سلطت عدد من الصحف الإسرائيلية، الضوء على مسار
التطبيع العربي، وخاصة السعودي، بعد فوز دونالد
ترامب في الانتخابات الرئاسية
الأمريكية، مؤكدة أن الأشهر المقبلة ستكون حاسمة لمستقبل المنطقة، ولتشكيل
العلاقات الإسرائيلية مع الفلسطينيين.
وقالت صحيفة "
معاريف" العبرية؛ إن
"محمد بن سلمان يعد الآن الزعيم الأكثر استقرارا في الشرق الأوسط، ما يمنحه
حرية التصرف في الشأن الفلسطيني كما يشاء، حتى لو أراد أن يغز خنجرا في
ظهورهم"، متسائلة: "لماذا يقدم هدايا مجانية لإسرائيل، كما فعلت
الإمارات والبحرين، إذا كان بإمكان أن يفرض عليهم ثمنا بمساعدة الرئيس الأمريكي
الجديد؟".
وأضافت الصحيفة في مقال للكاتب جاكي خوجي، أن "ابن
سلمان هو الرابح الأكبر من فوز ترامب"، مشيرة إلى أن "ملوك
السعودية
يتفاخرون بلقب خادم الحرمين الشريفين، فكيف يمكن لابن سلمان التباهي بهذا اللقب، إذا تخلى عن الحرم الثالث (المسجد الأقصى) وتركه بيد الإسرائيليين؟".
وتابعت: "صحيح أن السعودية تدعم كل مبادرة
تُضعف المعسكر الإيراني، بما في ذلك الحروب التي تخوضها إسرائيل في غزة ولبنان،
وقد شجعت إسرائيل من المدرجات، ولكن ما علاقة ذلك بتقديم تنازلات في الشأن
الفلسطيني؟".
إظهار أخبار متعلقة
وذكرت الصحيفة أن "ولي العهد السعودي سعى إلى
التأكيد في خطابه أن فلسطين ليست قضية هامشية، ولن يتم حلها بلمسة يد (..)"،
مشددة على أن "الأشهر المقبلة ستكون حاسمة لمستقبل المنطقة، وأيضا لتشكيل
علاقاتنا المستقبلية مع الفلسطينيين. وتركز هذه الأشهر على قرارين مهمين من إدارة
ترامب، اللذين يشكلان في الحقيقة قرارا واحدا. ما الذي يعتزم فعله في الشأن
الفلسطيني؟ ومن سيقربه إلى قلبه أكثر - الحكومة الإسرائيلية أم العائلة المالكة
السعودية؟ ففي أي تطور قد يحدث على هذا الصعيد، قد تؤدي الرياض دورا محوريّا".
إخماد النيران
وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة "
يديعوت
أحرونوت" أن ترامب يعلم أنه لكي يصلح أمريكا، يحتاج إلى إخماد النيران في
الشرق الأوسط، ولكي يتمكن من جذب السعودية إلى طاولة الحوار، عليه رسم معالم
الدولة الفلسطينية وبدء إنشائها، وهذا لا يتوافق مع تعييناته الأخيرة.
وأشارت الصحيفة في مقال لرئيسة مكتبها في واشنطن أورلي
أزولاي، إلى أن ترامب اختار السعودية كأول زيارة خارجية في فترته الرئاسية الأولى،
ولم تكن الزيارة مجرد تحرك استراتيجي، بل كانت أيضا مغامرة خيالية.
ولفتت إلى أن "ترامب لم ينجح في إحراز اتفاق
بين إسرائيل والسعودية كان يمكن أن يكون تاريخيّا، ولم يحقق "صفقة
القرن" لإنهاء الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، لكن الآن تتاح له فرصة ثانية
(..)، في خطابه بعد الفوز، أعلن أن هدفه إنهاء الحروب لا البدء فيها، وأن هدفه
المركزي في السياسة الخارجية هو إكمال ما بدأه".
إظهار أخبار متعلقة
وتابعت: "المشكلة أن مياها كثيرة جرت في أنهار
الشرق الأوسط خلال السنوات الأربع التي قضاها ترامب غاضبا في مار-إيه-لاغو، وقد
اجتاح المنطقة شلال من الدم والعداء. ولكي يتمكن ترامب من إيقاف الحروب الآن،
يحتاج إلى فتح قنوات اتصال مع مركزين مهمين: طهران أولا، ثم الرياض".
وأوضحت أن "تصريحات
ابن سلمان الأخيرة لم تفاجئ
محيط ترامب القريب، حيث يعرفون أن لكل شخص دورا في هذه المسرحية، وأن طموح ولي
العهد السعودي هو أن يصبح الزعيم الكبير للعالم العربي، لذلك، دعا مؤخرا إلى إنهاء
الحروب في غزة ولبنان وإقامة دولة فلسطينية وحماية سيادة إيران وأماكن أخرى من
الهجمات الإسرائيلية".
السعودية جسر نحو إيران
واستكملت قائلة: "بهذه الطريقة، وضع ابن سلمان
نفسه في المشهد كعقدة صعبة الحل، وأجبر ترامب على الاقتراب منه أكثر. إلا أن
الرئيس الأمريكي الجديد-القديم يمكنه أن يستفيد من ذلك، حيث قد تكون السعودية
بمنزلة جسر نحو إيران بالنسبة له. ولهذا، ليس من قبيل الصدفة أن إيران ألمحت مؤخرا
إلى أنها تؤجل ردها العسكري ضد إسرائيل لإتاحة فرصة للحوار مع ترامب، حيث يبدو
أنها أيضا مرتبكة من التغيير في واشنطن"، وفق قول الصحيفة الإسرائيلية.
ونوهت "يديعوت" إلى أن "ترامب عيّن
صديقه رجل الأعمال اليهودي ستيفن ويتكوف مبعوثا له إلى الشرق الأوسط، ومهمته
الأساسية تهدئة ابن سلمان للحديث مجددا عن التطبيع بين الرياض وتل أبيب"،
مشيرة في الوقت ذاته إلى تعيين مايك هاكابي سفيرا أمريكيا في تل أبيب، الذي أبدى
دعمه لضم الضفة الغربية لإسرائيل.
وأكدت الصحيفة أن "ترامب يعرف أن عليه إصلاح
أمريكا كما وعد، وعليه إخماد النيران في الشرق الأوسط، لكن لجذب السعودية إلى الطاولة،
يجب أن يرسم ملامح الدولة الفلسطينية ويبدأ في إنشائها. وهذا لا يتماشى مع مبعوث
الضم هاكابي".
ورأت أن "ترامب ملتزم باستراتيجيته في الحكم من
خلال الفوضى. هو يرغب في إنهاء الحروب وعدم بدء حروب جديدة، لكن من غير المؤكد أن
سلسلة تعييناته السياسية ستتيح له ذلك. يريد إحضار اتفاقيات سلام إلى الشرق
الأوسط، لكن في الوقت الحالي يبدو أن الاتجاه هو نحو الفوضى".
إظهار أخبار متعلقة
من جانبها، قالت صحيفة "
هآرتس" العبرية في
مقال للكاتبين يئير غولان وتشيك فرايلخ؛ إن "عودة ترامب لا تبشر بالخير حتى
لليمين"، مضيفة أن "هذه أيام حزينة وخطيرة للمجتمع الدولي وللولايات
المتحدة ولإسرائيل؛ لأن ترامب شخص متقلب ويرغب في الانتقام، ولا نعرف أي شخص سنلتقي
في هذه المرة".
وتابعت الصحيفة: "خلافا للرأي السائد، لا أحد يتوقع
أن تكون فترة ذهبية لإسرائيل مع ترامب"، مؤكدة أن "ترامب غاضب من يهود
أمريكا، الذين لم يعترفوا بجميله وقاموا بالتصويت للحزب الديمقراطي، ويحقد الآن
على نتنياهو؛ لأنه تجرأ على تهنئة بايدن عام 2020".
ولفتت إلى أنه في الولاية الأولى، قام ترامب بأمور
مهمة من أجل إسرائيل، من بين ذلك الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، والسيادة
الإسرائيلية على هضبة الجولان، إلى جانب اتفاقيات التطبيع مع عدد من الدول
العربية.
ونوهت إلى أن ترامب والحزب الجمهوري يتحفظون على
المساعدات الخارجية، لا سيما دون مقابل مناسب، مضيفة أن "إسرائيل تعد في
الحقيقة استثناء بموضوع المساعدات، لكن الافتراض بأن استمرارها وزيادتها أمر مضمون
لم يعد مؤكدا".
خطة ضم الضفة
وتابعت: "بسياسة ترامب، فإن هذه المساعدات سيتم
تقليصها (..)، ومسألة حاسمة هي هل سيستمر التعاون الاستراتيجي الذي وجد مع بايدن،
بما في ذلك القتال المشترك ضد الهجمات الإيرانية"، معتقدة أنه "من
المؤكد أن ترامب سيظهر عدم الاهتمام بالشرق الأوسط والقضية الفلسطينية".
وتوقعت الصحيفة عدم استخدام ترامب للضغط على تل أبيب
فيما يتعلق بالمستوطنات، إلى جانب عدم معارضته لخطة الضم الفعلي للضفة الغربية، مبينة
أن "ترامب سيميل أيضا وسيعود لفرض قيود على العلاقات بين الولايات المتحدة
والفلسطينيين، بما في ذلك تقليص المساعدات وإغلاق الأونروا".
وتابعت الصحيفة الإسرائيلية توقعاتها: "ترامب
سيظهر التشكك حول عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، ونضوج الفلسطينيين لدولة
مستقلة، الأمر الذي يعد جنة عدن بالنسبة لليمين في إسرائيل"، على حدّ وصفها.
وذكرت أنه "من المتوقع أن يعمل ترامب بقوة على
إنهاء القتال في غزة ولبنان، دون الاهتمام الزائد بمصالح إسرائيل من أجل إعادة
الاستقرار للمنطقة، وتقليص خطر الانجرار إلى مستنقع الشرق الأوسط. إذا قدر ترامب
أنه توجد فرصة لإنجاز شخصي باعتباره الوحيد، فهو يمكن أن يعود لصفقة القرن".
وشددت على أن هذا المقترح أيضا سيضعه في مواجهة مع
الحكومة الإسرائيلية اليمينية، لاعتماده على "حل الدولتين"، مشيرة إلى
أن "السعودية في المقابل يمكن أن تعد ذلك استجابة كافية لطلب إقامة الدولة
الفلسطينية مقابل التطبيع، وترامب سيستخدم الضغط من أجل الموافقة على الصفقة التي
يعدها إنجازا كبيرا".