أنه بدون دولة فلسطينية فالتطبيع ليس
خيارا".
اظهار أخبار متعلقة
وقالت الصحيفة
إن هذا يمنح ولي العهد السعودي فرصة لتقديم نفسه وبلاده كقيادة للمنطقة، لكن هذا
الدور يأتي بمخاطر في ظل عدم القدرة على التكهن بتصرفات ترامب ورفض نتنياهو الدولة
الفلسطينية.
ويقول إميل
الحكيم من المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية: "لقد نجح السعوديون في
المناورة بشكل جيد من خلال تقديم أنفسهم ليس باعتبارهم الزعيم، بل باعتبارهم
مهندسي الإجماع العربي والإسلامي، وبذلك ينشرون المسؤولية. والسؤال هو: هل
يستطيعون تحمل الضغوط والتعامل مع الكشف؟ هل يستطيعون التعامل مع الفشل
المحتمل؟".
وقال الدبلوماسي
العربي الثاني، حسب التقرير، إن الأمير محمد وجد "كلمة السر" لدور القيادة في الشرق الأوسط،
فـ "القضية الوحيدة التي توحد العالم العربي هي القضية الفلسطينية. والسؤال
هو إلى أي مدى تستطيع السعودية الاستثمار في هذا الأمر... وإلى أي مدى سيتمكن
نتنياهو من نسفه".