رحم الله أبا العبد
إسماعيل هنية، فقد كان
له من اسمه نصيب، فقد رزق الهناءة في العيش، والهناءة في الممات، ونال ما تمنى في
دنياه، نسأل الله أن يرزقه ما يتمنى في أخراه إن شاء الله، فنال شهادة على يد من
قتلوا أبناءه وأحفاده وذويه، سواء من أبناء النسب، أو أبناء الشعب الفلسطيني.
كان هنية متسقا مع ذاته، ترى الهناءة في
سلوكه وممارساته، لا تفارقه ابتسامة تلازم وجهه، وتلازمه مع كل من يلقى، لم تكن
مصطنعة، بل كانت نابعة من نفس صافية، وقلب رقيق، وحسن صلة بربه، نحسبه كذلك ولا
نزكي على الله أحدا، يلمس ذلك كل من عامله، أو رآه لمرات قليلة، أو لمرة واحدة، أو
شاهده عبر وسائل الإعلام المختلفة.
رأيته عدة مرات، كلها كانت في مواقف أزمة
ومحنة لأهل غزة وللحركة، فلم أجده في كل مرة سوى بنفس الحس والهدوء، والاستبشار
والأمل في نصر الله، نفس البشاشة، في يوم السابع من أكتوبر، وكيف كانت المفاجأة
التي تمت، وفيما بعد استشهاد ذويه وأهله، رابط الجأش، واثقا فيما عند الله عز وجل.
رأيته في نقاشات يحتد فيها الحاضرون من
مشايخ وأهل علم ودعوة، يعترضون على مواقف قامت بها الحركة، وبخاصة فيما يتعلق
بإيران وسوريا، وهو يعلم أن جل الحاضرين سينتقدون ويهاجمون، رغم حبهم للحركة، لكن
عتابا شديدا لديهم، ظل محافظا على هدوئه، وإعطاء الجميع حق الكلام بكل حرية، مهما
كان سقف النقد عاليا وشديدا، تلقى كل نقد برحابة صدر، ورد على كل تساؤل بما لديه.
كان هنية متسقا مع ذاته، ترى الهناءة في سلوكه وممارساته، لا تفارقه ابتسامة تلازم وجهه، وتلازمه مع كل من يلقى، لم تكن مصطنعة، بل كانت نابعة من نفس صافية، وقلب رقيق، وحسن صلة بربه، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا، يلمس ذلك كل من عامله، أو رآه لمرات قليلة، أو لمرة واحدة، أو شاهده عبر وسائل الإعلام المختلفة.
وغالى البعض في رد الفعل، وفي التصريحات
المسيئة للرجل، ولمن معه في نفس الموقف، كان بعض القيادات يشكو من بعض المشايخ في
تصريحاتهم الحادة والمتجاوزة، ووصفهم بالخونة من أحدهم، وكان أكثر الناس تحملا
ومقابلة لما يقال بنفس الرضا والبشاشة: أبو العبد.
طالته ألسنة السوء من الإعلام الكاره
للحركة، حتى خرج سياسي يكذب على هنية وأسرته، بأنه قابع في الفنادق، وأنه وأبناؤه
في أمان، فإذ به بكل هدوء، يرسل ردا للإعلامي الذي استضاف الكذوب الذي افترى عليه،
مما اضطر الإعلامي (عمرو أديب)، لنشر رد هنية، وقد كان رده هادئا، ومركزا، ومنهيا
كل فرية تتعلق بما أثير.
ومن دلالات العيشة الهنية التي عاشها في
حياته: بساطته، فالرجل لم يكن متكلفا، لا في كلامه، ولا في أدائه، والحقيقة هذا
شأن إخوانه كذلك، لكنها كانت بادية بجلاء في هنية، فعندما زرنا غزة في إبريل سنة
2013م، وقد كنا مرافقين لشيخنا القرضاوي مع وفد من العلماء، فدعانا للغداء في
بيته، كان يخدم العلماء بنفسه، وكان الطعام على بساطته، من أطيب ما تناولناه.
ومن بساطته التي لم يراعها إعلام متربص
بالرجل وبإخوانه، أن سيارة كانت تقل الشيخ القرضاوي، فرأى أبو العبد أن ظفرا في يد
القرضاوي طال يحتاج لتقليم، بكل عفوية، طلب آلة تقليم الأظافر، وقام بنفسه بذلك
إجلالا منه للشيخ، فقام أحد المصورين بالتقاط الصورة، والتي تدل على البساطة،
وتوقير عالم تجاوز التعسين آنذاك، ليتم تحوير الصورة، إلى النيل من هنية والقرضاوي.
ورغم بساطة الرجل في هندامه، إلا أنه رزق
وسامة وهيبة، زادتها بساطته وعفويته، حتى في تواصله مع الآخرين ترى هذه العفوية
الفطرية بارزة فيه، فتراه حريصا على التواصل مع كل من وقف وقفة مع طوفان الأقصى،
ولو كانت مواقفه قبل وبعد ذلك سيئة.
من الطبيعي أن تكون نهاية من عاش بهذه
البساطة والهناءة، بما انتهت به، فإن الدنيا تظل بالنسبة له محطة سريعة، فرغم
المعيشة الهنية بطاعة ربه، كان الختام ميتة رضية، ميتة يحبها كل إنسان صالح، بل
يتمناها كل ساع في طريقه إلى الله، فليس هناك أحب ولا أفضل من الشهادة في سبيل
الله.