رصدت محافل
إسرائيلية منذ أشهر ما تقول إنه التزام إندونيسيا المخلص تجاه القضية
الفلسطينية باعتباره أحد ركائز سياستها الخارجية، بما في ذلك الموقف الثابت
المتمثل في أنه لن يتم إنشاء علاقات دبلوماسية مع
الاحتلال قبل إنشاء دولة
فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس.
وتتوافق هذه السياسة مع التماهي العاطفي القوي
بين الأغلبية المسلمة في إندونيسيا مع الكفاح الفلسطيني ورؤيته من
خلال منظور التضامن الإسلامي، ما يمنح مشروعية لـ"النغمات المعادية" للاحتلال بين
عامة أكبر دولة إسلامية في العالم.
أكد الباحث
بمعهد سياسة "مكافحة الإرهاب" في جامعة "رايخمان" ومنتدى التفكير الإقليمي، والزميل بمعهد "ترومان" في الجامعة العبرية بالقدس
المحتلة غيورا إليراز، أن "النتيجة السائدة في إندونيسيا هي خطاب متحيز
بالكامل نحو الجانب الفلسطيني، والنظر إليه على أنه مضطهد، وتُداس حقوقه، ورسم
صورة مفادها أن إسرائيل هي الطرف العنيف والقمعي الذي يدوس على القانون
الدولي".
وأضاف إليراز: "لعل الرد الرسمي الإندونيسي على الحرب في غزة يوضح ذلك جيدا، من حيث
تجاهل تام لهجوم حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وفي الوقت نفسه تمثيله لانتقاد صارخ للعمليات
العسكرية الإسرائيلية في القطاع، إلى حد اتهامها بارتكاب جرائم ضد الإنسانية".
وذكر في
مقال نشره موقع
"زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21" أنه "على صعيد
العدوان الإسرائيلي على لبنان، فإن إندونيسيا من بين الدول التي تساهم بجنود في
قوات اليونيفيل، ولعلها ساهمت بأكبر عدد من الجنود فيها، ما زاد من قلقها منذ
بداية العمليات البرية التي يقوم بها الاحتلال في جنوب لبنان، عقب إصابة عدد من
جنودها برصاص إسرائيلي، ما دفع وزارة الخارجية الإندونيسية إلى إدانة العمل، ووصفته
بالإرهابي، وأنه انتهاك للقانون الدولي".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار إلى أنه في ما يتعلق بالعدوان الجاري على غزة، يتم تقديم دولة الاحتلال في إندونيسيا
بأنها الطرف المعتدي، ما يتسبب في خسائر فادحة في صفوف المدنيين الفلسطينيين، فيما "تتجاهل إندونيسيا العلاقة السببية المباشرة" مع هذا العدوان، و"عدم النظر لنوايا
حماس وحزب الله العدوانية تجاه إسرائيل، وترسيخ وجودهما العسكري العميق في غزة
وجنوب لبنان، والتهديد المستمر للمستوطنات في الجنوب والشمال، وكلها مفردات مختفية
من المنظور الإندونيسي".
ورصد الكاتب أنه "عند الإشارة بإصبع الاتهام إلى إسرائيل، تذكر وزيرة الخارجية
الإندونيسية أن ما يحدث في لبنان والضفة الغربية وقطاع غزة لا ينبغي السماح له بأن
يصبح الوضع الطبيعي الجديد، ودعت إلى تنفيذ قرارات مجلس الأمن لوقف الفظائع التي ترتكبها إسرائيل، وتتطلع إندونيسيا إلى وضع حد
للاحتلال غير القانوني لفلسطين، وانتهاكات القانون الدولي من قبلها".
وأوضح أنه
"عند النظر إلى التصعيد في المحور الإسرائيلي الإيراني، والتخوف من نشوب حرب
إقليمية، تنظر إندونيسيا إليه بقلق خاص، باعتباره ينطوي على إمكانية "التأثير سلبًا
على مصالحها"، خاصة الاقتصادية، ولعلها تسعى لتحقيق ما تدعو إليه منذ نحو عقدين من
الزمن بشأن إمكاناتها الكامنة في توسيع مشاركتها كلاعب في الشرق الأوسط، بما يسهم في تحقيق الاستقرار، وحل الصراعات.
وقال إن "هذا جزء من التطلع لمكانة أعلى على الساحة
العالمية، وهو ما تم التعبير عنه بالفعل في الجهود المبذولة للمساهمة في عمليات
المصالحة في أكثر من بقعة حول العالم".
اظهار أخبار متعلقة
واستدرك
بالقول إن "رأس السلطة في إندونيسيا يوجد الآن وهو الرئيس الجديد، برابوو
سوبيانتو، يعتمد منذ عدة سنوات سياسة جزئية ومبدئية، وهو غير ملتزم بسياسة مذهبية
متشددة بشأن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وبينما تواصل إندونيسيا نفي إجراء أي
اتصالات رسمية مع إسرائيل، فقد التقى على هامش مؤتمر في البحرين نهاية عام
2021، برئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي".
وأشار إلى أنه
"على عكس الخطاب العام المناهض لإسرائيل منذ بدء عدوانها ضد غزة، فقد
عرض الرئيس برابوو، باعتباره وزيرا للدفاع أيضا، موقف دولته، ليس بأسلوب تحريضي
تجاه تل أبيب، في تصريحاته في سنغافورة في حزيران/ يونيو 2024"، حين أكد أن "كلا
الجانبين لديهما مخاوف مشروعة في ما يتعلق بأمنهما وحقهما في الوجود وحقوقهما، وندرك
أن حل هذه الأزمة يجب أن يشمل الاحترام المتبادل لحقوق واهتمامات جميع
الأطراف، ودعا حينها إلى حل عادل للقضية الفلسطينية، والاعتراف بحق إسرائيل في
الوجود، وعودة الشعب الفلسطيني إلى وطنه".
اظهار أخبار متعلقة
وأكد أنه
"يمكن التقدير أنه حتى في ظل رئاسة برابوو، فسيكون من الصعب على إندونيسيا،
لاعتبارات داخلية بالدرجة الأولى، تغيير سياستها بشكل جذري تجاه إسرائيل،
إلى حد إقامة علاقات دبلوماسية معها، لأنه لم يحدث حتى الآن تحول كبير نحو حل
سياسي متفق عليه للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وربما تقوم باستعراض موقفها بشأن
هذه المسألة".
وختم بالقول إن
"برابوو أشار إلى الاستعداد للمساهمة بقوات أمنية كبيرة لتسوية الصراعات في
المنطقة، انطلاقا من رغبته في الاندماج في القطاع في "اليوم التالي،
والترتيبات المستقبلية في جنوب لبنان، والاهتمام بوقف إطلاق النار، ما يجعل من
انخراط إندونيسيا في منع التصعيد بمثابة حافز للمرونة الإندونيسية في ما يتعلق
بسياستها تجاه إسرائيل، رغم أن ذلك ليس مضمونا".