من المرجح أن يساهم
قرار دول "أوبك بلس" بالالتزام بشروط صفقة إنتاج
النفط، الذي تم اتخاذه
في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر، في استقرار السوق وترسيخ أسعار النفط عند مستوى
يزيد عن 75 دولارا للبرميل.
ونقلت صحيفة "
إزفستيا" " الروسية في تقرير ترجمته "عربي21"، عن خبراء
قولهم؛ إن هذا السعر "سيكون مريحا لموردي النفط، لكن الصراع المتصاعد في
الشرق الأوسط، قد يجعل الأسعار تحقق قفزة جديدة".
ما القرار الذي اتخذته دول "أوبك بلس"؟
عُقدت لجنة المراقبة الوزارية التابعة لـ "أوبك بلس"
في تشرين الأول/ أكتوبر، وأكدت الدول الأعضاء في التحالف خلال الاجتماع،
التزامها بالمعايير الحالية لاتفاقية خفض إنتاج النفط، بينما سيكون الاجتماع
المقبل في 1 كانون الأول/ ديسمبر، وفقا لبيان التحالف.
وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ الربع الأول من عام 2024، قامت
ثماني دول من "أوبك بلس"، بما في ذلك
روسيا والمملكة العربية السعودية،
بخفض إنتاجها طوعيا بمقدار 2.2 مليون برميل يوميا.
وكان من المقرر أن تبدأ هذه الدول في إعادة ضخ هذه الكميات تدريجيا إلى سوق النفط، اعتبارا من تشرين الأول/ أكتوبر وحتى كانون الأول/ ديسمبر 2025. ولكن الدول المنتجة، اتفقت مؤخرا على تأجيل استعادة الإنتاج التدريجي من تشرين الأول/ أكتوبر إلى كانون الأول/ ديسمبر، في إطار "أوبك بلس".
ويقول دميتري غوسيف، نائب رئيس مجلس الإشراف في جمعية "الشركاء الموثوقين"؛ "إن سياسة دول التحالف تساهم في استقرار الوضع في سوق النفط، وقد تعزز الأسعار عند مستوى يزيد عن 75 دولارا للبرميل، مما سيكون مريحا لموردي النفط".
ووفقا لما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإنه إذا لم تلتزم "أوبك بلس" بحدود الإنتاج، فقد تنخفض أسعار النفط إلى 50 دولارا للبرميل.
وقد شهدت أسعار النفط تراجعا خلال الشهر الماضي، وفي 3 أيلول/ سبتمبر، تم تداول برميل خام برنت عند حوالي 77 دولارا، بينما انخفض السعر في 30 من الشهر ذاته، إلى حوالي 71.8 دولارا.
وارتفعت الأسعار في الأيام الأولى من الشهر الجاري، لتتجاوز 75.5 دولارا للبرميل، وذلك على خلفية تصاعد التوترات بين إيران و"
إسرائيل".
ويقول فاليري أندريانوف، الأستاذ المساعد في الجامعة المالية التابعة للحكومة الروسية: "ستظل الأوضاع في الشرق الأوسط وآليات النمو الاقتصادي في الصين والهند، هي العوامل الرئيسية التي تؤثر على الأسعار في الأشهر المقبلة".
وأضاف أن التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط قد تدفع الأسعار نحو 80 دولارا للبرميل، بينما قد تؤدي المؤشرات الاقتصادية المتذبذبة للصين إلى انخفاضها إلى أقل من 70 دولارا.
الصراع في الشرق الأوسط يؤثر على الأسعار
وأشارت الصحيفة إلى أنه قبل اجتماع "أوبك بلس"، بدأت "إسرائيل" عملية عسكرية برية في
لبنان ضد حزب الله، وقد اغتال جيش الاحتلال الإسرائيلي الأمين العام للحزب حسن نصر الله و20 من القادة البارزين.
ووفقا للخبير ألكسندر بوتافين، المحلل في مجموعة "فينام" المالية، من الناحية النظرية يمكن لإسرائيل الرد بشكل مباشر على إيران، لكن هذا ليس ضروريّا في الوقت الحالي، حيث تواصل استهداف أعضاء "حزب الله" في لبنان.
وحسب الصحيفة، فإن العمليات العسكرية المحدودة، زادت بشكل طفيف من أسعار النفط، لكن الأسعار قد تنخفض مرة أخرى، إذا لم تحدث هجمات صاروخية واسعة النطاق.
وترى ناتاليا ميلتشاكوفا، كبيرة المحللين في "فريدوم فاينانس غلوبال"، أن العرض والطلب على النفط يبدوان متوازنين بشكل عام، إلا أن تصاعد الصراع في الشرق الأوسط ومشاركة إيران المنتجة للنفط في هذا النزاع، قد يساهمان في استمرار ارتفاع الأسعار.
وقد أشار نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك بعد اجتماع "أوبك بلس"، إلى أن السوق العالمية قد تفاعلت بقوة مع أحداث الشرق الأوسط، ولكن التصعيد المحتمل للصراع، قد تم أخذه في الاعتبار بالفعل في أسعار النفط. ويرى نوفاك أن العالم يخرج حاليّا من فترة ارتفاع الطلب على النفط، ولكن دول التحالف متفائلة بشأن نمو الاستهلاك بحلول نهاية العام.
وأشار ألكسندر نوفاك إلى أن نمو استهلاك النفط في العالم هذا العام، سيصل إلى 1.8 مليون برميل يوميّا، وهو الرقم الذي طُرح في اجتماع لجنة المراقبة في "أوبك بلس"، مضيفا أن متوسط الزيادة في استهلاك النفط الخام سيبلغ حوالي 1.7 مليون برميل يوميا حتى عام 2030، ولا يُتوقع وصول الطلب إلى ذروته حتى عام 2050.
أهمية الالتزام بالتوصيات
ويعتقد فلاديسلاف أنتونوف، المحلل المالي في "BitRiver"، أن الالتزام بتوصيات "أوبك بلس" يعد الأكثر فائدة للدول التي تعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط، مثل المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى.
وأضاف أن الأهم هو التزام أعضاء "أوبك بلس" بقيود الإنتاج وعدم خرقها، مبينا أن هذا السيناريو إيجابي لروسيا أيضا، حيث سيساعد في الحفاظ على الأسعار عند مستوى مريح يتجاوز 70 دولارا للبرميل، وهو أمر مهم لميزانية البلاد.
وأكد أنتونوف أنه في ظل ظروف الضغوط الناتجة عن العقوبات الغربية على روسيا، تساعد أسعار النفط المستقرة في دعم سعر صرف الروبل.
وتختم الصحيفة أنه على المدى القصير، من المتوقع أن تتراوح أسعار النفط بين 70 و80 دولارا لبرميل خام برنت، وأن هذا الحد الأدنى يتم دعمه من خلال إجراءات "أوبك بلس" بتقييد الإنتاج، لكن المخاطر الجيوسياسية قد تجعل الأسعار تقفز إلى أعلى حد.