ضمن مخططات
الاحتلال الإسرائيلي التي تستهدف استكمال ضم الضفة
الغربية والسيطرة على أكبر مساحة من أراضيها البالغة 5800 كيلومتر مربع، تغذي الحكومة
الإسرائيلية ما بات يعرف بسياسة الاستيطان الرعوي؛ وتقوم حكومة الاحتلال بدعم وتسليح
مليشيات مستوطنين للاعتداء على الفلسطينيين في تجمعات وقرى
الضفة الغربية ودفعهم إلى
الهجرة بعد تدمير منازلهم وحرقها، والاستيلاء على آلاف الدونمات من مراعي مواشيهم وينابيع
الماء، وإقامة مستوطنات على أرضهم بذريعة توفير مساحات لرعي مواشي المستوطنين.
تكريس
عملية الضم
جنبا
إلى جنب مع عمليات اقتحام الجيش الإسرائيلي والمستوطنين المسلحين لقرى ومدن الضفة
الغربية على مدار الساعة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كشف تقرير نشرته صحيفة يديعوت
أحرونوت أخيرا عن الأساليب التي يمارسها وزير المالية الإسرائيلي وزعيم "حزب
الصهيونية الدينية" بتسلئيل سموتريتش في الضفة الغربية، لتكريس سياسة ضمها إلى
إسرائيل، حيث يستأثر بصلاحيات في وزارة الدفاع من خلال توليه منصب وزير الشؤون المدنية
التابع لهذه الوزارة. وتبعا لذلك يعمل عبر توجيه الجيش الإسرائيلي لتفكيك وإسقاط السلطة
الفلسطينية، وتجريد الفلسطينيين من ممتلكاتهم بداية ووضعهم أمام خيارين؛ إما الموت
أو التهجير إلى خارج الضفة الغربية، أو أن يصبحوا مواطنين من الدرجة الثانية إلى
الأبد، وصولا إلى خلق واقع على الأرض يمنع أي احتمال للتقسيم الجغرافي في أي اتفاق
تسوية مع الفلسطينيين.
توجيه الجيش الإسرائيلي لتفكيك وإسقاط السلطة الفلسطينية، وتجريد الفلسطينيين من ممتلكاتهم بداية ووضعهم أمام خيارين؛ إما الموت أو التهجير إلى خارج الضفة الغربية، أو أن يصبحوا مواطنين من الدرجة الثانية إلى الأبد، وصولا إلى خلق واقع على الأرض يمنع أي احتمال للتقسيم الجغرافي في أي اتفاق تسوية مع الفلسطينيين
وبالنسبة
لتمويل المخطط المذكور، فإن سموتريتش سيقوم بتجميد أو تأخير أو منع تحويل أموال الضرائب
التي تجمعها إسرائيل للسلطة الفلسطينية؛ وهي أموال الضرائب التي تستقطعها إسرائيل على
البضائع الواردة للسلطة عبر المعابر الإسرائيلية، والمعروفة بالمقاصة، وهي الأموال
التي تسمح للسلطة الفلسطينية بدفع رواتب موظفيها البالغ عددهم 140 ألفا، بمن فيهم أفراد
الأجهزة الأمنية، ولهذا وبسبب ضائقتها المالية، تدفع لهم السلطة الفلسطينية 50 في
المائة فقط من رواتبهم الشهرية.
أما الطريقة
الأخرى التي يستخدمها سموتريتش للتضييق على الفلسطينيين فهي عدم السماح للعمال بدخول
إسرائيل، على عكس رغبة الجيش الإسرائيلي الذي يرى أن السماح لهم بالعمل يؤدي إلى تخفيف
الاحتقان بينهم.
حقائق ماثلة
مخططات ضم الضفة الغربية ليست حديثة العهد، وقد اقترح بعض
السياسيين الإسرائيليين ضم الضفة الغربية أو أجزاء منها إلى إسرائيل منذ احتلالها
من قبل الجيش الإسرائيلي في حزيران/ يونيو 1967. وكان الجزء الشرقي من
القدس أول ما
تم ضمه، وكان بحكم الأمر الواقع نتيجة وقوعه تحت الاحتلال الإسرائيلي بعد حرب 1967،
وصدر قانون ضمها (قانون القدس) في الثلاثين من تموز/ يوليو 1980، والذي رفضه مجلس الأمن
التابع للأمم المتحدة في قراره رقم 478. وتم تطبيق القانون الإسرائيلي على المستوطنات
الإسرائيلية في جميع أنحاء الضفة الغربية.
المشاريع الإسرائيلية لضم الضفة الغربية لم تتوقف منذ احتلالها في حزيران/ يونيو 1967، حيث اعتبرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، بغض النظر عن نعتها، فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق غور الأردن وشمال البحر الميت، ترسيخا عمليا للمشاريع الاستعمارية التهويدية للضفة الغربية، بما فيها مدينة القدس
أما بالنسبة لضم غور الأردن، فقد اقتُرح لأول مرة في خطة
آلون خلال عام 1967، وعاود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أيلول/ سبتمبر
2019 رهن ضمه للغور بنتيجة الانتخابات التشريعية الإسرائيلية في العام المذكور، والتي
أُعيدت مرتان بعد ذلك، وليصبح الأمر من أهم بنود أجندة حكومته الأكثر يمينية منذ
إنشاء الدولة المارقة إسرائيل عام 1948.
والثابت أن المشاريع الإسرائيلية لضم الضفة الغربية لم
تتوقف منذ احتلالها في حزيران/ يونيو 1967، حيث اعتبرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة،
بغض النظر عن نعتها، فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق غور الأردن وشمال البحر الميت،
ترسيخا عمليا للمشاريع الاستعمارية
التهويدية للضفة الغربية، بما فيها مدينة القدس.
وقد أكدت الحملات الانتخابية الإسرائيلية قبل أية انتخابات للكنيست، أنه لن يسمح بإخلاء
أي من المستعمرات، بل عملت كافة الحكومات الإسرائيلية على تنشيط الاستعمار وبناء مزيد
من المعالم الاحتلالية الصهيونية.
ولمواجهة مخاطر فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية
عبر تنشيط معالم الاحتلال، يتحتم العمل على تدويل قضية المستعمرات، وهي التي تعتبر
من أهم معالم الاحتلال، حيث يعزز قرار مجلس الأمن رقم 2334 هذا التوجه، ويؤكد عدم شرعية
المستعمرات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967، بما فيها الجزء الشرقي من القدس
الذي يضم المقدسات الإسلامية والمسيحية، كما يعتبر النشاط الاستعماري الصهيوني، بما
فيه الجدار العازل، خرقا للقانون الدولي. لهذا بات ضروريا العمل على تهيئة آليات مدروسة
من الفلسطينيين لخوض معركة قانونية ضد إنشاء المستعمرات أساسا. واللافت أن احتلال الأرض
الفلسطينية وإنشاء المستعمرات عليها كان نهجا إسرائيليا لفرض الأمر الواقع التهويدي.