سياسة عربية

جحيم "نتساريم" .. قصة محور الموت من شارون حتى نتنياهو (شاهد)

المقاومة كبدت الاحتلال خسائر فادحة في محور نتساريم- الأناضول
المقاومة كبدت الاحتلال خسائر فادحة في محور نتساريم- الأناضول
بات محور "نتساريم" هاجسا مقلقا للاحتلال مع تصاعد عمليات المقاومة التي جعلته مقبرة لأكثر من 30 جنديا منذ مطلع العام وفقا لإحصائيات جيش الاحتلال.

الموت في "نتساريم" يتخطف جنود الاحتلال من كل مكان، فإما بسلاح القنص، أو عبر طائرات "الزواري" الانتحارية أو بعمليات الإغارة التي تباغت القوات الإسرائيلية المنتشرة هناك.

فما قصة نتساريم.. وعد شارون الناكث وأمنية نتنياهو المستحيلة؟

"نتساريم" خط الحياة والموت معا
هو ممر فاصل بين غزة المدينة وشمالها عن المنطقة الوسطى وجنوبي القطاع، حيث يمتد على مسافة حوالي 7 كيلومترات، بدءا من مستوطنة "بئيري" شرقا، إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط غربا،

"نتساريم" تسمية أطلقت على مستوطنة كانت مقامة هناك قبل عام 2005، ثم سمي مفرق الشهداء لكثرة الشهداء الذين ارتقوا فيه خلال الأيام الأولى من انتفاضة الأقصى، بينهم الطفل محمد الدرة، وسائق الإسعاف بسام البلبيسي.

يحده من الشمال حي الزيتون ومن الشمال الغربي منطقتا الصبرة والشيخ عجلين، كما تجاوره منطقتا جحر الديك والمغراقة، ويقطعه شارع صلاح الدين من المنتصف، فيما تقع مدينتا الزهراء والأسرى على حدود جنوبه الأوسط وجنوبه الغربي.

كانت مستوطنة، نتساريم في قلب مشروع "الأصابع الخمسة" الاستيطاني الذي قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون عام 1971 عندما كان قائدا للمنطقة الجنوبية والمتكون من خمسة تجمعات استيطانية على بحر غزة وحتى سيناء، حيث مثلت قاعدة التمركز العسكري والاستيطاني بسبب موقعها الاستراتيجي.

وأنشئت مستوطنة نتساريم عام 1972 وأخليت منتصف 2005 بأمر من شارون الذي وعد بأنها لن تزال وقال "نتساريم كتل أبيب".

أراد الاحتلال من المنطقة أن تكون خنجرا في خاصرة غزة يقطع أوصالها، ويزيد من معاناة سكانها ويضمن التوسع الاستيطاني، حتى كثرت قصص مأساة الفلسطينيين على حواجز المحور قبل الانسحاب.

اظهار أخبار متعلقة



مصيدة محكمة.. قديمة متجددة
لطالما كانت مستوطنة نتساريم هدفا لنيران المقاومة الفلسطينية خصوصا بعد الانتفاضة الثانية عام 2000، حيث شهدت هجمات دامية قتل على إثرها العشرات من جنود الاحتلال والمستوطنين، ومن أبرزها:

مقتل تسعة جنود في أيلول/ سبتمبر عام 2000 بتفجير عبوة ناسفة، كما شهد المحور تدمير أول دبابة ميركافا منتصف عام 2001.

في 25 أيار/ مايو 2001، انطلق الاستشهادي حسين أبو نصر من مخيم جباليا، بشاحنة مليئة بالمتفجرات مستهدفا مقرا عسكريا قرب مستوطنة نتساريم، حيث صار بعدها أبو نصر أيقونة للفدائيين في القطاع.


Image1_820242919142350848961.jpg

في آذار/ مارس 2002 قتل مقاوم من سرايا القدس اثنين من المستوطنين في نتساريم قبل استشهاده.

وفي عام 2003 اقتحم مقاومان، قاعدة الحماية العسكرية للمستوطنة، حيث اندلعت معركة عنيفة أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود، واستشهد في العملية الاستشهادي سمير فودة، بينما استطاع المقاتل الثاني الانسحاب، كانت العملية مشتركة بين سرايا القدس وكتائب القسام.

اظهار أخبار متعلقة



طوفان الأقصى
تجددت مأساة محور نتساريم بالنسبة للاحتلال مع احتدام المعارك في القطاع، حيث كان مصيدة للأرتال والآليات والجنود، الذين قتلوا بالعشرات في ممر "الموت".

وكانت أشهر العمليات كمين المغرافة، حيث أوقعت القسام في نيسان/ أبريل الماضي، قوتين إسرائيليتين في كميني ألغام منفصلين، باستخدام العبوات الناسفة وصواريخ مقاتلات "إف 16" التي أطلقها الاحتلال على المدنيين ولكنها لم تنفجر، وسقط على إثر هذا الكمين 14 جنديا وضابطا إسرائيليا ما بين قتيل وجريح.



عمليات المقاومة في المحور توالت بين القنص والقصف والاشتباك، حيث شهد مقتل نحو 30 جنديا منذ بداية العام، فيما ذكرت هيئة البث العبرية، أن اللواء 16 خسر ثمانية من جنوده خلال أسبوع ونصف فقط من عملياته في محور نتساريم.



وكانت آخر العمليات هجوم مقاتلي سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي،  على قوات الاحتلال المتمركزة في مبنى بمحور نتساريم.

واشتبك المقاومون، مع جنود الاحتلال بالطابق السفلي للمنزل، حيث سمعت أصوات الاشتباكات بين الجانبين.



اظهار أخبار متعلقة



البقاء المستحيل
يصر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على البقاء في ممر نتساريم، رغم تأكيد حركة المقاومة الإسلامية حماس على الانسحاب منه كشرط أساسي في صفقة التبادل.

وشدد نتنياهو في تصريحات الأسبوع الماضي، على أن "إسرائيل وتحت أي ظرف لن تغادر ممر نتساريم  ومحور فيلادلفيا" حيث يعتبرهما "أصولا استراتيجية" لدولة الاحتلال وفق زعمه.

يتكون الممر حاليا، من ثلاثة خطوط عرضية، خصص الأول لعبور الآليات المجنزرة والثاني للمركبات والسيارات فيما بني على الثالث مواقع لتجمع الجنود ومخازن للذخيرة.

ووفقا لوسائل إعلام عبرية، فقد أحاط الجيش الإسرائيلي الممر بسواتر أسمنتية ضخمة وأخرى ترابية مرتفعة، بالإضافة لأجهزة الرصد المتطورة، وأبراج للمراقبة، لتأمين قواته من هجمات المقاومة، ولكن دون جدوى.

وبالنظر إلى وتيرة العمليات المرتفعة في المحور، فإن المكان بات هدفا سهلا للمقاومة، إذ يتيح لمقاتليها حرية المناورة واختيار الهدف بعناية فضلا عن رصده وعزله في خط جغرافي لم يكن بمقدور الاحتلال تأمينه عندما كانت المقاومة بإمكانيات ضعيفة، فكيف الحال الآن مع هذه القفزة النوعية التي يشاهدها في معارك غزة؟

ويبدو أن إصرار نتنياهو على البقاء في المحور، يشابه إلى حد كبير وعد شارون بعدم الانسحاب من القطاع، كما يتطابق مع حديث رئيس أركان جيش الاحتلال خلال حرب 2014 بيني غانتس، عن إمكانية عوة سكان غلاف غزة، لشم شقائق النعمان، لكن في التالي هجر المستوطنون مرة أخرى بفعل القصف بقذائف الهاون.
التعليقات (0)