بعد قيام المقاومة الفلسطينية في غزة بعملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023٬ والتي استهدفت مستوطنات غلاف غزة٬ وتمكنت فيها من أسر أكثر من 250 إسرائيليًا، بينهم عسكريون وضباط٬ أعلنت جبهات الإسناد المختلفة و"محور المقاومة" تأييدها لهذه العملية ومشاركتها فيها.
وبرزت الجبهة
اللبنانية في الواجهة بإعلان دعمها لعملية طوفان الأقصى٬ وشارك عدد من الفصائل الفلسطينية واللبنانية في عمليات عسكرية وجهت ضد الاحتلال الإسرائيلي وإسنادا للمقاومة.
و"محور المقاومة" هو تحالف يضم دول وجماعات مناهضة للاحتلال الإسرائيلي والنفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط.
وتقود إيران هذا المحور، الذي يشمل
حزب الله في لبنان، وحركة
حماس في فلسطين، إضافة إلى الجماعات الشيعية المسلحة في العراق٬ وجماعة أنصار الله الحوثية في اليمن.
يعتبر هذا التحالف من أبرز القوى الإقليمية التي تعمل على مواجهة السياسات الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة.
حزب الله
بعد بدأ المقاومة الفلسطينية معركة طوفان الأقصى٬ أعلن الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله الذي اغتاله الاحتلال الإسرائيلي في 27 أيلول/ سبتمبر الماضي٬ عن فتح جبهة جديدة في جنوب لبنان لدعم المقاومة الفلسطينية، مؤكدًا في خطاباته أن هذه الجبهة ستظل نشطة حتى انتهاء الحرب على غزة.
وبعد يوم من إعلان المعركة أعلن حزب الله في 8 تشرين الأول/ أكتوبر استهداف مواقع إسرائيلية في مزارع شبعا، تعبيرًا عن تضامنه ودعمه للمقاومة في قطاع غزة.
ورد جيش الاحتلال بقصف خيمة تابعة للحزب، مما أدى إلى تصاعد الهجمات وتبادل إطلاق النار بين الجانبين، وهو ما استمر طيلة العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة لعدة شهور.
وحزب الله، والمعروف محليًا بـ"المقاومة الإسلامية" في لبنان، هو حركة سياسية وعسكرية شيعية تأسست في أوائل الثمانينيات خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 15 عامًا.
واكتسب الحزب نفوذه من خلال تصديه للاحتلال الإسرائيلي ومعارضته للنفوذ الغربي في المنطقة. كما أنه عزز مكانته بعد إجبار الجيش الإسرائيلي على الانسحاب من جنوب لبنان في أيار/ مايو 2000، وتكبد الحزب خسائر كبيرة في حرب تموز/ يوليو 2006.
وتحول الحزب من كونه حركة مقاومة مسلحة إلى لاعب رئيسي في المشهد السياسي اللبناني، حيث إنه يشارك في الانتخابات ويسيطر على مناطق واسعة ذات الأغلبية الشيعية بقيادة أمينه العام السابق حسن نصر الله.
ويواصل الحزب قصف المواقع العسكرية والمستوطنات الإسرائيلية الواقعة على الحدود، بينما يقوم جيش الاحتلال بالرد عبر استهداف البلدات الحدودية اللبنانية والمناطق المحيطة بها٬ واستهداف عدد من القيادة العليا للحزب على رأسهم الأمين العام.
الجماعة الإسلامية.. قوات الفجر
الجماعة الإسلامية في لبنان، هي جماعة إسلامية سنية تأسست عام 1956 على يد الشيخ فيصل مولوي والشيخ فتحي يكن، متأثرين بفكر الإخوان المسلمين ورموزها في سوريا ومصر.
وتهدف الجماعة إلى حماية القيم والفرد في المجتمع الإسلامي، وبرز دور الجماعة بشكل لافت بعد عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية.
وظهرت قوات الفجر، الجناح المسلح للجماعة، من خلال عمليات عسكرية استهدفت مواقع الجيش الإسرائيلي المتاخمة للحدود اللبنانية، ما عكس دعمًا واضحًا لحركة حماس وكتائب القسام.
وأعلنت الجماعة التعبئة العامة وفتح باب التطوع في "قوات الفجر"، بناءً على تصريحات رئيس المكتب السياسي علي أبو ياسين ومباركة الأمين العام للجماعة محمد طقوش.
وردت قوات الاحتلال بغارة جوية استهدفت اثنين من قادة الجماعة على طريق ميدون في لبنان.
وبهذا التحول، انتقلت الجماعة من كونها مؤسسة إغاثية اجتماعية تسعى إلى إصلاح الفرد والمجتمع، إلى حركة إسلامية تعبر عن مواقفها في القضايا المحلية والعالمية، وصولاً إلى حمل السلاح ضد الاحتلال ودعم المقاومة الفلسطينية.
وكان لنائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الشهيد صالح العاروري، الذي اغتالته قوات الاحتلال في الضاحية الجنوبية ببيروت مطلع عام 2024، دور محوري في تعزيز قدرات قوات الفجر.
ومن خلال مفهوم "وحدة الساحات"، الذي ابتكره العاروري، فإنه سعى إلى توحيد جماعات محور المقاومة ضد الاحتلال، ما أسهم في تعزيز التنسيق العسكري والميداني بين هذه الفصائل.
"حماس".. طلائع طوفان الأقصى
وبرز اسم كتائب الشهيد عز الدين القسام٬ الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس٬ في لبنان كأحد الأطراف الرئيسية التي شنت سلسلة من العمليات التي استهدفت مواقع الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه على طول الحدود اللبنانية، ما ألقى الضوء على دور حركة حماس المتزايد في لبنان خلال السنوات الأخيرة.
وأعلنت الحركة عن تأسيس "طلائع طوفان الأقصى" في لبنان، داعية أبناء الشعب الفلسطيني هناك للانضمام إليها، في ظل الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة.
وفي 4 كانون الأول/ ديسمبر 2023، أكدت الحركة في بيان لها أن هذه الخطوة تأتي "لتعزيز دور الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال" بكافة الوسائل المشروعة، ومواصلة ما بدأته عملية طوفان الأقصى. وتسعى الحركة إلى إشراك الشباب والرجال في مشروع مقاومة الاحتلال والاستفادة من طاقاتهم وقدراتهم العلمية والفنية.
ودَعت حركة حماس في لبنان جميع الفلسطينيين والشباب إلى الانضمام إلى طلائع المقاومين والمساهمة في تحرير القدس والمسجد الأقصى، والمشاركة في صناعة مستقبل القضية الفلسطينية.
ولطالما أكدت حركة حماس حرصها على عدم إحراج حلفائها في لبنان من خلال تجنب أي نشاط ميداني، وذلك بسبب حساسيات بعض الأطراف تجاه التواجد الفلسطيني.
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" تصريحات مسؤولين لبنانيين وآخرين من حركة حماس٬ بأن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في عمليات التجنيد لصالح حركة حماس وجناحها المسلح، كتائب القسام.
وأكد المسؤولون أن مئات المجندين الجدد قد انضموا إلى صفوف حركة حماس في الأشهر الأخيرة، حيث تم تسجيل هذه الزيادة في المخيمات الـ12 للاجئين الفلسطينيين في لبنان، بما في ذلك مخيم عين الحلوة، الذي يُعتبر واحدًا من أكبر المخيمات في البلاد.
وفي تطور يعكس تحولًا نوعيًا في مسار العدوان الإسرائيلي على لبنان، توسعت دائرة الاستهداف لتشمل مسؤولين في فصائل المقاومة الفلسطينية داخل المخيمات، بالإضافة إلى مناطق مكتظة بالسكان في العاصمة بيروت.
وقام الاحتلال باغتيال قائد حركة حماس في لبنان وعضو قيادتها في الخارج، فتح شريف "أبو الأمين"، داخل منزله في مخيم البص للاجئين الفلسطينيين بمنطقة صور.
وتعتبر هذه العملية هي الأولى من نوعها التي تستهدف مخيمًا فلسطينيًا بشكل مباشر منذ بدء عملية طوفان الأقصى، حيث إنه استشهد مع زوجته وابنيه. ويُذكر أن الاحتلال قام سابقًا باغتيال عدد من مسؤولي الحركة في لبنان، أبرزهم الشيخ صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الذي اغتيل في الضاحية الجنوبية لبيروت.
الجهاد.. سرايا الأقصى في لبنان
انخرطت حركة الجهاد الإسلامي في جبهة إسناد غزة، بعد أن أعلنت "سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، عن استشهاد عنصرها محمد زهير خليل جلبوط، المكنى بـ"أبي خليل"، البالغ من العمر 45 عامًا.
وأوضحت السرايا أن جلبوط كان من أبطال كتيبة الشهيد علي الأسود – ساحة سوريا.
وأضافت السرايا أن الجلبوط ارتقى على حدود فلسطين المحتلة في جنوب لبنان خلال مشاركته في معركة طوفان الأقصى، حيث كان يؤدي واجبه القتالي.
وأكدت سرايا القدس في بيانها التزامها الثابت بمواصلة الجهاد والمقاومة حتى تحقيق التحرير والعودة.
وذكر تقرير إسرائيلي أن معظم عمليات التسلل على الحدود اللبنانية تمت بواسطة عناصر حركة الجهاد الإسلامي الذين يعملون ضمن قوة الرضوان التابعة لحزب الله.
وأشار التقرير إلى أن "معظم عمليات التسلل عند الحدود اللبنانية الإسرائيلية نفذها نشطاء فلسطينيون مع بدء الحرب في قطاع غزة".
ووفقًا لجهاز الأمن العبري، فإنه تم رصد نشطاء فلسطينيين غالبيتهم من حركة الجهاد الإسلامي، يعملون كجزء من تنظيم قوة الرضوان التابعة لحزب الله.
وأضافت هيئة البث الرسمية "كان" أن هؤلاء الجنود يرتدون زي حزب الله، حيث إنه تم دمج مئات النشطاء الفلسطينيين من حركة الجهاد الإسلامي، في صفوف حزب الله، ويعملون تحت قيادته في المواجهات ضد "إسرائيل" على الحدود.
وأوضحت "كان" أن جميع محاولات التسلل التي وقعت منذ بداية الحرب نفذها نشطاء فلسطينيون وليس لبنانيين.
في وقت سابق، أعلنت "سرايا القدس" عن "استشهاد ناشطين من التنظيم، وهما محمد موسى فارس (39 عامًا) وسليمان شحادة سليمان (33 عامًا)، من كتيبة علي الأسود - ساحة سوريا"، حيث إنهما كانا ينشطان في لبنان، وذلك إثر هجوم لطيران سلاح الجو الإسرائيلي ضد أهداف لحزب الله في جنوب لبنان.
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين– القيادة العامة
تُعتبر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين– القيادة العامة، واحدة من الفصائل الفلسطينية التقليدية في لبنان، وتمثل فرعًا قوميًا يساريًا. ولعبت الجبهة دورًا بارزًا خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي بدأت في عام 1975 واستمرت حتى عام 1990.
على الصعيد العسكري، تدير الجبهة عددًا من المواقع في مناطق مختلفة من لبنان، وخاصةً في منطقة الناعمة الواقعة جنوب بيروت.
بالإضافة إلى ذلك، تمتلك الجبهة موقعًا عسكريًا في منطقة قوسايا شرق سهل البقاع اللبناني، والذي تعرض للقصف في أواخر أيار/ مايو الماضي، حيث تم توجيه الاتهامات لـ"إسرائيل" بالوقوف وراء تلك الحادثة.