مقابلات

دبلوماسي فلسطيني: مؤتمر السلام الدولي سينعقد قبل نهاية العام الجاري (فيديو)

السفير عادل عطية أكد أن الاتحاد الأوروبي سيطرح قريبا خطته ورؤيته لإحياء عملية السلام بالشرق الأوسط- عربي21
السفير عادل عطية أكد أن الاتحاد الأوروبي سيطرح قريبا خطته ورؤيته لإحياء عملية السلام بالشرق الأوسط- عربي21
كشف نائب رئيس بعثة فلسطين لدى الاتحاد الأوروبي، السفير عادل عطية، أن "المؤتمر التحضيري للسلام لتمهيد طريق حل الدولتين سينعقد قبل نهاية العام الجاري، وستطرح خلاله الخطة والرؤية الأوروبية لإحياء عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط".

وأوضح، في مقابلة مصورة مع "عربي21"، أن "فكرة هذا المؤتمر طُرحت على مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال شهر أيار/ مايو الماضي، وكان من المفترض انعقاده قبل نهاية شهر حزيران/ يونيو الماضي، ولكن بسبب معارضة هذا الإجراء من قِبل بعض الدول مثل جمهورية التشيك والنمسا تم تأجيل النظر فيه".

وتابع عطية: "الاتحاد الأوروبي لديه قناعة تامة بوجوب إعادة إحياء عملية السلام، والبدء فورا في تنفيذ حل الدولتين لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ووضع خطة سلام شاملة لليوم التالي لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة".


وأشار الدبلوماسي الفلسطيني إلى أن "الاتحاد الأوروبي الآن يشهد تشكيلة جديدة بعد الانتخابات الأوروبية الأخيرة، وهناك تعيينات جديدة في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، والعمل مستمر للدفع باتجاه عقد هذا المؤتمر الهام".

وقال: "نحن على تواصل دائم مع الشركاء في الاتحاد الأوروبي، ونضغط عليهم من أجل التعجيل بمطالبة دولة الاحتلال أولا بوقف المجازر وحرب الإبادة، ومن ثم الانتقال فورا إلى عقد هذا المؤتمر من أجل تثبيت حل الدولتين، نظرا لأن السياسة الإسرائيلية كما شاهدنا في الفترة الأخيرة تتنكر لحل الدولتين، وترفض إقامة دولة فلسطينية مستقلة".

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

هل هناك تحركات أوروبية جديدة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة؟

هناك قناعة في الأوساط الدبلوماسية الأوروبية بأن الحل الوحيد لبسط الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط يمر عبر إقامة دولة فلسطينية مستقلة. هذه القناعة أصبحت منتشرة على نطاق واسع في الأوساط الغربية، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وجرائم الحرب وحرب الإبادة التي ترتكبها قوة الاحتلال ضد أبناء الشعب الفلسطيني.

هناك دول أوروبية اتخذت إجراءات عملية في هذا المجال مؤخرا؛ فرأينا كلا من أيرلندا، وسلوفينيا، وإسبانيا، اعترفوا رسميا بالدولة الفلسطينية المستقلة، وقالوا في البيان الذي نُشر بهذا الخصوص بأن إقدامهم على هذه الخطوة جاء للمساهمة في إحياء عملية السلام، وحماية حل الدولتين من الإجراءات التي تقوم بها دولة الاحتلال على أرض الواقع.

ونتوقع أن تقوم دول أخرى مؤثرة في الاتحاد الاوروبي باتخاذ خطوة مشابهة والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة؛ لأن الحل الوحيد للصراع الفلسطيني الإسرائيلي يمر عبر تطبيق حل الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967.

لماذا لم ينعقد المؤتمر التحضيري للسلام الذي كان من المقرر انعقاده نهاية شهر حزيران/ يونيو الماضي؟

في نطاق جهود الاتحاد الأوروبي لإحياء عملية السلام، وفرض واقع سياسي جديد، قام بالإعلان عن خطة لإحياء عملية السلام من خلال عقد مؤتمر دولي تحضيري لإحياء عملية السلام، وطُرح هذا الموضوع على مجلس وزراء الخارجية في شهر أيار/ مايو الماضي، ولكن بسبب معارضة هذا الإجراء من قِبل بعض الدول مثل جمهورية التشيك والنمسا تم تأجيل النظر في الموضوع.

الاتحاد الأوروبي لديه قناعة تامة بوجوب إعادة إحياء عملية السلام، والبدء فورا في تنفيذ حل الدولتين لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ووضع خطة سلام شاملة لليوم التالي لوقف إطلاق النار، والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

متى يمكن أن ينعقد هذا المؤتمر المرتقب؟

مُمثل السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، السيد جوزيف بوريل، كان يأمل بأن ينعقد المؤتمر قبل نهاية شهر حزيران/ يونيو من هذا العام، ولكن بسبب معارضة بعض الدول الأعضاء تم تأجيل النظر في الموضوع لحين التوصل إلى وقف إطلاق النار أولا.

الاتحاد الأوروبي الآن يشهد تشكيلة جديدة بعد الانتخابات الأوروبية الأخيرة، وهناك تعيينات جديدة في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، لكن العمل مستمر للدفع باتجاه عقد هذا المؤتمر الهام.

ولكن لنكون محقين في التحليل: لا أعتقد أن الانعقاد سيكون قريبا، خاصة وأن دولة المجر قد تسلمت رئاسة الاتحاد الأوروبي، ونحن نعلم بأنها دولة لها مواقف منحازة تماما إلى الاحتلال، ولا أعتقد أنها ستعمل على عقد هذا المؤتمر في المستقبل القريب، ولكن نأمل أن ينعقد وتُطرح الخطة والرؤية الأوروبية لإحياء عملية السلام قبل نهاية هذا العام، ونتوقع حدوث ذلك.

هل الاتحاد الأوروبي على تواصل معكم بشأن انعقاد هذا المؤتمر التحضيري للسلام؟

هناك تواصل دائم مع الشركاء في الاتحاد الأوروبي، ونحن نحاول الضغط على الأطراف المعنية في الاتحاد الأوروبي من أجل التعجيل بمطالبة دولة الاحتلال أولا بوقف المجازر، وحرب الإبادة التي تمارسها ضد أبناء شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية، ومن ثم الانتقال فورا إلى عقد هذا المؤتمر من أجل تثبيت حل الدولتين، نظرا لأن السياسة الإسرائيلية كما شاهدنا في الفترة الأخيرة تتنكر لحل الدولتين، وترفض إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهو ما عبّر عنه مسؤولي دولة الاحتلال صراحة مرارا وتكرارا.

لذا، نتواصل مع الشركاء الأوروبيين من أجل وضعهم أمام مسؤولياتهم السياسية والأخلاقية لممارسة الضغوط على دولة الاحتلال بشكل مباشر من خلال هذا المؤتمر المرتقب، لكن لم يتم الاتفاق إلى الآن على تاريخ معين لعقده.

كما عقدت لجنة المتابعة العربية المنبثقة عن القمة العربية لمتابعة قضية الاعتراف بالدولة الفلسطينية عدة لقاءات مع المسؤولين الأوروبيين، وكان آخر هذه اللقاءات في شهر نيسان/ إبريل الماضي، كما تدفع هذه اللجنة باتجاه عقد هذا المؤتمر، وباتجاه اتخاذ خطوات عملية من أجل وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

أين سيُعقد هذا المؤتمر، هل في أوروبا أم في إحدى الدول العربية؟

هناك مشاورات بين الشركاء العرب والأوروبيين في هذا الأمر، والاتحاد الأوروبي لديه الإمكانيات للعب دور أكثر فاعلية في عملية السلام، ويملك الأدوات الكافية لممارسة الضغوط على دولة الاحتلال للقبول بالشرعية الدولية، وقرارات الأمم المتحدة.

إذن التنسيق مستمر مع الدول العربية، ومع السلطة الوطنية الفلسطينية في هذا المجال، والخطوة الأولى هي الاتفاق على مبادئ هذا المؤتمر، ومخرجاته؛ فهذه هي النقطة الأهم.

أما جغرافية هذا المؤتمر فستكون في خطوة ثانية؛ فليس المهم مكان انعقاد المؤتمر، ولكن المهم وجود جدول أعمال واضح، ومخرجات واضحة له، وأن يأتي بجدول زمني مُحدد وواضح لانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي المحتلة، والبدء في تنفيذ حل الدولتين، وأن يكون هناك كذلك أداة مراقبة، وتنفيذ، بمعنى أن يراقب الاتحاد الاوروبي سلوك دولة الاحتلال، وأن يتخذ إجراءات إذا ما انتهكت مبادئ عملية السلام، أو انتهكت التزاماتها تجاه حل الدولتين.

هل الاتحاد الأوروبي يمكن أن ينشر بعثة عند معبر رفح الحدودي مع مصر؟

هناك اتفاقية فلسطينية أوروبية مصرية تعود إلى عام 2005 لنشر بعثة مراقبة أوروبية لتسهيل عبور المواطنين الفلسطينيين من معبر رفح، وهي اتفاقية قديمة؛ فلا جديد في هذا.

الجديد في الأمر هو حرب الإبادة التي تقوم بها دولة الاحتلال، واحتلال معبر رفح وتدميره من قِبل قوات الاحتلال. هذا المعبر يحتاج الآن إلى إعادة بناء وتأهيل، وإذا ما تم التوافق مع السلطة الوطنية الفلسطينية والسلطات المصرية فأعتقد أن الاتحاد الاوروبي جاهز تماما لنشره بعثته هناك، وقد عبّر في العديد من المناسبات عن إعادة نشر هذه البعثة على حدود رفح، ولكن هناك ظروف ميدانية يجب أن تُحسم قبل أي شيء.

القوات الاحتلال الإسرائيلي عليها الانسحاب من ممر فيلاديلفيا في قطاع غزة، وهناك استحقاق سياسي على الاتحاد الأوروبي هو إعادة إطلاق وإحياء عملية السلام، وكذلك وجوب التوافق مع السلطة الوطنية الفلسطينية في هذا المجال، وهذا يتطلب بالتأكيد إعادة نشر عناصر الشرطة الفلسطينية على معبر رفح.

وفق المعطيات على أرض الواقع، هل سيتم نشر هذه البعثة الأوروبية عند معبر رفح في أعقاب وقف إطلاق النار؟

هناك ظروف سياسية يجب أن تكون مؤهلة لإعادة نشر هذه البعثة. الاتفاقية ثلاثية بين السلطة الوطنية الفلسطينية، ومصر، والاتحاد الأوروبي، ويجب توفير هذه الظروف من خلال توافق فلسطيني - فلسطيني لإعادة نشر أفراد هذه البعثة، وإعادة نشر القوات الفلسطينية على الحدود المصرية الفلسطينية في معبر رفح.

كيف تقرأون نتائج الانتخابات الأوروبية والفرنسية والبريطانية وعلاقتها بحرب غزة؟ وكيف يمكن استثمار تلك النتائج؟

نتائج هذه الانتخابات أظهرت قدرة حركات التضامن على التأثير على المواطنين في اختيار حكوماتهم، ونواب البرلمانات، وهو ما يعكس مدى استياء الشعوب الأوروبية من حرب الإبادة التي تقودها دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وتعكس رغبة هذه الشعوب في التأثير على صناع القرار في دولهم من أجل اتخاذ مواقف أكثر قربا إلى القانون الدولي، وأكثر قربا إلى الاستحقاقات الأخلاقية في هذه الدول.

فإذا نظرنا أولا إلى نتائج الانتخابات في فرنسا؛ فنجد أن حزب «فرنسا الأبية» قد تبنى القضية الفلسطينية من البداية، وبالمناسبة هذا التبني للقضية ساعد كتلته في زيادة عدد مقاعدها بشكل ملحوظ؛ فقد زاد عدد مقاعد نوابها في البرلمان الأوروبي الشهر الماضي من 6 أعضاء إلى 8 أعضاء.

وبالأمس القريب حصلت كتلة «فرنسا الأبية» وحدها على 100 مقعد في الانتخابات التشريعية الفرنسية، بما يشير إلى أن التضامن الذي إطاره الرئيس هو الشعب الفلسطيني قد انعكس إيجابيا، وجلب له أصوات المواطنين من الأصول العربية والإسلامية والفرنسية، الذين يُعبّرون عن استيائهم من سلوك الحكومة.

وهذا تقريبا نفس السيناريو الذي حدث في بريطانيا، حيث قام المواطن باختيار الأحزاب السياسية التي عبّرت صراحة وعلنا عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني، وعن إدانتها حرب الإبادة التي ترتكبها دولة الاحتلال.

بشكل عام: اليسار الأوروبي أو الأحزاب الاشتراكية الأوروبية هي أقرب إلى القضية الفلسطينية، وأكثر تأييدا للشعب الفلسطيني. زعيم حزب "فرنسا الأبية"، جان لوك ميلانشون، رفع شعارا منذ البداية وقال: "إذا وصلت إلى الحكم سأعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة"، ونحن نأمل أن يكون رئيس الوزراء القادم من كتلة اليسار، من تحالف الجبهة الشعبية الفرنسية.

كما نريد ما هو أهم من الاعتراف بالدولة، وهو ترجمة هذا الاعتراف في العلاقات الثنائية مع دولة الاحتلال، أي فرض عقوبات ملموسة على دولة الاحتلال، سواء كانت على الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم حرب، وإبادة ضد الشعب الفلسطيني، أو عقوبات على الحكومة الإسرائيلية كمؤسسة تدير حرب الإبادة، أو على الشركات الإسرائيلية بشكل عام.

حينئذ ستكون انعكاسات الانتخابات إيجابية على القضية الفلسطينية، وستعطي الدبلوماسية الفلسطينية دفعة، وستُسهّل علينا ملاحقة المسؤولين الإسرائيليين أمام المؤسسات الدولية، لا سيما محكمة الجنايات الدولية.

هناك استياء وغضب في الدبلوماسية الأوروبية من سلوك دولة الاحتلال، وهناك قناعة تامة في الأوساط الدبلوماسية في بأن حل الدولتين هو الطريق الوحيد للأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، لذلك قامت بعض الدول باتخاذ خطوات جريئة والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، ولكن إذا أقدمت الحكومة الفرنسية بقيادة رئيس وزراء من الأحزاب الاشتراكية على الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة فهذا سيشكل نقلة نوعية وهامة، لأن فرنسا قوة عظمى في القارة الأوروبية والاتحاد الأوروبي، وستتبعها دول أخرى.

أما الأدوات التي يمكن للدبلوماسية الفلسطينية استخدامها من خلال الاتحاد الأوروبي بشكل خاص، ومن خلال أعضاء البرلمان الأوروبي بشكل عام، هي وضع أوروبا أمام استحقاقاتها، والتزاماتها القانونية والأخلاقية.

نحن نركز على رفض سياسة "الكيل بعدة مكاييل"، والتعاطي مع القضية الفلسطينية وفق معايير منحازة لدولة الاحتلال، ونرى أن هناك ثمرة لهذه الجهود؛ فكما ذكرت: دولة الاحتلال بدأت تدفع على الصعيد الدبلوماسي والسياسي ثمن عدوانها على الشعب الفلسطيني؛ فهناك دول اعترفت بالدولة الفلسطينية، وهناك دول أخرى قادمة، ونأمل أن تكون فرنسا منها، وهناك عقوبات تم فرضها على المستوطنين الإسرائيليين، وعلى منظمات إرهابية يهودية تعمل في الضفة المحتلة، وهناك نقاشات في الأوساط الأوروبية على مستوى أعلى القيادات تدعو إلى ضرورة إعادة التقييم والنظر في العلاقات الأوروبية الإسرائيلية، وخاصة اتفاقيات الشراكة بسبب انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي، وقوانين حقوق الإنسان، وارتكاب جريمة إبادة.

إذن هناك فرصة ثمينة الآن أمام الشعب الفلسطيني، وأمام الدبلوماسية الفلسطينية لتحقيق بعض الانجازات الهامة "لوضع دولة الاحتلال في الزاوية"، ودفع الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات حقيقية عليها، وأعتقد أن المناخ العام في المجتمع الدولي، وبشكل خاص في بروكسل قد تغير، ونحن متفائلون من إمكانية فرض عقوبات حقيقية.

بعض الدول ألغت صفقات سلاح مع دولة الاحتلال، وبالمناسبة نحن نطالب الاتحاد الأوروبي بدعم قرارات المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة قادة على الاحتلال على الجرائم التي يرتكبونها.

إلا أن التحدي الذي يواجه الدبلوماسية الفلسطينية هو دفع الاتحاد الأوروبي لتحمل مسؤوليته، واتخاذ خط منفصل ومستقل عن السياسة الأمريكية؛ فحتى الآن دول الاتحاد الأوروبي تمتثل بالتبعية إلى القرارات الأمريكية، وهذا ما نحذّر منه الدبلوماسيين الأوروبيين، ونوضح لهم أن الإدارة الأمريكية على مدار ثلاثين عاما من مباحثات السلام لم تفِ بالتزاماتها، أو تدفع إسرائيل لاحترام اتفاقيات السلام، كما نحذرهم كذلك من مغبة قدوم «ترامب» إلى رأس الإدارة الأمريكية.

لذا، نحن ندفع الاتحاد الأوروبي تجاه اتخاذ خطوات عملية لإنقاذ حل الدولتين؛ فهناك قناعة تامة في الأوساط الأوروبية أن الحل يمر من خلال تطبيق حل الدولتين، وقد تبنى الاتحاد الاوروبي في شهر شباط/ فبراير الماضي طرح خطة لإحياء عملية السلام، وبالبدء في تنفيذ حل الدولتين من اللحظة التي سيتم فيها التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، وهذا ما نترقب حدوثه.

نحن نحاول توظيف الفرص المتاحة والقدرات الممكنة خاصة دعم بعض الدول والاعتراف بالدولة الفلسطينية من أجل دفع الاتحاد الأوروبي كمؤسسة ومنظمة دولية وعلى مستوى الحكومات بتحمل مسؤوليتهم السياسية، والأخلاقية، والتوقف عن توفير الغطاء الدبلوماسي لدولة الاحتلال، ومحاسبتها على انتهاكات القانون الدولي.

ما أثر حرب غزة على العلاقات بين أوروبا من جهة وبين فلسطين و"إسرائيل" من جهة أخرى؟

هناك حالة اشمئزاز، وغضب، واستياء من سياسة دولة الاحتلال، وحرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني في الأوساط الأوروبية. هذا الاستياء دفع بعض الدول في الاتحاد الأوروبي إلى المطالبة بفرض عقوبات على دولة الاحتلال، وكانت هناك عقوبات بالفعل على مجموعة من المستوطنين وبعض المنظمات الإرهابية اليهودية التي تنشط في الضفة الغربية.

إسبانيا وأيرلندا رفعتا خطابا إلى رئيسة المفوضية، وطالبا فيه بإعادة النظر في اتفاقية الشراكة بين دولة الاحتلال والاتحاد الاوروبي، والعديد من دول الاتحاد قررت وقف شحن الأسلحة إلى دولة الاحتلال. إذن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودولة الاحتلال لن تكون كما كانت عليه قبل شهر تشرين الأول/ أكتوبر، بسبب حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني.

ومن جانب آخر: الاتحاد الأوروبي في جميع المناسبات يعيد التأكيد على رغبته في دعم السلطة الوطنية الفلسطينية، وتقديم المساعدة لها من أجل تعزيز قدراتها على الحوكمة، ومن أجل تعزيز قدرتها على بسط الأمن والاستقرار في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة.

الشراكة السياسية الأوروبية - الفلسطينية تعزّزت في الفترة الأخيرة، وفي المقابل العلاقات الإسرائيلية الأوروبية تشهد توترا واضحا إذا ما نظرنا إلى البيانات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي؛ فهي في الغالب تدين العدوان الإسرائيلي، وتطالب دولة الاحتلال بتنفيذ القرارات الدولية، خاصة الإجراءات الوقائية التي صدرت عن محكمة العدل الأوروبية.

ونحن نؤكد على أن العلاقات الأوروبية الإسرائيلية لن تكون كما كانت عليه في السابق، وكذلك العلاقات الفلسطينية الأوروبية في نطاق الشراكة من أجل السلام، ومن أجل الأمن في منطقة الشرق الأوسط.

كما يجب الإشارة إلى التغير في الرأي العام الأوروبي، الذي أدى للضغط على الحكومات الأوروبية، من خلال مئات الألوف من المواطنين الأوروبيين الذين نزلوا إلى شوارع عواصمهم من أجل التعبير عن غضبهم ضد العدوان الإسرائيلي، والتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يقبع تحت نيران الاحتلال.

هذه الحركة أدت إلى التأثير على التوجهات العامة في السياسة الأوروبية، وقد شاهدنا مؤخرا نتائج الانتخابات الفرنسية؛ فالقضية الفلسطينية كانت حاضرة، وكان لها تأثير في نتائج هذه الانتخابات.

كذلك الانتخابات خارج الاتحاد الأوروبي؛ ففي إنجلترا تمكن حزب العمال من العودة إلى صدارة الحكم في لندن، والقضية الفلسطينية قد لعبت أيضا دورا مهما في خيارات الناخبين الأوروبيين، وعلينا الاستمرار في توظيف هذه الفرص بطريقة ذكية لاستمرار حشد التأييد في الأوساط الشعبية الأوروبية، وحشد التأييد السياسي الأوروبي من أجل ممارسة مزيد من الضغوط على دولة الاحتلال، وفرض عقوبات عليها.
التعليقات (0)